اللاجئون في لبنان.. متى يحين دورهم بتلقي لقاح كورونا؟
١١ أبريل ٢٠٢١في لبنان، تتوالى المصاعب المعيشية على اللاجئين. فمن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها البلد، إلى أزمة سياسية عكست نفسها على كافة مفاصل الحياة فيه، إلى الانفجار الكارثي الذي أتى على مرفأ مدينة بيروت وراح ضحيته المئات بين قتلى وجرحى، يعيش اللاجئون والمهاجرون في ذلك البلد بعدم استقرار دائم، جعلهم ينظرون إلى مستقبلهم بريبة ويضعون كافة الإجراءات المفترض أنها مخصصة لخدمتهم في دائرة الشك.
ولعل جائحة كورونا التي تعصف بالبلاد حاليا جاءت لتزيد من الطين بلّة بالنسبة إلى هؤلاء، مع عدم وضوح الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة اللبنانية لتلقيح مواطنيها والمقيمين على أراضيها.
استثناء الفئات المهمشة!
منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية نشرت تقريرا الثلاثاء 6 نيسان/ أبريل تطرقت فيه إلى موضوع اللقاحات المخصصة للاجئين إجمالا في لبنان. المنظمة حذرت في تقريرها من استثناء الفئات التي سمتها "المهمشة" من برامج التلقيح الوطني، وجاء في التقرير "برنامج الحكومة اللبنانية للتلقيح ضد فيروس كورونا قد يستثني الفئات المهمّشة، بما فيها اللاجئون والعمال المهاجرون، الذين يشكلون ثلث عدد سكان البلاد".
وأشار تقرير المنظمة الحقوقية إلى أن الحكومة اللبنانية وعدت ببرنامج عادل للتطعيم، إلا أن "حملة التلقيح تسير ببطء جراء محدودية وصول اللقاحات، ويتسم تنفيذها بالتدخل السياسي وغياب المعلومات".
بيانات الأمم المتحدة في لبنان أظهرت أن معدلات الوفيات في صفوف اللاجئين، فلسطينيين وسوريين، جراء فيروس كورونا، بلغت ثلاثة وأربعة أضعاف على التوالي، مقارنة بالمواطنين اللبنانيين.
تقرير المنظمة الحقوقية الدولية ذكر أنه على منصة التسجيل الحكومية لتلقي لقاح كورونا، 2.86% فقط من الذين تلقوا اللقاح، و5.36% من المسجلين لتلقيه، هم من غير اللبنانيين، على الرغم من أنهم يشكلون 30% من السكان على الأقل". وحسب الأرقام التي قدّمتها المنظمة، "حتى الخامس من نيسان\أبريل (الجاري)، تم إعطاء اللقاح لـ3,638 فلسطينيا و1,159 سوريا فقط، علما أن 19,962 لاجئاً وموظفاً طبياً فلسطينيين و6,701 من اللاجئين السوريين مؤهلون للحصول على اللقاح في المرحلة الأولى من الحملة".
"المشكلة بعدم وصول الكميات المطلوبة من اللقاحات"
وليد حسين، صحفي في إحدى الصحف المحلية متابع لملف اللقاحات في لبنان، أكد لمهاجر نيوز تدني نسبة تسجيل غير اللبنانيين على المنصة الحكومية للقاحات، حيث لم تصل حتى إلى الـ 5%، مرجعا ذلك إلى عوامل عدة منها "قلة حماس الفئات المعنية للإقبال على الحصول على الطعم. هناك الكثير من الأخبار والشائعات المتداولة أثرت على قبول المعنيين بالحصول على اللقاح. مثلا الأخبار التي رافقت لقاح أسترازينيكا البريطاني حول تعرض بعض من حصلوا عليه إلى تجلطات دموية، جعلت الناس تنكفئ عن عملية التطعيم، على الرغم من أن لبنان لم يسجل أي حالة مشابهة حتى الآن".
حسين أكد أن الحملة على المستوى الوطني بدأت قبل سبعة أسابيع، وأن الإعلان الرسمي يشمل تلقيح كافة المقيمين على الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن جنسياتهم، "لكن المشكلة الرئيسية هي بعدم توفر اللقاحات حتى الآن. كنا نتوقع وصول 400 ألف لقاح أسترازينيكا الأسبوع الماضي، لم تصل. ومنصة كوفاكس التي وضعتها الأمم المتحدة لتنسيق توزيع اللقاحات على الدول الفقيرة لا تلبي الحاجة... لبنان تلقى قرضا من البنك الدولي لشراء لقاحات كافية لكافة المقيمين على أراضيه، لكن أعود وأؤكد أن الكميات التي وصلت ضئيلة للغاية".
وأورد الصحفي أن هناك محاولات ومبادرات تهدف للالتفاف على هذا التأخير، "مثلا لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أعلنت عن مبادرة مع جهات أخرى تهدف لشراء 300 ألف لقاح أسترازينيكا لتلقيح الفلسطينيين في لبنان، بتمويل من الأونروا. لكن اللقاحات لم تصل بعد. أما بالنسبة إلى العمال الأجانب، تم الحديث عن مبادرات من هيئات دولية، كمنظمة العمل الدولية، بالتنسيق مع وزارة العمل اللبنانية لتأمين اللقاح لهم، لكن لم يتم إيجاد تمويل لتلك المبادرة حتى الآن".
وبالنسبة إلى السوريين، قال حسين إن "مفوضية اللاجئين هي الطرف المعني بموضوع تلقيحهم، لكن ما من معطيات كافية في هذا الخصوص".
