السينما الألمانية في مصر- بين الإعجاب والبحث عن الذات
١ ديسمبر ٢٠١٤مخرج تلفزيوني شاب يخطو خطواته الأولى في طريق صناعة السينما، يمسك في يده جدول برامج المهرجانات ويتنقل بين دور العرض بهدف اقتناء ما يجذبه من مواضيع الافلام لمشاهدتها.
أندرو أنسي (28 عاما) يعمل بإحدى الفضائيات المصرية، وله بعض التجارب السينمائية المستقلة، بنبرة واثقة يقول: "السينما هي حياتي وأشاهد أفلاما من بلدان مختلفة، الا أن الأفلام الالمانية تحديدا لها طابع خاص بنفسي، حتى أننى أتعلم الألمانية وأنوى دراسة السينما بألمانيا "
لا تنطلق بانوراما الفيلم الاوربي من عرض الأفلام فقط وإنما أيضا من توفير مساحات للنقاش والحوار مع النقاد وصانعي الافلام.
أما مهرجان القاهرة السينمائي فقد أختار فيلم "القطع " للمخرج الألماني فاتح أكين ليكون فيلم الافتتاح الي جانب حفلة تكريم المخرج فولكر شولندورف . ومن جانب آخر فقد حظي المخرج الالماني المعروف فيم فندرز بعرض لثلاثة من افلامه وهم باريس تكساس ، النادي الاجتماعي بوينا فيستا و فيلمه الحاصل على الجائزة الخاصة بمهرجان كان لهذا العام " ملح الأرض" . كما عرض فيلم سيد الكون للمخرج الألماني مارك باودر و الوطن الاخير لادجار رايتس.
يرى أنسي أنه تلقى جرعة مكثفة من الافلام الالمانية الراوئية والوثائقية و يقول " إن مهرجان (القاهرة) وبانوراما الفيلم الاوربي فرصة ذهبية لمشاهدة أفلام لا تعرض الا في مواسم سينمائية كهذه "
الخادمة لين - هروب واقبال
إنه عنوان فيلم على قائمة المخرج الشاب "أنسي". لقد شاهده مرتين بسبب رد فعل الجمهور عليه بشكل غريب. شاهد العرض الأول لفيلم chambermaid“ الخادمة لين" في مهرجان القاهرة السينمائي للمخرج انجو هيب، حيث يتحدث الفيلم عن "منظفة لغرف فنادق تنام تحت أسرة الزبائن وتجرب ملابسهم بحثا عن هويتها الجنسية." كما يشرح أنسي.
الفيلم الذي فازت بطلته بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان ميونخ السينمائي لهذا العام أحدث ارتباكا لدى المشاهدين في المهرجان المصري، مما دفع بالبعض لمشاهدته مرةأخرى لفهمه. وعن هذا يقول أنسي: "رأيت الفيلم مرتين واكتشفت أنه رائع من حيث الصناعة والفكرة وهي تجربة ذاتية شديدة الخصوية وغريبه وصادمة لأفكارنا"
تقول الفنانة اللبنانية مادلين طبر في لقائها مع DW عن هذا الفيلم " أحببت الفيلم بكل عناصره من تصوير وأداء، وأعتقد أن هذا الفيلم يكسر كل التابوهات العربية والأقفال الموجودة في الادمغة " حسب تعبيرها . و تضيف قائلة: "أرغب في مشاهدة المزيد من الأفلام الألمانية ولكن (من خلال )اختيار موضوعات تتقارب مع مجتماعتنا نفسيا وانسانيا"
وبعد عرض فيلم "ملح الأرض للمخرج الألماني المعروف فيم فندرز في بانوراما الفيلم الاوربي يقول أحد الشباب الذي شاهد العرض: "أعجبني الفيلم. إنه ليس الفيلم الألماني الوحيد الذي أراه هذا الشهر"، ويضيف محمد كلفت (26 عاما) في حديثه مع DW" صناعة الأفلام الألمانية محكمة فنيا، ولكن نحن كمشاهدين تعودنا على رؤية الأفلام الأمريكية والمصرية " ويستدرك قائلا:" أحاول مشاهدة سينما مختلفة حتى أخلق بداخلي توازنا بعد حالة الملل من السينما المطروحة باستمرار، وأرى أن السينما الألمانية قد تصل للمشاهد بشكل أكبر لو تمت ترجمتها للعربية. فليس كل المشاهدين يتمكنون من متابعة الترجمة الانجليزية "
تعود " أنسي" على متابعة الافلام الالمانية عن كثب ويلاحظ قائلا: "إن استخدام التقنيات في الافلام الالمانية يبهرني بدقته ولكن أشعر أحيانا بفقدان الجانب العاطفي في الأفلام ربما بسبب اختلاف الثقافات أو طابع الموضوعات".
