الجزائر: كيف السبيل للخروج من التبعية للنفط والغاز؟
٣ أكتوبر ٢٠١٦في منطقة العقلة على بعد 900 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة وضعت ووتر وسويل الألمانية/ Water & Soil Management International خطة لإصلاح عشرات الهكتارات من الأراضي المالحة. في حديثه مع DW عربية بدا مدير الشركة يورغ فريجي مفتونا بإمكانات الجزائر. "ثمة فرصة لمضاعفة الإنتاج الزراعي هناك في غضون سنوات قليلة"، يقول فريجي مضيفا : " نريد إنجاز المشروع بشكل يوفر مستلزمات العمل للمزارعين الصغار على غرار ما يوفره اتحاد ماشيننرينغ/ Maschinenring الألماني للمزارعين الصغار".
بيد أن المشكلة في توفير صيغة كهذه تكمن في غياب الإطار القانوني لذلك في الجزائر حتى الآن، كما يقول فريجي على هامش الملتقى الاقتصادي الجزائري الألماني الثالث الذي نظمته المنظمة العربية الأورومتوسطية للتعاون الاقتصادي/ EMA في برلين خلال النصف الثاني من سبتمبر/ أيلول الجاري 2016. الجدير ذكره أن "ماشيننرينغ" يوفر للمزارعين الصغار الاستخدام المشترك للجرارات وأجهزة العمل الأخرى بشكل يساعد على استدامة مشاريعهم. عدا ذلك لا يمكن لمزرعة صغيرة بمفردها حيازة آلات كهذه.
دور الدولة يعرقل المرونة
غياب القوانين اللازمة لتنظيم نهضة الزراعة لا يبدو الثغرة الوحيدة في نظم الاستثمار الجزائرية التي شهدت الكثير من التحسينات. نيكولاس بريمر، المحامي والخبير في أنظمة الاستثمار من مؤسسة الكسندر وشركاه (Alexander& Partner) للمحاماة والاستشارات في برلين يقر بالتحسن غير أن هناك ثغرات عديدة تعد من وجهة نظر المستثمر الأجنبي عائقا أمام المشاريع المشتركة اللازمة لنقل التكنولوجيا الحديثة وتوطين الصناعات التحويلية المطلوبة. ومن الأمثلة على ذلك حسب بريمر النص القانوني الذي يحظر على الأجانب تملك أكثر من 49 بالمائة في المشاريع المشتركة مع الدولة. ومن تبعات هذا النص إلزام الشريك الأجنبي بأن يكون للجزائريين نسبة عالية من الوظائف حتى في حالة عدم توفر الأيدي الماهرة منهم لهذه المشاريع.
التكوين المهني ضمان لاستدامة المشاريع
على ضوء الإقرار بنقص الكفاءات تكثف السلطات جهودها لتفعيل مدارس التكوين المهني مجددا على حد تعبير رجل الأعمال الجزائري نصاح بن سليم. وفي هذا الإطار يقول بن سليم في حديث مع DW عربية، على هامش الملتقى الاقتصادي الجزائري الألماني، إن الحكومة بدأت تحل المشكلة بالتعاون مع القطاع الخاص الذي يساهم في هذا الحل. ويرى بن سليم أن "المسألة مسألة وقت حتى يتم تعميم هذه التجربة التي من شأنها توفير الكوادر الشابة اللازمة لمختلف المؤسسات والشركات".
وفيما إذا كان لدى القطاع الخاص الحافز للمساهمة في التكوين المهني يجيب زميله رجل الأعمال محمد أمين لمداني بنعم، لأن نجاح المشاريع الخاصة التي تحصل على الكثير من الحوافز مرتبط بهذا بتأهيل الخبرات الشابة مهنيا. لمداني، الذي يدير شركة ستاربلاست/ STARPLAST لإنتاج المواد الوسيطة لصناعة البلاستيك يعدد هذه الحوافز ومن أبرزها الحصول على قروض بدون فوائد لفترة سماح تتراوح من 5 إلى عشر سنوات. وتصل قيمة القرض للشاب الراغب بتأسيس مشروع إلى 100 ألف يورو، وهناك إعفاءات ضريبية وجمركية لتجهيزات المشروع على اختلافها.
مبالغة في دور الرشوة؟
وإضافة إلى الثغرات القانونية ونقص الكوادر تتكرر الشكاوى من آفة الرشوة. وفي هذا السياق يقول خبير فضل عدم الكشف عن اسمه: "فجاة وفي الوقت الذي تبدو فيه المفاوضات سائرة على ما يرام بين الشريك الأجنبي ونظيره الجزائري لإقامة مشروع ما يظهر وسيط ثالث يعرض خدمته لا تمام صفقة المشروع التي لا تتم دون تدخله. وبالطبع فإن هذا التدخل لا يتم دون دفع رشى يستفيد منها صانع القرار الذي يعمل من أجله هذه الوسيط".
غير أن رشيد كرجو، مدير شركة كرجو الجزائرية الناشطة في مجال البناء يرى بأن هناك مبالغة في الدور الذي تلعبه الرشوة رغم خطورتها مضيفا: "المشكلة بالنسبة للمستثمر الأجنبي بشكل عام والألماني بشكل خاص تكمن إلى حد كبير في عدم معرفة كيفية التعامل مع تعقيدات وعقليات البيروقراطية الجزائرية". على ضوء ذلك يرى كرجو بأن "الشريك الجزائري مهم للشريك الأجنبي، لأنه يساعد أيضا في حل هذه التعقيدات".
فرص للشركات الألمانية
وكغيره من رجال أعمال جزائريين كثر يبحث كرجو عن شركاء وتقنيات ألمانية لإقامة مشاريع جديدة أو لتحديث القائمة، لأن هذه التقنية تتمتع بالجودة. كرجو ينوي بناء مصنع في الجزائر لحفظ فوائض الخضار والفواكه في موسم الذروة بالاعتماد على آلات ألمانية. كما يبحث محمد أمين لمداني عن آلات ألمانية أيضا لتحديث مصنعه.
ويبدو أن فرص الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة كبيرة لإقامة شراكات واسعة في الجزائر خلال السنوات القليلة القادمة، لاسيما وأن الدولة خصصت مليارات الدولارات من الاحتياطات المالية الكبيرة لتحديث الزراعة والصناعات الغذائية والاستهلاكية بهدف تحقيق نسبة عالية من الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة المستوردات. ومن خلال ذلك، وبالتوازي مع تحديث البنية التحتية وتحديث الصناعات الأساسية التابعة للدولة، تريد الحكومة تنويع الصادرات وتقليص الاعتماد على عائدات النفط والغاز التي شكلت أكثر من 97 بالمائة من مجمل صادرات الجزائر في عام 2014.
ابراهيم محمد