"المتاجرة" بالرسائل الجامعية في الأردن
١٥ فبراير ٢٠١٢يؤكد طالب الدكتوراة في جامعة مؤتة / الصحفي صلاح العبادي، لـ "دي دبليو عربية"، انتشار ظاهرة الكتابة مقابل الأجر من قبل اساتذة الجامعات، ويشير الى أن المكتبات الجامعية تشهد عزوفاً من قبل الطلبة، بينما يقبل كثير منهم على المكتبات التي تُعنى ببيع مشاريع التخرج الجامعية، وكذلك الرسائل الجامعية.
"أغلبية أعضاء هيئة التدريس على علم بالموضوع"
ويرى العبادي أنه ومع بروز هذه الظاهرة فإن الغاية من اعداد الرسائل الجامعية لا تتحقق، خصوصاً وأن القائمين على هذه "التجارة" لا يراعون مهارات البحث العلمي، لأن "ما يهمهم هو تحقيق الربح المادي". ويضيف أن خطورة الظاهرة تكمن بالسرقات العلمية وتخريج طلبة لا يدركون ما هي خطوات البحث العلمي، ويؤكد أن "المشكلة تكمن بوجود اساتذة جامعات يتولون مهمة كتابة هذه الرسائل وفي الوقت نفسه هم من يشرفون عليها".
ويرى العبادي أن الحد من ظاهرة بيع مشاريع التخرج يتطلب مبادرة من وزارة التعليم العالي الاردنية باطلاق بنك معلومات للرسائل الجامعية ومشاريع التخرج، "بحيث يتم ايداع نسخة من هذه الرسائل في هذا البنك، وكذلك مراجعتها من قبل خبراء، للتدقيق عليها، ومعرفة مدى التزامها بقواعد البحث العلمي".
الى ذلك يؤكد الصحفي سعد حتر، الذي اشرف على تحقيق استقصائي حول ظاهرة بيع مشاريع التخرج، في حوار مع "دي دبليو عربية"، وجود مطالب تعجيزية من قبل مشرفي المشاريع المرتبط بعضهم بمكاتب ومراكز لبيع هذه المشاريع، مما دفع الطلبة إلى أحضان هذه المكاتب بطريقة مباشر وغير مباشرة بغية شراء مشاريع تخرجهم. ويضيف أن التحقيق كشف "أن اغلب أعضاء هيئة التدريس يعلمون بشراء طلبتهم لمشاريع التخرج".
"الشراء والتسليم ودفع ثمن المشروع الكترونيا"
ويكشف التحقيق كما يقول حتر عن استهتار وعدم مبالاة أعضاء هيئة التدريس بمشاريع التخرج من حيث الرقابة والمتابعة، وتفشي ظاهرة الواسطة والمحسوبية في تقييم المشاريع، ووجود رشاوى تحت بند "هدايا" تقدم من الطلبة لبعض أعضاء هيئة التدريس، مقابل مساعدتهم في مشاريعهم، وأبحاثهم العلمية، أو غض الطرف عن تقصيرهم في انجاز بحوثتهم الأكاديمية.
ويستخدم العديد من مكاتب بيع مشاريع التخرج، وفقا لحتر، الشبكة العنكبوتية كطريقة من طرق الترويج من خلال مواقع خاصة بالتسويق إضافة، إلى مواقع التواصل الاجتماعي "كما أن هناك مواقع الكترونية خاصة ببيع المشاريع من خلال تحديد ما يطلبه الطالب ويتم تسليم المشروع إلكترونيا ويتم الدفع الثمن إلكترونيا أيضا".
"لا يوجد رقابة جامعية ولا نصوص قانونية تجرم بيع المشاريع"
ويرى حتر أن ظاهرة بيع مشاريع التخرج تساهم في زيادة معدل البطالة بين الخريجين في الأردن نظرا لضعف مستوياتهم العلمية والبحثية، إضافة إلى عدم قدرتهم على المنافسة على الوظائف في الخارج، و"إذا لم يتم إصلاح هذه الأمور قد تفقد جامعاتنا الاعتراف الأجنبي والإقليمي بها". ويؤكد حتر غياب الرقابة الجامعية والحكومية بشكل واضح عن هذا الموضوع وعدم وجود نصوص قانونية تمنع شراء مشاريع التخرج".
وينفي استاذ الفيزياء في الجامعة الاردنية، الدكتور رياض شلطف في حوار مع "دي دبليو عربية"، فيله، وجود ظاهرة بيع مشاريع التخرج والرسائل الجامعية في الكليات العلمية، في حين يؤكد أمين عام وزارة التعليم العالي، الدكتور مصطفى العدوان، أن الوزارة لم تتلق حتى الآن شكوى معينة حول موضوع بيع مشاريع التخرج والرسائل الجامعية حتى تقوم الوزارة باجراء رسمي وتتابع ذلك مع الجهات المعنية، ويشير الى أن "المسؤولية تقع على مشرفي مشاريع التخرج وعمادات البحث والدراسات العليا في الجامعات، لأنها الجهة التي يجب أن تتحقق من صدقية البحث ومن عدم حصول الطالب عليه مكتوباً جاهزاً" من جهة أخرى.
"الجامعة لا تستطيع أن تضع جسما رقابياً اضافة الى الاساتذة"
كما يؤكد العدوان في حوار مع "دي دبليو عربية"، أن وزارة التعليم العالي، لا تملك صلاحية مداهمة المكتبات التي تبيع مشاريع التخرج، لكنها على استعداد للتعاون مع الجامعات والجهات المعنية في سبيل التقليل من هذه الظاهرة التي يلمسها العاملون في الجامعات.
من جهته يقول مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، الدكتور موسى شتيوي في حوار مع "دي دبليو عربية"، ، إن المسؤول المباشر عن التاكد من مصداقية وجودة مشاريع التخرج هو الاستاذ، وبالتالي فان الجامعة التي يوجد فيها 40 الف طالب "لا تستطيع أن تضع جسماً رقابياً اضافة الى الاساتذة المعنيين مباشرة بهذا الموضوع".
ويرى شتيوي أن ظاهرة بيع مشاريع التخرج "مقلقة جدا وخطيرة" على مستوى العلمي للجامعات الاردنية وأنها "لا تنحصر فقط بمشاريع التخرج للبكالوريوس وإنما أيضا بمشاريع الماجستير، وأحيانا الدكتوراة". ويضيف أن "الظاهرة معقدة لأن لها علاقة بنظرة الناس لعملية التعلم التي اصبحت مرتبطة بالحصول على شهادة أكثر من الحصول على التعلم".
ويخلص شتيوي الى القول بأن هناك حاجة لدراسة هذا الموضوع بشكل معمق ووضع كل اطراف العملية التعليمية أمام مسؤوليتها وعدم ترك المسالة للاساتذة، فقط بل يجب أن يكون هناك تدخل من قبل وزارة التعليم العالي أو/والجامعات للحد من هذه الظاهرة التي وصفها بانها "كارثة".
محمد خير العناسوة – عمان
مراجعة: عبده جميل المخلافي