بعد الإفراج عن مبارك، شباب الثورة يخشون من تراجع مسيرتها
٢٤ أغسطس ٢٠١٣بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أعوام على ثورة الخامس والعشرين من يناير التي ثار شبابها على نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تمّ إخلاء سبيل الرئيس المخلوع بعد تبرئته من عدة قضايا فساد آخرها ما يعرف إعلاميا بهدايا الأهرام. وقد أثار القرار استياء الحركات الثورية والأحزاب السياسية، ما دفع رئيس الوزراء حازم الببلاوي، بصفته نائب الحاكم العسكري، بوضع مبارك قيد الإقامة الجبرية لامتصاص الغضب الشعبي، خاصة وأن توقيت القرار تزامن مع تردي غير مسبوق للأوضاع الأمنية في البلاد.
انقسام بين شباب الثوار
"منذ سماع خبر الإفراج عن مبارك وأشعر أنني أعيش في كابوس مع استمرار انفعالي العصبي"، هكذا عبر محمود عوض المخرج التليفزيوني، في حديثه لـ DW عربية عن مشاعره منذ سماع خبر الإفراج عن الرئيس الأسبق، واصفا محاكمته بـ" المسرحية". ويعتقد عوض أن الإفراج عن مبارك سيؤثر على مسار الثورة، وأن ذلك جاء نتيجة لوقوف مجموعة من الفاسدين إلى جانبه، نجحوا في إيجاد ذرائع قانونية مكنته من الخروج من السجن.
وحول تداعيات قرار الإفراج حول العلاقة بين القوى الثورية المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة، قال المخرج التلفزيوني إنه لا يمكن حدوث تحالف بين تلك القوى بعد الإفراج عن مبارك، لأن القوى المناهضة للإخوان ترفض إعطاء الجماعة غطاء ثوريا. وتابع "سنطالب مرة أخرى بإعادة محاكمته عن طريق النزول إلى الشوارع، وللأسف نواجه صعوبات في الحشد بسبب عجلة الاستقرار والنظام، و سيؤتي الحشد ثماره ولكن على المدى الطويل".
إجراء قانوني
في المقابل اعتبر محمود سالم، وهو من أشهر المدونين المصريين وصاحب صاحب مدونة sandmonkey، في حديثه لـ DW عربية، أن الإفراج عن مبارك ما هو إلا إجراء قانوني لعدم جواز استمراره الاحتياطي فترة طويلة بعد فشل كل محاولات التأجيل؛ مؤكدا أن المحاكمة منذ بدايتها كانت في يد قضاء "فاسد"، حسب وصفه. ومن ثمة، كان خروجه، "أمرا ليس بأيدي أحد مع غياب الأدلة التي تدينه". في ما كانت الأدلة المقدمة "ضعيفة".
وبالنسبة لمحمود سالم، لا يشكل الإفراج عن مبارك نهاية للثورة، لأن الأخيرة لم تقم لإزالته من الحكم فحسب، بل أيضا لإنهاء مشروع التوريث، وإنقاذ البلاد من مشاكل حقيقية أكبر من شخص مبارك.
قرار "كارثي"
من جهتها، تقول انجي حمدي، القيادية بحركة شباب 6 إبريل في حديثها لـDW عربية، إن خروج مبارك ودخول الرئيس المعزول محمد مرسي إلى السجن ليست عملية تبديل أماكن وأشخاص. واعتبرت انجي أن قرار الإفراج "كارثي" في حق الثورة والشهداء ومبادئ ثورة يناير. وأضافت "ارتضينا بداية محاكمةَ مبارك بالقانون، نظرا لغياب الأصوات التي تنادي بمحاكمته محاكمة ثورية. وذلك لترسيخ دولة القانون، أمام غياب أسس المحاكم الثورية والخوف من الدخول في دائرة الانتقام".
وتضيف الناشطة، أن المحاكمة كانت "هزلية"، بعد أن أشرف عليها المجلس العسكري لامتصاص غضب الشارع، قبل أن يقوم هو ذاته بإخفاء الأدلة. وتقع مسؤولية قرار الإفراج حسب انجي حمدي على عاتق الرئيس المعزول محمد مرسي، لأن الأخير "وعد بإعادة محاكمة رموز النظام السابق وتقديم أدلة جديدة، لكنه لم يقدم على ذلك. في ما لم يتطرق الإسلاميون اللذين كانوا يحظون بالغالبية في البرلمان إلى تشريع قوانين تحمي الثورة، وعقدوا صفقات لتحقيق مصالحهم".
وفي السياق ذاته، اعتبرت الناشطة أن هناك إجراءين يجب إتباعهما حيال الإفراج عن مبارك، أحدهم "قانوني يركز على تقديم أدلة جديدة وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق وإعادة محاكمة مبارك، والثاني يدعو إلى استمرار الاحتجاجات".
تداعيات القرار
وفي نظرة تحليلية للوضع القائم، يقول محمد عباس ناجي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، في حديثه لـ DW عربية أن الإفراج عن مبارك أمر طبيعي نتيجة لإخلاء سبيله في قضايا أخرى. ولا يتوقع الباحث حدوث استياء شعبي عقب قرار الإفراج، نظرا لوجود عنف في الشارع ومواجهات أمنية في سيناء. إضافة إلى أن بعض القوى الثورية تعتبر مبارك جزء من الماضي. وبالتالي خروجه في هذا التوقيت لن يؤثر على مسار الثورة، لوجود قضايا وأولويات أخرى متصلة بالمرحلة الانتقالية والاستفتاء الشعبي والانتخابات البرلمانية والرئاسية التي وعدت بها خارطة الطريق المقدمة من قبل الجيش بعد عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز/ يوليو الماضي.
ومن جانبه، يعتقد زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن مسار ثورة 25 يناير لم يتقدم خطوة إلى الأمام، نظرا لعدة معطيات. وعلى رأسها، أن الواقع السياسي الحالي هو نفسه الذي كان قائما بعد سقوط مبارك، في محاولة للتخلص من نظام قديم ووجود نظام انتقالي يبسط فيه الجيش نفوذه، في إطار فترة انتقالية قد تطول.
واعتبر عقل أن هناك جيل من الشباب ضاع مستقبله من أجل محاربة التخلف والفساد، الذي كان مبارك مسئولا عنه. قائلا في سخرية "تم محاكمة مبارك على قضايا مثل قضية هدايا الأهرام، وكأنها الخطيئة الكبرى التي اقترفها".