الأفلام الألمانية منتقاة
المخرج المصري الالماني سمير نصر يعتقد أن ذوق الجمهور قد تغير ويقول: " لم تعد هناك في مصر أفلام متنوعة وقد أصبح اهتمام صناع السينما بخلق سينما جديدة ضعيف "
وعن وصول السينما الألمانية إلى المصريين والعرب يقول نصر في لقائه مع DW " أعتقد أن الافلام الالمانية التي تصل الي مصر هي أفلام فنية منتقاة، ولكن الافلام التجارية لا تعرض، وربما هذا لندرتها على شاشات التلفزيون، فالمشاهد العادي لا يعرف الكثير عن السينما الألمانية، وتلك هي مشكلة القائمين على التوزيع. ثم إن الصحافة لا تهتم بإبراز الأفلام الهامة والتركيز عليها مثلما تفعل مثلا مع السينما الأمريكية أو الفرنسية "
السيدة الالمانية أنتونيا بروفيرز والتي تعيش في القاهرة منذ عامين فقد عبرت عن اعجابها بفليمي "الخادمة لين " و "ملح الأرض " و تقول: " أحب مشاهدة الأفلام الألمانية هنا لأنها تأتي في المهرجانات والأحداث الثقافية، لذا يتم اختيارها وهي فرصة جيدة لمتابعة الأفلام الفنية الجيدة " وعن أفلام هذا العام تضيف في حوارها مع DW" عددها كبير ولم أستطع متابعتها بالكامل. أما الافلام التجارية الالمانية فهي غير موجودة في مصر بالطبع "
وهنا طرح المخرج الشاب أندرو أنسي سؤالا: " من يختار تلك الأفلام لتصل ألينا " و تجيب ماريان خوري مؤسسة بانوراما الفيلم الأوربي في حديثها مع DW " نحن نجلب الأفلام المميزة في أوربا كل عام والإقبال عليها يزيد. ولا يتم تحديد عدد الأفلام التي سيتم اختيارها من كل دولة مسبقا بل نختار ما يتميز منها ونركز على أعمال مخرجين مهمين.
وعن اهتمامات الجمهور وتضيف المتحدثة: " الافلام الالمانية تشهد اقبالا كبيرا وأعتقد أنه يمكننا جلب أنواع أخرى من الأفلام مما قد يثير اهتمام جمهور أكبر في الأعوام المقبلة ". وعن الافلام الألمانية التجارية تستخلص قائلة " من خلال وجود دور عرض مثل "زاوية " يمكن عرض افلام مستقلة، كما يمكننا أن ندخل أفلاما تجارية من ألمانيا وغيرها. فالمشكلة لاتتجلى في الفيلم نفسه ولكن في دور عرض الأفلام في مسرحي المخرج الطموح أندروأنسي لا ينتهي شغفه بانتهاءالأحداث الثقافية ولكن يبدأ في بحث جديد منتهزا بذلك الفرص السانحة لمشاهدة ما يحبه من أفلام أوروبية وتحديدا الألمانية منها.