التقارب السوري التركي تعزيز لدور أنقرة وتخفيف من عزلة دمشق
٢٢ ديسمبر ٢٠٠٩يحاول الرئيس السوري بشار الأسد منذ فترة طويلة الخروج ببلاده من العزلة. وطغى التوتر على العلاقات مع بغداد حتى سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وحتى بعد ذلك فإن العلاقات بين البلدين لم تتحسن إلا ببطء.
و تدهورت العلاقات مع لبنان بشكل كبير عام 2005 عقب اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ما أجبر القوات السورية على مغادرة الأراضي اللبنانية، إلا أن حدة التشنج خفت بين البلدين اللذين أقاما علاقات دبلوماسية أقل ما يقال عنها أنها مصالحة سطحية. على صعيد آخر، بقيت العلاقات مع إيران وطيدة، لكن ذلك ليس من شأنه أن يعود بالنفع على دمشق خاصة في ظل قلق المجتمع الدولي من البرنامج النووي الإيراني ما يزيد من العزلة الدولية للجمهورية الإسلامية.
تعاون سياسي واقتصادي
وعلى الرغم من أن الرئيس بشار الأسد تمكن من ربط علاقات أفضل مع الاتحاد الأوروبي عبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، إلا أن هذه العلاقات لم تؤت أكلها بعد. من جهة أخرى أدت سياسة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى انفراج بين واشنطن ودمشق ما رجح، في رأي المراقبين، احتمال تطبيع العلاقات بين البلدين، إلا أن عودة السفير الأمريكي، الذي غادر دمشق عام 2005، إلى سوريا لم تتحقق بعد منذ ستة أشهر.
أما العلاقات السورية التركية فتشهد تطورا مطردا، بحيث أصبحت تربطهما علاقات شراكة وثيقة في مجالات عديدة. ويعد جدول أعمال زيارة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، التي تندرج ضمن زيارات عديدة إلى دمشق، دليل واضح على هذا التطور. و هكذا رفع البلدان التأشيرة على تنقل الأشخاص بينهما في سبتمبر /أيلول الماضي، كما عملا على دعم علاقات التجارة والسياحية والنقل بينهما. وهي خطوات تخدم مصالح تركيا التي تحولت إلى قوة اقتصادية في المنطقة، بحيث تكاد لا تخلو سوق عربية واحدة من البضائع والمنتجات التركية. كما تعتزم تركيا تزويد سوريا بالغاز، فيما يسعى البلدان إلى بلورة إستراتيجية تعاون إقليمي ومن تم تحقيق استقلالية أكبر إزاء بروكسيل وواشنطن.
تعاون يقوي طموحات تركيا الإقليمية
على الصعيد السياسي ترى أنقرة في هذا التطور فرصة لتعزيز دورها الإقليمي في منطقة كانت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى تخضع لنفوذ الإمبراطورية العثمانية. كما تسعى أنقرة إلى لعب دور الوسيط في قضايا مني فيها آخرون بفشل ذريع. و يعود الفضل إلى الوساطة التركية في استئناف مفاوضات سلام غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل عام 2008، والتي توقفت عقب التدخل العسكري الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة. كما تجمدت العلاقات الطيبة، التي كانت تربط إسرائيل بتركيا لنفس السبب. ولكن لا دمشق ولا أنقرة فقدتا الأمل في إمكانية استئناف المحادثات مع إسرائيل، وإن كان هذا الأمل يرتبط بطبيعة السياسة التي ستنتهجها حكومة بنيامين نتانياهو.
ويذكر أن سوريا خضعت للانتداب الفرنسي عقب تفكك الإمبراطورية العثمانية ولم تنل استقلالها إلا في عام 1946، الكراهية بين الجانبين والنفور من أسياد الماضي في منطقة البوسفور إلى بعض التوترات العسكرية. أما اليوم فيبدو أن مصلحة البلدين تكمن في التقارب والتعاون، ما من شأنه أن يمحي أحقاد الماضي.
الكاتب: بيتر فيليب / شمس العياري
مراجعة: حسن زنيند