الهجرة في زمن العولمة: ظاهرة عالمية بحاجة إلى حلول دولية مشتركة
٣ يونيو ٢٠٠٦تمثل الهجرة إحدى أهم القضايا التي تحتل صدارة الاهتمامات الوطنية والدولية في الوقت الحالي، لا سميا في ظل التوجه العالمي نحو العولمة الاقتصادية وتحرير قيود التجارة التي تقضي بفتح الحدود وتخفيف القيود على السلع وحركة رؤوس الأموال وما نتج عن ذلك من آثار اقتصادية على الدول النامية والفقيرة. في هذا السياق عقدت المفوضية الدولية لشئون الهجرة واللجوء موتمرا لها في العاصمة الألمانية برلين يوم الأربعاء الماضي (31 مايو/أيار) وذلك لمناقشة التحديات المرتبطة بظاهرة الهجرة العالمية في القرن الحادي والعشرين وكذلك بحث الفرص الرامية إلى التوصل إلى سياسة عالمية للهجرة تأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان وعملية التنمية في البلدان المصدرة للمهاجرين، إضافة إلى الآثار المترتبة على موجات الهجرة إلى الدول الصناعية المستقبلة للمهاجرين.
هذا وقد أحتل موضوع التنمية السياسية والاقتصادية ومكافحة الفقر في الدول المصدرة للمهاجرين محور التقرير الدولي. كما ركز التقرير على مناقشة التحديات والمشكلات الناجمة عن الهجرة الدولية في كل من الدول المصدرة والمستقبلة، مستعرضا في هذا السياق سياسة الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة والاندماج. كما تناول التقرير الآثار المترتبة على إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية ولاسيما على عملية التنمية هناك. وبالنسبة للدول الصناعية المستقبلة للمهاجرين فقد تطرق التقرير إلى الآثار الاجتماعية والثقافية والدينية المترتبة على الهجرة الدولية إلى هذه البلدان.
ظاهرة عالمية تستلزم تعاون دولي
وفي مقابلة مع موقع دويتشه فيله، قالت رئيسة البرلمان الألماني السابقة ريتا زوسموث التي شاركت في إعداد التقرير الدولي عن الهجرة إن الهجرة ظاهرة عالمية وهو ما يفرض بالتالي انتهاج سياسة عالمية تشترك فيها الأسرة الدولية. وتشير بصفة أسياسة إلى أسباب الهجرة القسرية الناجمة عن الفقر والحروب والعنف السياسي مطالبة بمعالجة مسألة الهجرة على أرضية تراعي فيها حقوق الإنسان لتوفير حياة إنسانية حرة وكريمة للمهاجرين. وتشير زوسموث إلى أن التحديات الأساسية التي تستدعي حلولا عالمية لظاهرة الهجرة تتمثل من ناحية في أن توقعات المهاجرين كبيرة في العيش الرغيد في الدول الصناعية، بينما تعاني بعض هذه الدول من نسبة البطالة فيها، ما يخلق ظاهرة الهجرة السرية. أما التحدي الآخر هو أن مناطق من العالم تعاني من الانفجار السكاني بينما تعاني مناطق أخرى من تراجع معدل النمو السكاني. وتعوِل زوسموث، رئيسة البرلماني الألماني سابقا، بالدرجة الأولى على تعاون وتكامل دولي لمعالجة مسألة الهجرة واللجوء
الهجرة خاصية إنسانية ـ سكانية
تعتبر الهجرة خاصية إنسانية سكانية تتمثل في الانتقال من مكان إلى آخر إما بحثا عن حياة أفضل أو هروبا من وضع سيئ. هذه الخاصية الديموغرافية المتمثلة في حق التنقل تم الاعتراف بها عالميا منذ أكثر من ربع قرن ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. من ناحية اقتصادية يمكن أن يكون للهجرة المنظمة مردودا إيجابيا كبيرا، سواء على المجتمعات المُهاجَر منها أو المُهاجَر إليها بما في ذلك نقل المهارات وإثراء الثقافات. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد المهاجرين في العالم وصل إلى حدود 200 مليون شخص. ولكن بقدر ما يسهم المهاجرون في بناء المجتمعات المستضيفة، بقدر ما يمثل ذلك خسارة موارد بشرية للدول المُهاجَر منها أي ما يعرف بهجرة العقول والكفاءات. كما أن الهجرة قد تتسبب في خلق توترات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية في البلدان المُهاجَر إليها. وهو ما جعل موضوع الهجرة الدولية ينتقل إلى صدارة الاهتمامات الوطنية والدولية. وأصبحت الهجرة الوافدة من المسائل المقلقة في عدد متزايد من البلدان الأمر الذي حدا بهذه البلدان، لاسيما في السنوات الأخيرة إلى تشديد الإجراءات تجاه المهاجرين إليها وطالبي حق اللجوء.