الصعود المتسارع للدولار.. هل يتسبب بانهيار عملات عبر العالم؟
٣٠ سبتمبر ٢٠٢٢بفضل الارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة الذي أقره البنك المركزي الأميركي وتحسن النشاط الاقتصادي، دفعت العملة الأميركية الجنيه الإسترليني أو الروبية الهندية أو الجنيه المصري أو الوون الكوري الجنوبي نزولًا إلى مستويات لم تُعرف من قبل.
يقول براد بيكتل من مجموعة جيفريز إنه "من الواضح أننا نشهد تحركات قصوى (...) ويمكن للدولار أن يذهب أبعد من ذلك بكثير. لذلك قد ينتهي بنا الأمر إلى وضع كارثي" بالنسبة لبعض العملات.
لم يكن لتحرك معظم البنوك المركزية، مثل بنك الاحتياطي الفدرالي وتشديد السياسة المالية، دور كبير حتى الآن، عدا عن تدخل بنك اليابان المباشر في سوق الصرف الأجنبي لدعم الين الأسبوع الماضي.
ويخشى كثيرون من أن الأمر نفسه يمكن أن ينطبق على تدخل بنك إنكلترا الذي أدى إعلانه الأربعاء عن شراء السندات البريطانية إلى تحسن سعر صرف الجنيه الإسترليني.
وعلق باتريك أوهير من موقع "بريفينغ.كوم" بقوله "لدينا بعض الشكوك في أن تكون خطة بنك انكلترا هي الحل النهائي للقلق الذي يلقي بثقله على الجنيه الإسترليني وسوق السندات في المملكة المتحدة".
وليست المملكة المتحدة الوحيدة التي تعاني من وضع سيئ، فهناك بلدان ناشئة في وضع أسوأ. فقد فقدت الروبية الباكستانية 29% من قيمتها في عام واحد مقابل الدولار، وخسر الجنيه المصري 20%. فباكستان ومصر وسريلانكا وبنغلادش "تعاني جميعها من نقص السيولة على مستوى العالم"، وفق وين ثين من مجموعة "بي بي اتش انفسترز سيرفيسز" (BBH Investor Services).
وأدى ارتفاع أسعار النفط والحبوب التي تعد من أبرز واردات هذه الدول إلى زيادة عجزها التجاري وزيادة التضخم، وهما عاملان يؤثران سلبًا على عملاتها. وأدى ارتفاع الدولار إلى زيادة حدة هذه الظاهرة لأن العديد من المواد الخام مسعرة بالعملة الخضراء.
يقول آدم باتون من شركة "فوريكس لايف" (ForexLive) إن "النظام المالي يتعرض لضغوط هائلة في الوقت الحالي وليست سوى مسألة وقت قبل حدوث أزمة كبيرة في أماكن أخرى من العالم".
في تايوان أو تايلاند أو كوريا الجنوبية على سبيل المثال، وهي كلها تعتمد أيضًا بشكل كبير على استيراد الطاقة، تسببت سياسة صفر كوفيد التي تتبعها الصين في انخفاض صادراتها إلى البلد العملاق، كما أن التباطؤ الاقتصادي العالمي يهدد مبادلاتها التجارية بشكل عام.
أما بالنسبة للصين واليابان، وإن كان حجم اقتصاديهما يجعلهما في وضع أفضل من جاراتهما، فقد ساهم البلدان في الأسابيع الأخيرة في الاضطرابات في سوق الصرف الأجنبي. ومن ثم انخفض الين الياباني واليوان الصيني مؤخرًا إلى أدنى مستوى لهما منذ 24 و14 عامًا على التوالي.
ومن بين البلدان القليلة التي ما زالت تربط عملتها بالدولار، أعلن لبنان الخميس أنه سيخفض قريبًا قيمة الليرة اللبنانية إلى 15 ألف ليرة للدولار الواحد، مقابل 1507 ليرة حاليًا بالسعر الرسمي.
ويبدو أن الولايات المتحدة وحدها قادرة على خفض جموح عملتها ولكن "مع ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ينظر الاحتياطي الفدرالي إلى الدولار القوي على أنه نعمة"، وفق كريستوفر فيكيو من شركة "ديلي اف اكس" (DailyFX).
وأضاف أن ذلك "يساعد في عزل الاقتصاد (الأميركي) عن الضغوط التضخمية الإضافية" إذ إن البلد يدفع أقل مقابل المنتجات المستوردة.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الثلاثاء إن التشديد النقدي الذي يقوده البنك المركزي الأميركي لا يسبب "اضطرابًا" في الأسواق المالية.
ولكن يقول آدم باتون إن "السؤال هو إلى أي مدى يجب أن تتدهور الأمور قبل أن يتحرك الاحتياطي الفدرالي الأميركي؟".
ع.ا/ع.ج.م ( أ ف ب)