الكاتب المصري علاء الأسواني "بين غضب الرئيس وعفوه"
٩ أغسطس ٢٠١٠هل تجاوز الكاتب المصري علاء الأسواني "الخطوط الحمراء" في مقالاته المنشورة في صحيفة "الشروق" والتي انتقد فيها عدداً من رموز الحكم، وعلى رأسهم الرئيس مبارك ونجله جمال؟ وهل مارس النظام المصري ضغطاً على الصحيفة وعلى صاحبها الناشر إبراهيم المعلم ليتوقف عن نشر مقالات صاحب "عمارة يعقوبيان"؟ هذا ما جاء على موقع "فيس بوك" باسم مجموعة تسمي نفسها "أصدقاء الدكتور علاء الأسواني"؛ غير أن الكاتب نفسه صمت، ولم ينف أو يؤكد نبأ توقفه عن الكتابة، أما المقربون منه، وحسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، فقد أكدوا صحة الخبر، مشيرين إلى أن "صحيفة الشروق تتعرض منذ فترة لضغوط سياسية شديدة بسبب مقالات علاء الأسواني وأن قيادات في النظام المصري الحاكم اتصلت بالمسؤولين في الصحيفة لإبلاغهم بالاعتراض الشديد على مقالاته". وأضاف أصدقاء الأسواني أن تلك "الضغوط" أدت إلى إغلاق مصنع كبير مملوك لصاحب الجريدة، مما أدى إلى تشريد مئات العمال، ولذلك قرر الكاتب الامتناع عن الكتابة في الصحيفة "لأنه لا يقبل أن تؤدي مقالاته إلى إلحاق الأذى بصاحب الجريدة أو بأي شخص آخر".
"الأسواني في إجازة صيفية"!
"دويتشه فيله" حاولت عدة مرات الاتصال بالروائي علاء الأسواني، غير أن الاتصالات لم تكن مجدية، فالأسواني – على ما يبدو – لا يريد في الوقت الحالي التحدث لوسائل الإعلام. الشيء نفسه تكرر مع الناشر المعروف إبراهيم المعلم، مدير دار "الشروق" وصاحب الصحيفة التي تحمل اسمها. أما وائل قنديل مدير التحرير في "الشروق" فقد صرّح لـ"دويتشه فيله" بأن "علاء الأسواني لم يتوقف عن الكتابة" وأن الروائي "في إجازة صيفية عادية مثل أي كاتب". وأوضح قنديل في حديثه لـ"دويتشه فيله" أن "الأمر صور على أنه توقف عن الكتابة، غير أن كل السيناريوهات التي قيلت ليست إلا اجتهادات خاطئة، وسيستأنف الأسواني الكتابة في "الشروق" بعد أسبوع."
غير أن نفي قنديل وتوقف الأسواني "الصيفي" يطرحان أسئلة عديدة بخصوص هامش الحرية المتاح في مصر، خاصةً عندما يتعرض الكاتب إلى ملفات شائكة، مثل صحة الرئيس المصري البالغ من العمر 82 عاماً، أو عند تناوله ملفات التوريث والفساد والاستبداد وتزوير الانتخابات؛ وهي كلها موضوعات تعرض إليها صاحب رواية "شيكاغو" (53 عاماً)، المعروف بمعارضته الشديدة للنظام الحاكم. وكان الأسواني قد كتب في مقاله الأخير قبل نحو أسبوعين في "الشروق" تحت عنوان "خواطر عن صحة الرئيس" إن من حق الرأي العام أن يعرف أدق تفاصيل حياة رئيسه بدءاً من مصدر ثروته وحجمها وعلاقاته العاطفية وحتى حالته الصحية والأمراض التي يعانى منها، لأن القرارات التي يتخذها الرئيس تؤثر في مصير ملايين البشر. واستغرب الأسواني في مقاله قيام الحكومة المصرية بشن حملة مضادة نفى المسؤولون خلالها تماماً أن يكون الرئيس مريضاً وأعلنوا أن صحته على خير ما يرام، بل وأكدوا أن الموظفين الذين يعملون مع الرئيس مبارك البالغ من العمر 82 عاما يلهثون خلفه ويعجزون غالبا عن مجاراته في تحركاته الكثيرة نتيجة لنشاطه الزائد وحيويته الفائقة.
"لن ينقذك من غضب الرئيس إلا عفو الرئيس"
وكان الصحفي المصري إبراهيم عيسى قد كتب قبل عامين عدة مقالات حول صحة - أو بالأحرى مرض - الرئيس المصري. وأثارت تلك المقالات ضجة كبيرة آنذاك، وتم تقديم عيسى للمحاكمة وصدر في حقه حكم بالحبس، غير أن مبارك أصدر أمراً بالعفو عنه. علاء الأسواني علّق على تلك الحادثة في مقالته الأخيرة بقوله: "كانت الرسالة واضحة: إياك أن تتحدث أكثر مما يجب عن مرض الرئيس، لأن الرئيس قد يغضب، وإذا غضب الرئيس عليك فإن مصيراً أسود ينتظرك. لن ينقذك من غضب الرئيس إلا عفو الرئيس، لأن إرادة الرئيس في مصر فوق القانون، بل إنها في الواقع هي القانون".
سمير جريس
مراجعة: عارف جابو