الخلايا الكهروضوئية - كثير من الضوء وقليل من الظل
٦ يونيو ٢٠١٣أول دولة تحتل الريادة في مجال "التحول للطاقة الشمسية" في العالم، هي جزيرة صغيرة في جنوب المحيط الهادئ. منذ عام 2012 تُؤَمن كافة إمدادات الطاقة في جزيرة توكيلاو الصغيرة، من خلال 4032 وحدة من الوحدات الضوئية. وقفت وراء ذلك الإنجاز عدة أسباب مهمة لتنفيذ "مشروع توكيلاو للطاقة المتجددة"، والذي تقوم نيوزيلندا بتمويله. فنظرا للنظام الإيكولوجي الحساس في الجزيرة، كانت هناك رغبة كبيرة لإنهاء الاعتماد على الوقود والتحول إلى الطاقات المتجددة. وبغض النظر عن المخاطر الأمنية لنقل الوقود في أعالي البحار، فإن استيراد البنزين إلى تلك الجزيرة النائية يرتبط بالإضافة إلى ذلك بتكاليف مرتفعة للغاية.
وكما يرى جوناثان كينغ المدير النيوزيلندي للجزيرة الواقعة في المحيط الهادي، فإن توكيلاو تمثل نموذجا لبقية دول العالم، وهو يعتبر أيضا أن "توكيلاو البلد الصغير، حقق الآن الريادة عالميا في مجال الطاقات المتجددة، ويجب على البلدان الأكبر الاستفادة من تجربته كمعيار لجهودهم في مجال الطاقات المتجددة."
ويتفق ارمين ابيرلي الأستاذ الجامعي ومدير معهد سنغافورة للطاقة الشمسية وبحوث الطاقة، بأن للطاقة الشمسية مستقبل زاهر، ويضيف: "هناك احتمال كبير في أن تصبح الطاقة الشمسية أكثر مصادر الطاقة أهمية خلال القرن الحالي، وستفوق أهميتها الفحم والنفط والغاز. أنظمة الطاقة الشمسية المركبة في أنحاء العالم المختلفة في الوقت الراهن، تعمل بقدرة تصل إلى حوالي 100 غيغاواط، ويعادل إنتاجها من الكهرباء تقريبا، إنتاج 20 محطة للطاقة النووية، وهذه قصة نجاح عظيمة."
توقعات مشرقة للطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم
يصل إنتاج ألمانيا من الطاقة المولدة من الخلايا الكهروضوئية إلى 32.4 غيغاواط، لذا تعد حاليا أكبر الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة الشمسية، في العالم، وتليها إسبانيا وإيطاليا. وحاليا تعمل كل من الصين والولايات المتحدة واليابان وأستراليا على توسيع إنتاجها من الطاقة الشمسية، وهناك توقعات واعدة في هذا المجال وفقا لأبيرلي: "سعر الطاقة الشمسية انخفض في وقت وجيز جدا. وفي مناطق كثيرة من ألمانيا لدينا الآن تكافؤ في الشبكة، وهذا يعني أن سعر الطاقة الشمسية المنتجة ذاتيا تكلف المستهلك سعرا مساويا لسعر الكهرباء في الشبكة. وفي البلدان التي تشرق فيها الشمس لفترة أطول مثل إيطاليا وأستراليا، فإن الطاقة الشمسية بالفعل أرخص بكثير من شبكة الكهرباء، ويبلغ السعر الآن في حدود 10 إلى 15 سنتات لكل كيلوواط/ ساعة. وسوف تصبح الطاقة الشمسية رخيصة جدا في السنوات القادمة، وذلك في البلدان التي ترتبط فيها الطاقة بتكاليف عالية، حيث سيزود كل منزل مناسب تقريبا بنظام الطاقة الشمسية، وذلك لأسباب اقتصادية بحتة. كما أن الطاقة الشمسية ستساعد الناس على توفير المال، وهذا يعود في الوقت نفسه، بمزايا إيجابية على صحة البيئة."
عامل بيئي حاسم: عملية إنتاج وحدات الطاقة الشمسية
تعتبر الخلايا الكهروضوئية رفيقة للغاية بصحة المناخ، حيث يتم إنتاج الطاقة الشمسية محليا في عين المكان كما أن "وقودها" هو ضوء الشمس، وهو متوفر ومجاني في كل مكان على وجه الأرض تقريبا.
أثناء مرحلة التشغيل أيضا تعد الخلايا الكهروضوئية "تكنولوجيا صديقة للبيئة"، بحسب مكتب البيئة الاتحادي الألماني، نظرا لعدم تصاعد أية انبعاثات في تلك المرحلة.
