الموصل.. عمليات انتقام دموية بعد التحرير!
١٩ يوليو ٢٠١٧يطرح سؤال نفسه: هل الفتاة الألمانية المنحدرة من ولاية سكسونيا والبالغة من العمر 16 ربيعاً من بين من ألقت وحدات مكافحة الإرهاب العراقية القبض عليهم الأسبوع الماضي؟ تبدو المعلومات بهذا الشأن متضاربة. ولكن الأكيد أنها لو كانت من بين المعتقلين لتوجب عليها حمد الله، لأنها ما تزال على قيد الحياة.
كانت الفتاة وبعض النساء من المعتقلات، البالغ عددهن عشرين، مرتديات أحزمة ناسفة. ليس ذلك وحسب؛ فقد قالت منظمة المجتمع المدني Airwars إنه وفقط بنيران القصف على الموصل لقي على الأقل ألفي شخص مصرعهم. وكما أنه وحسب تقارير موثوقة فإن القوات العراقية لا تعذب وتعدم العناصر المقاتلة من تنظيم "داعش" فقط، بل وعائلاتهم أيضاً.
جثث ملقاة في النهر
تدعي مدونة "عين الموصل" في حسابها على "تويتر" أن القوات العراقية بدأت باعتبار كل المدنيين المتبقين في الموصل كعناصر في التنظيم وأخذت تنفذ عمليات إعدام جماعي بحقهم.
في فترة حكم "داعش" كان القائمون على المدونة يخاطرون بحياتهم وينقلون أخبار المدينة المليونية إلى العالم الخارجي. وحسب "عين الموصل" فإن من بين أسباب عمليات الإعدام بحق عائلات عناصر تنظيم "داعش" هو عدم وجود خطة للتعامل مع تلك الأسر. كما أن فيديوهات القتل والتعذيب، التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، تقود إلى استنتاج أنه وخلال معركة الموصل لم يتم الإجهاز على أحياء كاملة في المدينة فقط، بل أنه حدثت انتهاكات للقانون الدولي والقوانين الخاصة بالحرب. وكتبت صحيفة "غارديان" الإنكليزية السبت الماضي (15 تموز/يوليو 2017) أن جثثاً كثيرة كانت تطفو على نهر دجلة.
كما حظي موضوع عمليات الانتقام من عناصر التنظيم الإرهابي وعائلاتهم بنقاش في مجلس الأمن الاثنين الماضي. وقد عبر المبعوث الأممي الخاص بالعراق، جان كوبس، عن قلقه من "المزاج المتنامي للقيام بعمليات عقاب جماعية للعائلات التي يتم تصنيفها أنها مرتبطة بالتنظيم".
القوات العراقية تمارس أفعالها علانية
وأكدت بيلكس فيلي من "منظمة هيومن رايتس وتش" أن القوات العراقية تمارس أفعالهم على رؤوس الأشهاد. وقالت الخبيرة في الشأن العراقي في رسالة لـDW أن الكثير من الشهود من الجبهات قدموا شهادات مفصلة عن عمليات إعدام وتعذيب للمشتبه بانتمائهم لتنظيم "الدولة الإسلامية". غير أن أكثر ما يثير قلق الحقوقية بيلكس هو تغير المزاج؛ إذ أن القوات العراقية لم تعد تشعر أنها يجب أن تخفي أفعالها.
بل على العكس من ذلك، فقد قالت بيلكس أنها لم تلتقِ أي مسؤول في الحكومة العراقية عبر عن رغبته بإجراء تحقيق جدي لحالات التعذيب والإعدام. وقد جاء في معرض جواب مستشار لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على سؤال لـ"هيومن رايتس وتش" في الرابع عشر من تموز/يوليو أن "الحكومة ستعلن عن إجراءات ضد الضباط المتورطين، ولكن ليس الآن بل في وقت لاحق". وفي معرض تبريره أضاف المستشار بأن "مثل ذلك الإجراء سيفسد الفرحة بالنصر".
وحتى الحقوقية بيلكس نفسها لم يرد إلى علمها ولو بمثال واحد عن محاسبة مسؤول عن التعذيب والقتل والإعدام الميداني. وأكدت الحقوقية على أن تحرير الموصل هو عملية مشتركة للقوات العراقية ولـ"التحالف الدولي ضد داعش" وعلى التحالف التأكد من أن القوات العراقية، التي يدعمها بالجو، ملتزمة بالقوانين الدولية الخاصة بالحرب. وأضافت الحقوقية: "يجب على التحالف الدولي عدم توفير دعم جوي لمجرمي حرب".
هل الجيش العراقي غير متساهل على الإطلاق مع التجاوزات؟
أفاد متحدث باسم "عملية العزم الصلب" أن التحالف الدولي ضد "داعش" لا يمكنه فحص مدى صدق المعلومات الواردة في التقارير، التي تتحدث عن عمليات الإعدامات والتعذيب تلك. وقد كانت "منظمة هيومن رايتس وتش" قد حددت وبدقة عن طريق الأقمار الصناعية مكان تنفيذ إحدى الإعدامات، حيث عّذب جنود أحد المعتقلين ثم رموه من أعلى جرف. وفي نفس الفيديو يطلق الجنود النار على رجل آخر ملقى أرضاً.
في غضون ذلك قال متحدث باسم الجيش العراقي أن أي تجاوز لقوانين الحرب غير مقبول ويجب التحقيق فيها بشفافية تامة. وكما أعلن رئيس الوزراء عن أن حكومته "لن تتساهل على الإطلاق مع أي تجاوز للقوات العراقية". وبالإضافة للتصريحات فقد تم تشكيل لجنة تحقيق خاصة بهذا الشأن.
يبقى السؤال: هل ترك تشكيل اللجنة تلك انطباعاً جيداً؟ يقول أحد الخبراء بالشأن العراقي من المركز البحثي البريطاني "شاتم هاوس"، ريناد منصور، إن الجيش العراقي لديه شعور بأنه "أمِن العقوبة". وأضاف الخبير في تصريح لـDW أن فكرة حكم القانون نفسها غير واضحة في الأذهان. ويتابع الخبير في الشأن العراقي تحليله: "المجتمع العراقي يعاني وبشكل فظيع من اضطراب ما بعد الصدمة، وليس هناك مؤسسات قانونية راسخة البنيان لتقوم بإحقاق الحقيقة وتهيئة الظروف للمصالحة".
من طرفها، ترى مدونة "عين الموصل، المستقبل قاتماً: "تدمر تلك الفوضى سمعة القوات العراقية. وهذا سيعود بالنفع المباشر على داعش وسيلقي بكاهله على مستقبل الموصل".
ماتيس فون هاين/خ.س