السودان- معارك عنيفة في دارفور.. والوسطاء يرون "تحسناً"
٢٦ مايو ٢٠٢٣تتواصل المعارك العنيفة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في اليوم الرابع منذ بدء سريان اتفاق وقف لإطلاق النار، فيما أعلن الوسطاء الجمعة أنه يشهد "تحسناً ملحوظا".
وقالت السعودية والولايات المتحدة اليوم (26 مايو/ايار 2023) إن التزام طرفي الصراع في السودان بوقف إطلاق النار تحسن، رغم تقارير عن اشتباكات في مناطق متفرقة من البلاد. فعلي الرغم من أن القتال هدأ قليلاً فيما يبدو، إلا أن المعارك لم تتوقف كلياً مع ورود تقارير على مدى الأيام الماضية بوقوع اشتباكات وقصف مدفعي وضربات جوية.
وتراقب الدولتان هدنة معلنة لمدة أسبوع بين الطرفين المتحاربين دخلت حيز التنفيذ يوم الاثنين بهدف السماح بتوصيل المساعدات وتقديم الخدمات الأساسية.
وأشارت السعودية والولايات المتحدة في بيان مشترك "إلى التحسن الملحوظ في احترام اتفاقية وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية في السودان يوم 25 مايو/ايار.
وبغض النظر عن رصد استخدام طائرات عسكرية وإطلاق نار متقطع في الخرطوم، فقد "تحسن الوضع في الخرطوم منذ 24 مايو/ايار، عندما اكتشفت آلية مراقبة وقف إطلاق النار انتهاكات جسيمة للاتفاقية". وأضاف البيان "في يوم 25 مايو/ايار، حذر الميسرون للاتفاقية الطرفين من مزيد من الانتهاكات وناشدوهما لتحسين احترام اتفاقية وقف إطلاق النار، وهو ما طبقه الطرفان بالفعل".
انتهاكات جسيمة
ومنذ الدقائق الأولى لهذه الهدنة التي جاءت بعد خمسة أسابيع من اندلاع الحرب، أفاد سكان في الخرطوم لوكالة فرانس برس بوقوع ضربات جوية وقصف بالمدفعية. وكان أعنف يوم على الأرجح الأربعاء عندما أعلنت قوات الدعم السريع إسقاط طائرة للجيش الذي رد بضرب مدرعات.
وقال الوسطاء السعوديون والأمريكيون في بيان إن ذلك اليوم شهد "انتهاكات جسيمة" لوقف اطلاق النار من قبل الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، فيما حذرت واشطن من أنها ستفرض "عقوبات".
وينص الاتفاق على "آلية للمراقبة" لكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن اتحاذ أي إجراء بحق أحد الطرفين.
وأكد الوسطاء أنهم حذروا الطرفين الخميس "من مزيد من الانتهاكات وناشدناهم تحسين احترام اتفاقية وقف إطلاق النار والالتزام بالشروط التي اتفقا عليها".
وفيما يتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بخرق الهدنة، دعا الصليب الأحمر إلى إسكات السلاح "لأنها مسألة حياة أو موت". وقال مدير الصلب الأحمر في السودان ألفونسو فردو بيريز "نواجه انهياراً فعلياً للنظام الصحي فيما السكان في أحوج ما يكون اليه اذ لم تعد تعمل سوى 20% فقط من المنشآت الطبية في الخرطوم".
وتابع "المستشفيات بحاجة ملحة كذلك الى المياه والكهرباء، فصلا عن حد أدني من الشروط الأمنية لمرضاها والعاملين فيها".
قتال في دارفور
وقالت سامانثا باور رئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو.إس إيد) في وقت متأخر من مساء أمس الخميس إن كمية من الحبوب تكفي لإطعام مليوني شخص ستصل للسودان على متن سفن.
لكن من غير الواضح كيف يمكن توصيل تلك الشحنة وغيرها من المساعدات - التي تقول وكالات الإغاثة إنها جاهزة - إلى الخرطوم ومناطق أخرى تضررت جراء القتال دون ضمانات أمنية وتصاريح.
ونشر مكتب المعونة الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فيديو يظهر الاستعدادات الجارية لنقل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من القتال في السودان
وأشار البيان السعودي الأمريكي إلى أن بعض المساعدات تم توصيلها للخرطوم اليوم دون ذكر تفاصيل. وقال الصليب الأحمر إنه تمكن من إيصال إمدادات لسبعة مستشفيات. وأضاف البيان السعودي الأمريكي "تمكنت فرق الصيانة من إجراء إصلاحات لبدء استعادة خدمات الاتصالات في الخرطوم ومناطق أخرى من السودان" أمس الخميس.
وخارج منطقة الخرطوم، دارت معارك في عدة مدن كبرى غرب البلاد في الأيام القليلة الماضية وفقا لما نقله نشطاء ووقعت أحدث اشتباكات في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وإلى الغرب شهدت مدينتا زالنجي والجنينة انقطاعاً تاماً في الاتصالات وسط هجمات تنفذها ميليشيات. وقال سكان في مدينة نيالا وهي الأكبر في جنوب دارفور اليوم الجمعة إن الهدوء ساد بعد قتال استمر أياماً بين الجيش وقوات الدعم السريع هناك.
أوضاع إنسانية تزداد صعوبة
في ظل هذا الوضع المتوتر، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تمكنت من بدء "توزيع مواد تخدير ومضادات حيوية وأدوية وضمادات وأمصال لمعالجة مئات الأشخاص المصابين بالسلاح" إلى "سبع مستشفيات في الخرطوم". وأكد الوسطاء أن "فرقاً للصيانة تمكنت من إجراء اصلاحات لاستعادة خدمات الاتصالات في الخرطوم وأماكن أخرى من السودان".
غير أن هذا التحسن ضئيل مقارنة بالنقص في تلبية الاحتياجات. فمنذ أكثر من أربعين يوماً تعاني أحياء كاملة في الخرطوم، العاصمة التي يقطنها خمسة ملايين سوداني، من انقطاع المياه والكهرباء وشبكات الاتصالات.
أما مستشفيات الخرطوم ودارفور، المنطقتان الأكثر تأثراً بالحرب، فأغلبها أصبح خارج الخدمة. وتلك التي لم تتعرض للقصف تعاني من نقص في مخزون الأدوية والأدوات الطبية أو تم احتلالها من قبل أحد الطرفين.
والوضع حرج خصوصاً في دارفور المنطقة الغربية الواقعة على الحدود مع تشاد، التي سبق أن شهدت حرباً دامية خلال العقد الآول من الألفية الثانية.
وأوقعت الحرب التي اندلعت في الخامس عشر من نيسان/ابريل نحو 1800 قتيل، وفق منظمة "أكلد" غير الحكومية المتخصصة في رصد النزاعات. كما ارغمت قرابة مليون شخص، على النزوح داخل السودان أحد افقر بلدان العالم، و 300 ألف سوداني على الأقل الى الدول المجاورة التي تعاني في الأصل من أزمات، بحسب الأمم المتحدة.
ويحتاج أكثر من نصف السودانيين، 25 مليونا من أصل 45 مليوناً، إلى مساعدات انسانية للبقاء على قيد الحياة، وفق الأمم المتحدة. ولكن بعد أربعة أيام من الهدنة لم يتسن تأمين أي ممر أنساني ما أعاق المدنيين الراغبين في مغادرة مناطق القتال.
ع.ح./ع.ج.م. (أ ف ب ، رويترز)