العيد في ألمانيا بين الرغبة في الاحتفال والخوف على أبناء الوطن
٢٩ أغسطس ٢٠١١تقضي الشابة اليمنية سارة العيد لأول مرة خارج بلادها، وهي متخوفة من هذا الأمر، حيث تقول: "أعتقد أن أجواء العيد هنا لن تكون كما هو الحال في اليمن. ففي اليمن تجتمع العائلة كلها في بيت أكبر أفرادها سناً، ونجتمع جميعاً للصلاة. وتكون أجواء مميزة". وإن كان وجود إخوانها وأبيها يخفف عنها الأمر.
وبالنسبة لليلى السلطاني كذلك، لا توجد مراسم محددة للاحتفال بالعيد في ألمانيا على عكس ما كان عليه الأمر في تونس، حيث تبدأ تحضيرات العيد قبلها بأيام، فيحضرون الحلويات التقليدية ويلبس الأطفال الملابس الجديدة ويمرون على أفراد الأسرة لأخذ العيدية. وتتواصل احتفالات العيد في تونس لعدة أيام، حيث تقوم العائلات بزيارة بعضها البعض.
لقاءات عربية لخلق أجواء أسرية
لكن الطالبة التونسية التي تدرس الهندسة المعلوماتية في برلين، تحاول الحفاظ على الأجواء الأسرية التي تميز العيد والتي تفتقدها هنا من خلال اللقاء بالأصدقاء العرب والعائلات التونسية المقيمة في ألمانيا. وتشير ليلى إلى أن الاحتفالات هذا العام ستقتصر على عدد صغير من الأصدقاء بسبب وقوع العيد في العطلة الدراسية.
ويعد اللقاء بالعائلات العربية المقيمة في ألمانيا التعويض الأساسي لدى الشباب العربي المقيم في ألمانيا، فالطبيب السوري محمد الرفاعي، الذي يقضي العيد في ألمانيا لسادس مرة، يجد ضالته في اللقاء مع الأصدقاء والعائلات العربية ويقول: "يبدأ العيد بالصلاة، ثم نلتقي بعدها بصديقين أو ثلاثة مع عائلاتهم ونقوم بالزيارات إن أمكن، لكن بالطبع ليست هذه الزيارات بكم الزيارات التي نقوم بها في سوريا".
ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للفنان المغربي الشاب عبد الغني، الذي يلتقي بمجموعة من أصدقائه ليحتفلوا معاً ويقيموا سهرة غنائية صغيرة معاً. ويذكر عبد الغني أنه شارك في السنوات الماضية أيضاً في حفلات كانت تقام في المساجد والجمعيات الثقافية.
أما علياء، وهي مصرية جاءت إلى ألمانيا مع أسرتها وهي في الثانية من عمرها، فهي تعتبر الاستماع لأغنية والدتها المفضلة "يا ليلة العيد" لأم كلثوم تقليداً أساسياً. وتؤكد علياء أن كل الأسرة تعودت على هذا الأمر منذ الصغر. وكما سعت والدة علياء إلى أن تربط أبناءها بالثقافة المصرية من خلال الأغاني، فهي اهتمت أيضاً بنقل كل تفاصيل العيد بدءاً من الاتصال بالأقارب والأصدقاء في مصر ووصولاً إلى تحضير الملابس الجديدة والحلويات والكعك.
الأحداث العربية تلقي بظلالها على احتفالات العيد
إلا أن العيد ليس فقط الملابس الجديدة والمأكولات كما توضح علياء قائلة: "العيد الحقيقي أن يتعلم المرء التعايش مع الآخر واحترام حقوقه وأن يعرف معنى حرية الرأي ويعرف كيف يحب أخاه. والعيد الحقيقي هذا العام هو عندما يعيش العالم العربي في حرية واستقلال."
وفي هذا السياق تشير ليلى إلى أن الأحداث التي تقع في العالم العربي تؤثر على فرحتهم بالعيد، وتقول: "بالتأكيد فرحة العيد هذا العام منقوصة. نحن فرحين بما حدث في العالم العربي، لكن هناك شهداء في سوريا وفي ليبيا وضحايا من تونس على الحدود الليبية وكثير من الأسر فقدوا أبناءهم، وبالتالي فهناك حزن يخيم علينا".
من ناحية أخرى تشير ليلى إلى أن عدم استقرار الوضع في ليبيا على الحدود التونسية يجعلها تفكر كثيرا فيما يمكن أن يحدث لأسرتها هناك وتضيف: "نحن نتابع الأخبار بشكل مستمر، ولسنا مرتاحين نفسياً. فنحن نتخيل كل ما يمكن أن يحدث. بالطبع نأمل أن تكون النتيجة خيراً، لكن هذا لا يمنعنا من القلق.
"الانفتاح على الآخر جزء من العيد"
ولأن علياء ترى أن التعارف والانفتاح يعد جزءاً أساسياً من العيد، فهي لا تنسى أن تأخذ الكعك لزملائها في العمل، سعياً منها لتعريفهم بثقافتها وتشير في هذا الإطار إلى انفتاح الشعب الألماني قائلة: "إنه شعب جميل يحترم الثقافات الأخرى، وأنا أحب هذا الأمر وأرى أنه أمر هام جداً أن يجعل الشخص أصدقاءه وجيرانه يشاركونه في الأعياد".
وتوافقها ليلى الرأي، مؤكدة أن هناك اهتماما من جانب الألمان للتعرف على ثقافتها، وأنهم كثيراً ما يسألون عن التفاصيل المختلفة، محاولين أن يفهموا معنى العيد والمغزى من الصيام في الدين الإسلامي. وتضيف: "هناك أصدقاء ينتظرونني وقت الإفطار ويدعونني للعشاء معهم".
ومن ناحيته، يحاول عبد الغني أن يتواصل مع الألمان عن طريق الفن والموسيقى، مشيراً إلى أنه يتمنى أن يتمكن من إقامة حفل خاص بالعيد يدعو إليه الموسيقيين والأصدقاء والزملاء، ويضيف أن الموسيقيين الألمان الذين يتعامل معهم يعرفون الموسيقى العربية والدول العربية.
سمر كرم
مراجعة: منى صالح