الدعم الحكومي يقوض جهود إحداث ثورة زراعية في أوروبا
١٧ مايو ٢٠١٣تنص مقترحات مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الزراعة داسيان سيولوس على أن يحصل مزارعو الدول الأوروبية ابتداء من عام 2014 على أموال دعم مباشرة من الاتحاد الأوروبي ولكن فقط عندما يلتزمون بقوانين الحفاظ على البيئة لحماية الكائنات الحية والطبيعة. وفي حال عدم احترامهم لتلك الشروط، فإنهم قد يفقدوا حتى 30 في المائة من حجم الدعم المالي الذي يتلقونه من بروكسيل.
ويشمل برنامج التمويل الأوروبي لعام 2013 ميزانية بمستوى 60 مليار يورو لقطاع الزراعة، ما يعادل 40 في المائة من الميزانية العامة للاتحاد الأوروبي. وهذا مبلغ كبير لقطاع لا يشغل أكثر من 5 في المائة من اليد العاملة في الاتحاد الأوروبي.
لكن أموال الدعم المقدمة من قبل بروكسيل تتقلص من عام إلى آخر، علما أنه يجب تصنيف دول الاتحاد الأوروبي إلى معسكرين: فالأوروبيون الشرقيون يريدون الحصول على أموال أكثر، في حين تعتبر دول أخرى أن الاقتطاعات المقترحة غير كافية. وقد فشلت مقترحات المفوض الأوروبي السنة الماضية، ما يمكن تأكيده إلى حد الآن هو أن صرف الأموال لن يتم في المستقبل إلا في حال احترام الشروط المفروضة للحفاظ على البيئة، وسيساهم ذلك في خلق بيروقراطية أكبر.
شبح البيروقراطية يثير قلق المزارعين
ويتم تحديد مبالغ أموال الدعم الخاصة بالمزارعين بطريقة بسيطة، تشكل فيها مساحة الأراضي المستغلة العامل الحاسم. فعند قيام مزارع في إيطاليا بزرع الذرة مثلا، ويقوم في السنوات الخمس الأخيرة بإنتاج القمح، فإنه يتلقى رغم ذلك ألف يورو على الهكتار الواحد كدعم مالي. وهذا يثير حفيظة ألبيرت ديس، عضو البرلمان الأوروبي من الحزب الاجتماعي المسيحي الألماني الذي قال " المزارعون في ألمانيا يفضلون الحصول على أموال أقل عوض مواجهة تدابير بيروقراطية كبيرة". وأوضح هذا المسؤول أن مصالح المزارعين تختلف من بلد إلى آخر لا يمكن معه الحديث عن قطاع موحد. وذكر ديس في هذا الإطار أن "هناك فوارق كبيرة في أموال الدعم المقدمة لمختلف الدول الأعضاء. فالمزارع في ليتوانيا يحصل على 78 يورو للهكتار فيما يتلقى زميله في اليونان 575 يورو. وهذا أمر خطير لا يمكن القبول به بعد مرور عشرين عاما على فتح حدود الدول الأوروبية".
فيلي كامبمان، رئيس رابطة المزارعين الألمان في بروكسيل ينظر هو الآخر بعين الريبة إلى هذا التطور، ويقول: "سياسة الزراعة تزداد تعقيدا، ونظام التحويلات المالية سيجلب معه بيروقراطية ضخمة، حتى مع وجود مرونة في التحرك لصالح الدول الأعضاء".
وتم إقرار أموال الدعم المباشرة في الاتحاد الأوروبي نهاية التسعينات كإجراء لتأمين مستوى أسعار الإنتاج والدخل شهري للمزارعين. لكن سياسة الدعم الأوروبية لقطاع الزراعة أثارت انتقادات في الدول النامية. لكن الأوروبيين يؤكدون أن التكاليف المنخفضة للمساحات المزروعة واليد العاملة الرخيصة في البلدان النامية تمنح هذه الأخيرة تفوقا في المنافسة في السواق العالمية.
قطاع الزراعة في غرب أوروبا يتدهور
والملاحظ أيضا هو أن دول شرق أوروبا التي تم ضمها مؤخرا إلى الاتحاد الأوروبي تقدم هي الأخرى أراض زراعية بأسعار منخفضة. وعليه فإن لوتس ليبه، عضو المفوضية الأوروبية لشؤون الزراعة ينظر بانتقاد إلى التطور الذي يشهده قطاع الزراعة الأوروبية، ويقول:"هولندا مثلا وصلت إلى حدود طاقاتها المتاحة. فالدخل الشهري للمزارعين لا يكفي، والبيئة في تدهور، وعدد المزارع الكبيرة التي يمكن تطويرها في هولندا في تراجع، لأن أصحابها يستقرون في أوروبا الشرقية بسبب وجود ظروف عمل جيدة هناك".
ويلقي لوتس ليبه باللوم في وجود فوارق كبيرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الشلل الذي يطال برنامج الإصلاح الزراعي، وقال بأن المفوضية الأوروبية لشؤون الزراعة ليست وحدها المسؤولة في ذلك، بل "إن وزراء الزراعة الذين اتخذوا القرارات، بينهم وزراء قدامى مرتبطون بلوبيات زراعية، والمفوض الأوروبي للزراعة سيولوس يكافح ضد مجموعات الضغط القوية". وأشار المسؤول إلى أن اقتراح سيولوس يأتي في الاتجاه الصحيح، بحيث إن أموال الدعم التي يتلقاها المزارعون الذين ينتجون طبقا للشروط المحافظة على البيئة تقدم لهم كتعويضات على خسائرهم في الإنتاج بمواد عضوية تراعي البيئة. وتستمر مشاورات المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس الوزراء حتى 20 من يونيو القادم حول مشروع إصلاح قطاع الزراعة الأوروبية للخروج بسياسة زراعية مشتركة. وتوصف هذه المشاورات بأنها عبارة عن معركة بين المؤسسات السياسية ومجموعات الضغط القوية.