لكن الخلايا الشمسية التي تعد نموذجا، تكشف أيضا عن سلبيات صغيرة، فمدى مراعاة التكنولوجيا لصحة البيئة على سبيل المثال، يعتمد على ما إذا كانت المصادر التي تأتي منها الطاقة اللازمة للإنتاج رفيقة بصحة البيئة أم لا. فإذا كان تصنيع لوحة الطاقة الشمسية يتم باستخدام الكهرباء المولدة من الفحم، فإن هذا يتسبب بشكل غير مباشر في انبعاث غازات دفيئة.
وعلاوة على ذلك فإن استخدام مواد مسببة للاحتباس الحراري في إنتاج نماذج محددة لتوليد الطاقة الشمسية، يلعب دورا هاما. في البداية كان يتم على سبيل المثال استخدام سادس فلوريد الكبريت (SF6)على نحو متزايد، لإنتاج الخلايا الشمسية. ووفقا لمجلس المناخ الدولي IPCC، فإن مساهمة سادس فلوريد الكبريت SF6في حدوث ظاهرة الاحترار العالمي، يفوق بحوالي 22.800 مرة مقارنة بثاني أكسيد الكربون. و تدريجيا تمت الاستعاضة عن سادس فلوريد الكبريت SF6، بثلاثي فلوريد النتروجين (NF3) ، والذي سوف يعادل ضرره على صحة المناخ 17.200 مرة مقارنة بثاني أكسيد الكربون.
الحماية من الانبعاثات - قليل من الضوء على الجانب المظلم
لكن وبالرغم من ذلك، هناك أنباء سارة أيضا وفقا لمكتب البيئة الاتحادي الألماني، فيما يتعلق بالانبعاثات الضارة بالبيئة، منها أن ثلاثي فلوريد النتروجين NF3يتحلل خلال عملية الإنتاج، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضا تخفيض نسبة كبيرة من انبعاثات ثلاثي فلوريد النتروجين NF3، عبر اتباع السبل المناسبة لمعالجة الغاز. وعلاوة على ذلك، فإن استخدام بثلاثي فلوريد النتروجين NF3في إنتاج وحدات الطاقة الشمسية غير مرغوب من الناحية الفنية، فهناك بدائل له. في ألمانيا مثلا، تم عمل في السنوات الأخيرة على تطوير تكنولوجيا بديلة. لكن ونظرا إلى أن إنتاج وحدات الطاقة الشمسية اصبح يتم على نحو متزايد في آسيا، فإن دعم وتشجيع استخدام تكنولوجيا بديلة في الإنتاج هناك أيضا، يعتبر ضروريا. أما مدى تحقق هذا، فيعتمد على الظروف البيئية لكل بلد على حدة.
أهمية التخلص السليم من النماذج القديمة
وأيضا التخلص بشكل مناسب من النماذج القديمة لإنتاج الطاقة الشمسية، يعتبر عاملا حاسما على تأثيرها البيئي. وهذا ينطبق بشكل خاص على النماذجالمعروفة بالطبقات الشمسية الرقيقة، كالخلايا الشمسية التي يمكن خياطتها في الملابس أو على حقائب الظهر، والمستخدمة بشكل خاص في حقائب الرحلات. تلك الطبقات جزء من الوحدات الرقيقة التي تحتوي على مركب الكادميوم تيلورايد Cadmium-Tellurid، وهي مادة شديدة السمية، لذا فاستخدامها يتطلب جمعها وإعادة تدويرها، إذ لا يجب أن تتسرب إلى البيئة. ولتخطي هذه المشكلة من البداية، فإن غالبية الشركات المصنعة تعتمد على الخلايا الشمسية التي يدخل السيليكون البلوري في مكوناتها، بالإضافة طبعا إلى السيليكون والزجاج والألومنيوم والنحاس والأغطية البلاستيكية، ومن السهل إعادة تدويرها أو التخلص منها.
وبشكل عام فإن إرجاع وحدات الطاقة الشمسية بعد انتهاء عمرها لا يمثل مشكلة حتى الآن. ويتراوح العمر الافتراضي للوحدات الكهروضوئية بين 20 إلى 30 عاما، بحسب تقديرات الخبير في مجال الطاقة الشمسية ابيرلي. ومن جهته يلزم الاتحاد الأوروبي بالفعل جميع الشركات المصنعة بموجب القانون، بالتخلص من الوحدات التي تقوم بتصنيعها بعد انتهاء عمرها الافتراضي.
وبشكل عام ومقارنة مع أنواع الوقود الأحفوري الأخرى مثل الفحم والغاز، فإن الطاقة الشمسية تعتبر بلا شك أكثر رفقا بصحة البيئة.
بالنسبة لجزيرة توكيلاو، فإن الاستثمار في الطاقة الشمسية، يعني أيضا أنه بانتهاء العمر الافتراضي لمحطة توليد الطاقة الشمسية في غضون ثلاثة عقود تقريبا، فإنه سيتم توفير ما يعادل 12 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما سيترك بلا شك أثرا إيجابيا على صحة البيئة.