بطالة الشباب أهم تحديات التنمية البشرية في العالم العربي
٢١ ديسمبر ٢٠٠٩كشف تقرير أعد بطلب من الجامعة العربية أن البطالة خصوصا تلك التي تمس فئة الشباب، من أبرز المشاكل التي تواجه التنمية في الدول العربية، واعتبرها مؤشرا على تراجع النمو الاقتصادي في المنطقة رغم تراكم الثروات الطبيعية والبشرية فيها. وذكر التقرير أن معدل البطالة في الدول العربية يقدر ب 16% وإن كانت تتفاوت من بلد إلى آخر على حد تعبير إبراهيم السوري في حديث لدويتشه فيله، وهو خبير في شؤون التنمية الاجتماعية في الجامعة العربية واحد معدي التقرير. وأضاف الخبير العربي أن شريحة الشباب تشكل 80% من هذه النسبة وهي ظاهرة مقلقة للجميع على المستويين الحكومي والاجتماعي.
واستند التقرير إلى بيانات حكومية رسمية، إلا أن إبراهيم السوري اشتكى من غياب إحصائيات دقيقة وشاملة موثوق بها، ولم يستبعد أن تكون النسبة الحقيقية للبطالة العربية تتجاوز ما ورد في التقرير الذي صدر في إطار التحضير للقمة التنموية العربية في الكويت. وأضاف في هذا السياق أن سوق العمل العربية تتميز بقلة المرونة ما يزيد من تفاقم أزمة البطالة خصوصا بين الشباب وحاملي الشهادات.
ويتابع الخبير العربي أن الدول العربية مرت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بمرحلة نمو متزايد، دون أن يمكن ذلك من استيعاب العاطلين بشكل منهجي وطويل الأمد. ولهذا يصف الخبراء النمو في تلك "بالنمو الاقتصادي غير المنتج".
"الخصخصة و الليبرالية من عوامل تفاقم البطالة"
تداعيات ارتفاع نسبة البطالة في الدول العربية لا تقتصر على الشباب وانما تمتد لتشمل كل فئات المجتمع، كما صرح بذلك لموقعنا الخبير المصري والباحث في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة الدكتور حسنين كشك، واعتبر أن تداعيات البطالة عديدة ومتنوعة أبرزها تراجع الأجور ما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للأسرة العربية، إلى جانب تراجع الخدمات الصحية للمواطنيين.
ويؤدي النهج الليبرالي في السياسة الاقتصادية المعتمدة في معظم الدول العربية إلى تفاقم الظواهر المذكورة. ويلفت الخبير المصري إلى أن البطالة تساهم في تراجع المستوى التعليمي في العديد من الدول العربية إن لم نقل في معظمها. وهذا يساهم بدوره في زيادة اليد العاملة الرخيصة غير المتعلمة أو الماهرة. ويعزي الدكتور حسنين كشك الأسباب إلى عوامل عديدة أبرزها انعدام سياسة تنموية بعيدة المدى تأخذ النمو السكاني واحتياجات المجتمع بعين الاعتبار.
ومن ابرز نتائج هذه السياسة في مصر على حد تعبير كشك، فصل الفلاح عن أرضه وابتعاده عن الإنتاج ليتحول إلى عامل فقير يبحث عن لقمة عيش في المدن بدلا من أن يكون منتجا في الريف. وهذه الظاهرة يمكن تعميمها على كل الدول العربية تقريبا. وبذلك تنضم سنويا أعداد هائلة إلى جيش العاطلين في الحواضر، فيما الجهاز الحكومي عاجز عن الاستثمار في مجالات حيوية قادرة على توفير فرص العمل للشباب وحاملي الشهادات.
غياب الحريات السياسية يحرر طاقات المواطن
إذا كان الخبير لدى الجامعة العربية إبراهيم السوري يدعو إلى زيادة الاستثمارات الحكومية والخاصة في المجالات التي توفر فرص العمل كحل عاجل، فإن حسنين كشك يربط الظاهرة بالوضع السياسي ويدعو إلى إطلاق الحريات وتشجيع المشاركة السياسية والاجتماعية كحل أولي وعاجل للازمة. ويقول إن تشكيل النقابات العمالية والجمعيات المهنية الحرة والأحزاب السياسية سيساهم في رفع القيود المفروضة على المواطن ليساهم في تحرير طاقاته.
أما على الامد البعيد فيتفق كشك مع نظيره في الجامعة العربية على ضرورة زيادة الاستثمارات على مستوى الدولة وعلى مستوى القطاع الخاص حتى تتمكن سوق الشغل من استيعاب اليد العاملة، خصوصا من فئة الشباب. ويتفق الخبيران على ان محاربة البطالة من مقومات الاستقرار السياسي والإجتماعي العالم العربي، وعامل أساسي في محاربة التطرف.
الكاتب: حسن ع. حسين
مراجعة: حسن زنيند