التبرع بأعضاء الجسم موضوع شائك في ألمانيا
٢٩ ديسمبر ٢٠٠٦يوجد اليوم في ألمانيا 12 ألف إنسان بحاجة إلى كلية أو كبد أو قلب جديد؛ غير أنه هناك نقص في الأعضاء الإنسانية المطلوبة. الإحصائيات الرسمية تنبؤنا بأن 80 بالمائة من الشعب الألماني مستعدين للتبرع بأعضائهم بعد الموت؛ أما لسان الواقع فيقول غير ذلك. وتلك الفجوة بين النظرية والواقع ليست وليدة اليوم، بل قد بلغت من العمر عدة سنوات.
يحكي لنا فولفجانج جورج قصة صراعه مع الموت، وكيف دبت فيه الحياة من جديد، بعد أن أجريت له عملية زراعة القلب مرتين، فيقول بصوت متحشرج: "لا أنسى ما حصل لي، إنني دائم الشكر لمن تبرع لي طواعية، أفكر في قيمة الحياة الجديدة التي وهبت إياها بعد أن كدت أفقد الأمل فيها؛ إنه لشيء عجيب، لقد تحول مجرى حياتي تحولاً كلياً".
عوائق أمام التبرع
ولا يزال هناك 12 ألف اسم على قائمة الانتظار، يخطف الموت منها كل يوم ثلاثة أشخاص بسبب قلة التبرع بالأعضاء. ومتبرع واحد قد يكون سبباً في إنقاذ خمس حالات. ومع أن كل ذلك قد بات معلوماً، إلا أن حواجز الإحراج لا تزال تمثل عائقاً كبيراً أمام الألمان عند الخوض في الحديث عن التبرع بالأعضاء بعد الموت. وفي العام الماضي لم تف الكمية المتبرع بها إلا بثلث المطلوب. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، يشرح بعضها بوخارت توب عضو الجمعية الاتحادية لزراعة الأعضاء، فيقول: "أعتقد أن السبب الرئيسي يكمن في أن الكلام عن الموت يعتبر في ألمانيا موضوعاً محرجاً؛ ثم يصبح أكثر إحراجاً عندما يدور حول التبرع بالأعضاء؛ فالكلام في ذلك مع أي شخص يقود مباشرة إلى الحديث عن موته". ومن الأسباب الأخرى كذلك ما نسمعه من وسائل الإعلام من أخبار عن تجارة الأعضاء وسرقاتها. فكل ما يحدث في الدوائر الطبية مخالفاً للنزاهة يؤثر سلباً على موضوع التبرع بالأعضاء.
تعريف الموت
وقد دار جدل واسع في ألمانيا حول موضوع الحد الفاصل بين الموت والحياة عند الإنسان؛ فمتى يعتبر الإنسان في عداد الاموات؟ بموت دماغه أم بموت قلبه؟ وموت الدماغ يصعب أحيانا تحديد وقته بالضبط؛ ولا يزال ممثلو الكنيسة ومنتقدو التبرع بالأعضاء يعارضون الاعتماد عليه. وإذا ثبت موت الدماغ فإن القانون الألماني يسمح بنقل الأعضاء إذا كان المتوفى قد ترك وصية بالتبرع، بمعنى أنه عنده بطاقة مستخرجة من الجهات الرسمية. وإذا لم يكن قد عمل تلك البطاقة قبل موته فيجب الرجوع إلى ورثته، يسألونهم عن رغبة المتوفى تجاه التبرع كيف كانت قبل الموت. وهنا نعود مرة أخرى إلى حرج الكلام في مثل تلك الأمور، فهذا الموضوع لا يفتح عادة بين أفراد الأسرة، لذا فإن العائلة غالباً لا تكون على علم برغبة المتوفى في التبرع أو عدمه.
المطلوب زيادة عدد المتبرعين
أما النسبة الحقيقية للمتبرعين بأعضائهم في ألمانيا فهي 15 فرداً من كل مليون. وبهذه النسبة تأتي ألمانيا في المركز الخامس بين دول أوروبا؛ حيث تحتل أسبانيا المركز الأول بنسبة 35 في المليون تليها بلجيكا فالنمسا. إلا أنه في تلك الدول هناك ما يسمي بـ"حق الاعتراض"، بمعنى أن كل ميت متبرع بأعضائه ما لم يقدم قبل وفاته اعتراضاً يرفض فيه ذلك. ومن ثم فإن هناك أصواتاً في ألمانيا تطالب بتعديل القوانين لصالح توفير عدد أكبر من "قطع الغيار البشرية"؛ هذا إلى جانب زيادة التوعية بين المواطنين، لدفعهم إلى الإقبال طواعية على التبرع بأعضائهم بعد الموت.