الجلسة الأولى للبرلمان العراقي أمام تحدي الوفاق الوطني
١٦ مارس ٢٠٠٦عقد أول برلمان عراقي لفترة تشريعية كاملة منذ الغزو الأمريكي أولى جلساته صباح اليوم الخميس بعد ثلاثة أشهر من انتخابه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وافتتح عدنان الباجه جي، أكبر الأعضاء سنا الجلسة التي عقدت في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد. وحث الباجه جي، وهو سياسي سني مخضرم، العراقيين على تجنب الحرب الأهلية التي وصفها بـ"الكارثة الوطنية". وساد الطابع الإجرائي القانوني الجلسة الإفتتاحية الى حد كبير نظرا لتعثر المحادثات المتعلقة بتشكيل حكومة وحدة وطنية. كما قال الباجه جي أمام المجلس المؤلف من 275 عضوا: وأضاف ان "البلاد تمر بفترة عصيبة بعد الإحداث الأخيرة التي استهدفت مرقدي الإمامين على الهادي وحسن العسكري في سامراء وما أعقبها من عمليات زادت من الاحتقان الطائفي."
ومن الناحية النظرية فان الجلسة الأولى للبرلمان لم ترفع وذلك في مناورة قانونية تتيح للبرلمان وقتا مفتوحا لاختيار رئيسه الذي ينص الدستور على انتخابه في الجلسة الافتتاحية للبرلمان. وبمجرد اختيار رئيس للبرلمان فان الدستور الجديد يحدد مهلة 30 يوما لتشكيل حكومة بالرغم من أن هناك نزاعا حول ما إذا كان لابد من تطبيق ذلك على أول برلمان ينتخب بطريقة ديمقراطية حقيقية في تاريخ العراق المعاصر.
تشكيل حكومة جديدة
وكانت الكتل النيابية والسياسية العراقية قد قررت يوم الثلاثاء الماضي في اجتماع حضره السفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد تشكيل لجنة تتولى صياغة مبادئ تشكيل الحكومة الجديدة. وقال الرئيس العراقي جلال طالباني للصحافيين عقب الاجتماع: " إن قادة الكتل البرلمانية قرروا تشكيل لجنة تضم ممثلين عنهم لتقوم بصياغة المقترحات التي تم بحثها". وفي الإطار نفسه أكد طالباني على ان قادة الكتل يكثفون جهودهم الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى التصدي للإرهاب وحل المشاكل التي يواجهها الشعب العراقي. من جهته أعلن سليم عبد الله النائب عن الحزب الإسلامي العراقي، المشارك في جبهة التوافق العراقية إن المشكلة لا تتعلق بمن سيتولى منصب رئيس الوزراء وإنما بصلاحياته الواسعة حاليا مقابل ضمور صلاحيات رئاسة الجمهورية".
وعلى ضوء الوضع الأمني المتدهور حث العديد من الزعماء العراقيين قبيل إنعقاد جلسة اليوم، وفي مقدمتهم الرئيس طالباني، الأحزاب السياسية على الإسراع بتشكيل حكومة موسعة للحيلولة دون إنزلاق عراق ما بعد صدام في حرب أهلية ضروس. وقال في بيان له صدر يوم الاثنين الماضي "إن الإرهابيين من تكفيريين وصداميين يسعون لبث روح الفرقة والاحتراب مستثمرين ثغرات التلكؤ في العملية السياسية". ووفقاً لغالبية المراقبين فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الأكراد والشيعة والسنة هو افضل سبيل لتحقيق الاستقرار في البلاد. ولكن الكثير من المحليين يشكون في الوقت نفسه في إمكانية تحقيق ذلك خلال الأيام القليلة القادمة بسبب الخلافات العميقة بين التكتلات البرلمانية، وخاصة حول أهلية إبراهيم الجعفري لقيادة الحكومة القادمة.
الجعفري مستعد للتنحي
وفي غضون ذلك قال رئيس الوزراء العراقي الشيعي إبراهيم الجعفري اليوم الخميس انه مستعد لسحب ترشيحه لتولي المنصب لفترة ثانية أن طلب منه التنحي. وقال في مؤتمر صحفي بعد انعقاد جلسة اليوم: "أنا لا أتحرك بإشارة من شخص وإنما بإشارة من شعبي وإذا طلب مني شعبي التنحي فسأستجيب له". ولم يحدد الجعفري من يعني حين يقول "شعبي"، كما أن هذا التطور يتناقض مع تصريحات سابقه له شدد فيها على انه لا ينوي التنحي. يذكر أن الجعفري يتعرض منذ أسابيع لموجة من النقد تتهمه بـ"ضعف أداءه السياسي"، على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي. لكنه يتعرض أيضا لضغوط متزايدة من جانب بعض شركائه في الائتلاف الشيعي الحاكم الذي رشحه لرئاسة الحكومة خلال اقتراع داخلي أجراه الائتلاف الشهر الماضي بفارق صوت واحد جاء من التيار الصدري. ويلقي البعض على الجعفري مسؤولية الفشل على الصعيدين الأمني والاقتصادي.