مهاجر نيوز حاول التواصل مع المفوضية في بيروت للوقوف على آخر مستجدات هذا الملف، لكن لم نتلق ردا.
وختم الصحفي أنه "من المفترض أن يتلقى لبنان لقاحات تكفي لسبعة ملايين شخص، هذا رقم أكبر من الحاجة المباشرة. فسكان لبنان هم ستة ملايين، وإذا ما حذفنا منهم نسبة 20%، هي الفئة التي تقل أعمارها عن 19 عاما، فسيبقى لنا فائض كبير من اللقاحات. كل هذا مازال في الإطار النظري، بانتظار تزويد لبنان بالجرعات المطلوبة".
"أخشى التسجيل على المنصة، من يضمن عدم ترحيلي إلى سوريا"
مهاجر نيوز تواصل مع عدد من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في لبنان، وجميعهم أجمعوا على عدم قدرتهم على الوصول إلى المعلومات الدقيقة حول الفيروس أو عملية التلقيح.
ماهر، لاجئ فلسطيني يعيش في مخيم برج البراجنة جنوب بيروت ويعمل في إطار الأعمال اليدوية اليومية، قال لمهاجر نيوز إنه سجل والدته، البالغة من العمر 84 عاما على منصة الحكومة "قبل شهر، وحتى الآن لم يردنا أي اتصال من أي جهة بخصوص موعد تلقيها اللقاح. حال والدتي كحال الآلاف الآخرين هنا في المخيم أو في مخيمات أخرى، بعد التسجيل على المنصة لا نعرف ما الذي سيحصل".
وأضاف "نسمع عن تلقي لاجئين فلسطينيين للقاح في عدة أماكن، لكن لا نعرف كيف ولماذا تم اختيارهم دونا عن غيرهم. راجعنا الأونروا مرات عديدة للسؤال عن هذا الموضوع، هم نفسهم لا يعرفون شيئا أيضا".
أما عمر، اللاجئ السوري المقيم في لبنان منذ أربع سنوات، قال لمهاجر نيوز إنه لا يريد تسجيل والديه (أكبر من 75 عاما) على المنصة، "من يضمن لي نتائج تلك المنصة والمعلومات التي سأزودهم بها. أنا مقيم بشكل غير شرعي حاليا منذ سنتين، أنا متأكد من أنه ولحظة وصول أهلي لتلقي اللقاح سيعتقلني جهاز الأمن العام وعائلتي وسيقومون بترحيلنا. لا أثق بهذه الإجراءات. فضلا عن ذلك، لا أعتقد أنه سيكون مجانيا، أعتقد أنه سيكون علينا كلاجئين دفع ثمنه".
عبد الرحمن، وهو لاجئ سوري من حلب مقيم في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، أكد لمهاجر نيوز عدم علمه بموضوع المنصة وكيفية التسجيل عليها "كل ما أعرفه هو أن هذا المرض خطير وعلينا اتباع عدة إجراءات للوقاية منه، لا أعرف شيئا آخر. لم يصلني أي توضيح حول المنصة أو كيفية استخدامها، أو حتى إذا ما كان يحق لي الحصول على اللقاح هنا". وأورد عبد الرحمن أنه كان يفكر جديا بالذهاب إلى سوريا للحصول على اللقاح والعودة إلى لبنان، "هنا لا نعرف شيئا عن حقوقنا ولا حتى واجباتنا. إذا اتصلنا بالمفوضية سيقولون لنا كالعادة ‘انتظروا رسالة على هاتفكم‘".
ماهر يشارك عمر في وجهة نظره حول مسألة عدم الثقة بالجهات الرسمية أيضا، "كفلسطينيين لا مشكلة لدينا من جهة الإقامات وتجديدها، لكننا هنا نعاني من التمييز على كافة المستويات، ومنذ سنوات طويلة. نحن ممنوعون من العمل والتملك والاستفادة من صندوق الضمان الاجتماعي، ما الذي سيمنع الدولة من حرماننا أيضا من اللقاح؟".
المعايير نفسها لكافة المقيمين على الأراضي اللبنانية
من جهة أخرى، أكد مصطفى أبو عطية، مدير مستشفى النداء الإنساني داخل مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان) أن التسجيل على المنصة متاح للجميع، لكافة المقيمين على الأراضي اللبنانية.
وقال خلال اتصال هاتفي مع مهاجر نيوز "بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين، تقوم الأونروا بتنسيق عمليات الحصول على اللقاح، ومفوضية اللاجئين تقوم بالأمر نفسه للاجئين السوريين". وأضاف أنه خلال الاجتماعات التنسيقية "كنا نسمع من المعنيين أن الفلسطيني والسوري مثل اللبناني، سيخضعون لنفس المعاملة، وعليهم التسجيل على المنصة وانتظار دورهم، وسنطبق عليهم المعايير نفسها التي تنطبق على اللبنانيين، بمعنى أنه سيتم تلقيح من هم فوق الـ 75 عاما بداية وهكذا...".
أبو عطية أكد أن التلقيح للفلسطينيين بدأ، "هناك حالات تلقت اللقاح بالفعل في بعض المستشفيات الحكومية في الجنوب".
وبانتظار حصول لبنان على كافة الكميات المطلوبة لتنفيذ خطته الوطنية بتلقيح كافة المقيمين على أراضيه، ينتظر اللاجئون وغيرهم دورهم في الحصول على اللقاح، ويطالبون بالحق في حصولهم على المعلومات المتعلقة بوضعهم الصحي والقانوني، فضلا عن الضمانات بأن تسجيلهم في المنصة لن يؤثر على إقاماتهم على الأراضي اللبنانية.
شريف بيبي، المصدر: مهاجر نيوز