الفقاعة العقارية في إسبانيا تسبب مآس اجتماعية
٢٧ يونيو ٢٠١٢بعث وزير الاقتصاد الإسباني لويز دو غيندوس برسالة الى رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر جاء فيها "أتوجه اليكم لأطلب رسميا مساعدة مالية لإعادة رسملة الكيانات المالية الاسبانية التي تحتاج اليها". وسبق لإسبانيا أن أعلنت أن قطاعها المصرفي قد يكون بحاجة إلى 62 مليار يورو في اسوأ سيناريوهات الأزمة، مستندة في ذلك إلى اختبارات المقاومة التي أجرتها بعض شركات التدقيق في الحسابات المالية.
وقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية في البلاد باستمرار مع الانهيار الذي شهدته سوق العقار الإسبانية. وتفيد الإحصائيات الرسمية أن واحدا من بين أربعة إسبان عاطل عن العمل، كما أن الكثيرين لا يقدرون على سداد أقساط القروض التي أخذوها من البنوك لشراء بيوت سكنهم مثل ادواردو كوتشاغو الذي تسلم منذ أسابيع قرار المحكمة بإفراغ شقته، لأنه مدين للبنك بأكثر من 100 ألف يورو، وهو لم يعد قادرا على تسديد أقساط الشقة التي مولها بقرض من البنك.
ادواردو المنحدر من دولة الإكوادور هاجر قبل 14 عاما إلى اسبانيا حيث اشتغل وقتها في قطاع البناء، وتلقى راتبا شهريا جيدا مكنه من شراء شقة سكنية، ويقول بأن السماسرة كانوا يصطادون وقتها المهاجرين لعرض قروض عليهم :"عندما رأوا مهاجرين توجهوا إليهم فورا، لأنهم كانوا يعلمون بأنهم بحاجة إلى سكن، هم كانوا يدركون بأننا كنا نسكن كمجموعة كبيرة مثلا من سبعة أفراد في غرفة واحدة. إنهم كانوا يعلمون أيضا أننا بحاجة إلى شيء لنعيش إلى حد ما في كرامة".
عند العجز عن تسديد الأقساط يأتي قرار الإفراغ الإجباري
ويؤكد الشاب الإكوادوري بأن السماسرة كانوا يتحينون الفرص حتى خلال استراحة العمال لتناول وجبة الفطور، وعرضوا عليهم تمويلا مصرفيا كاملا، مدعين أنه ليس هناك مخاطر، لينتزعوا تواقيع هؤلاء العمال الأجانب.
ادواردو حصل على قرض السكن من مصرف "بانكيا" الذي كان في الآونة الأخيرة موضوع عناوين صحفية كثيرة ، لأن "بانكيا" تأسس من خلال اندماج مجموعة من صناديق التوفير، من بينها "كاخا مدريد" الذي كان نشطا في قطاع العقار. ادواردو تمكن إلى حد الآن من تسديد 65 ألف يورو، لكن الشقة التي يسكن فيها مع زوجته وابنته البالغة من العمر عشر سنوات باتت ملكا للبنك، وفقدت الكثير من قيمتها، ويقول ادواردو في هذا الشأن بأن "سعر الشقة بلغ 263 ألف يورو، وهم يعرضون علي حاليا 55 ألف يورو. إنهم يرددون بأن الشراء أقل كلفة، ولكن ألم يعلموا بأنهم يعرضون علي شقتي. ذهبت إلى أحد السماسرة للبحث عن شقة للإيجار".
ادواردو حصل مجددا على تمويل من البنك بدون ضمانة ولا كفالة، لكنه يرفض الدخول في صفقة جديدة من هذا النوع. وقد صدر منذ فترة وجيزة قانون يتيح تحت شروط معينة شطب الباقي من القروض لمن عجزوا عن تسديدها، لاسيما عندما يستولي البنك على الملكية العقارية. وهذا ما يأمل فيه ادواردو الذي يتمنى البقاء في شقته كمستأجر، وهو يعول في ذلك على مساعدة بعض الجيران ونادي أنشأ لهذا الغرض، علما بأن هذا النادي يقدم الدعم حتى خلال المفاوضات مع البنك.
مبادرات شعبية للضغط على البنوك
أحد النشطاء في النادي يقول في هذا السياق:"مبادرتنا تأتي بنتائج. لقد تمكنا من منع تنفيذ 77 قرارا بالإفراغ. وفي حال عدم نجاح التحرك، فإننا نحاول إقناع البنوك بإبرام عقود إيجار تراعي الجانب الاجتماعي. فأصحاب الملكية العقارية يبقون في شققهم ويدفعوا 30 في المائة من أجرهم الشهري للإيجار".
وفي حال عدم التوصل لأي حل توافقي مع ادواردو، فإنه ُيتوقع تكرار ما حدث عدة مرات خلال محاولات إفراغ شقق السكن من أصحابها في العاصمة مدريد، وهو أنه في يوم تنفيذ حكم الإفراغ يتواصل النشطاء والجيران عبر الإنترنيت والرسائل الإلكترونية القصيرة من أجل التجمع والتظاهر لحماية السكن المعني من تدخل الشرطة. وتتيح هذه المبادرات في كثير من الحالات على الأقل تأجيل تنفيذ الإفراغ.
محمد المزياني/ راينهارد شبيغلهاور
مراجعة: حسن زنيند