استهداف وتهجير الأقليات في العراق
٢٥ نوفمبر ٢٠١٠يواجه المسيحيون في العراق هجمات واغتيالات وأعمال عنف تدفعهم في النتيجة إلى مغادرة البلد بحثا عن الأمان. و المسيحيون ليسوا الوحيدين وحدهم المستهدفين بالعنف والترويع والتهجير، فتاريخ العراق حافل بأمثلة حزينة مؤلمة عن التهجير. في الأربعينات والخمسينات والستينات استُهدف اليهود في العراق، وهم مكوّن أساسي في البلد، وأجبروا على ترك وطنهم والهجرة. وفي السبعينات والثمانينات استُهدف الأكراد الفيلية ومئات الألوف من العراقيين بتهمة التبعية لإيران وأجبروا على ترك وطنهم وألقي بهم في حقول الألغام على حدود إيران. والآن ومنذ سنوات يتعرض المسيحيون إلى أعمال عنف، جعلت عددهم في العراق ينخفض من مليون وربع إلى 600 ألف أو اقل.إنهم يهاجرون بحثا عن الأمان.
ظاهرة تهجير أبناء العراق محور نقاش اليوم
الناشط في الدفاع عن حقوق الأقليات كامل زومايا بادر إلى توجيه رسالة إلى وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزير، اعتبر فيها أن فتح أوروبا أبوابها لهجرة مسيحيي العراق ليس حلا لاستهدافهم، وبعد أن استعرض زومايا تاريخ استهداف المسيحيين في العراق منذ عام 2003 ، سلط الضوء على مضمون الرسالة، مبينا أنها ليست الأولى من نوعها، والقصد منها البحث عن أسباب ما يجري في العراق، لا سيما أن المسيحيين في العراق لا يمتلكون ميلشيات مسلحة ولا يسعون لامتلاكها. وبيّن زومايا أن مناطق وجود المسيحيين في العراق خصوصا في سهل نينوى مهملة، وتفتقر إلى الحماية والخدمات، وهذا يفسر تناقص أعداد المسيحيين بسبب هجرتهم المستمرة على مدى القرن العشرين، مستشهدا بوقائع من التاريخ الحديث.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: كامل زومايا: تعرض المسيحيون إلى هجمات على مدى ثمانين عاما)
ضياء الشكرجي المنسق العام للائتلاف الديمقراطي عزّى المسيحيين بما أصابهم، مبينا أن هجرة أي مكون عراقي تصب في الاتجاه المعاكس للمشروع الديمقراطي. وبيّن الشكرجي أن هيمنة الإسلام السياسي لها دور في خلق مناخ عام يشجع على مصادرة حقوق الأقليات، فالمناخ العام لم يعد يؤمن بحرية العقيدة وللإسلام السياسي دور كبير في تغييب هذه الثقافة، لا سيما وأن الوزارات المعرفية يديرها إسلاميون متزمتون يرفضون الآخر. ولفت الشكرجي إلى أن استهداف المسيحيين بالذات جريمة مضاعفة، لأنهم مجموعة مسالمة.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة : ضياء الشكرجي: الإسلام السياسي لم يستهدف المسيحيين لكنه أوجد مناخا أتاح حدوث ذلك)
الصحفية ليندا منوحين عبد العزيز المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط شرحت ما تعرض له يهود العراق من تهجير واستهداف، مسلطة الضوء على تجربتها الشخصية في هذا المجال، ومؤكدة أن ما جرى لم يكن هجرة بل كان تهجيرا، خاصة وأن عددا من المؤرخين العراقيين قد أكدوا وجود عمليات تحريض على اليهود. وجاء قرار البرلمان العراقي آنذاك والقاضي بتجريد اليهود من أموالهم مقابل تسفيرهم مثل ضربة قاصمة، اضطروا معها إلى قبول ذلك مقابل حصولهم على حق الهجرة والخلاص. وبيّنت ليندا أنها قد هجّرت من العراق في بداية السبعينات بالإرهاب والترهيب، ولم ترحل اختيارا. وقد بدأت المضايقات منذ وصول البعثيين إلى السلطة عام 1963، ثم اشتدت بعد حرب الأيام الستة، معتبرة أن ما يجري الآن للمسيحيين والمندائيين شبيه بما جرى لليهود في العراق.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: ليندا منوحين عبد العزيز: لن أنسى زيارات الحرس القومي الليلية المروعة)
كامل زومايا أشاد بما قاله ضياء الشكرجي، مبيّنا أن المحافظة المقترحة لحماية المسيحيين ضمن مشروع العراق الفدرالي لا تعني الحاجة إلى حماية المسيحيين وهم من سكان البلد الأصليين، لكن هذا الاقتراح هو جزء من حقوق المسيحيين في بلدهم الفدرالي الجديد، ومن هنا فإن وجود منطقة حكم ذاتي تكفل حقوق المسيحيين ستبقيهم في مأمن نسبي من تأثير الصراع السياسي، لأن الإسلام السياسي دخل بتأثيره على كل مفاصل الحياة. وبيّن زومايا أن المشروع لا يعني إنشاء مخزن لجمع المسيحيين فيه أو إجبارهم على ترك مناطق سكنهم والمجيء إلى المحافظة الخاصة بالمسيحيين، مقارنا ذلك بوضع إقليم كردستان، حيث يوجد خارجه نحو مليون كردي يعيشون في بغداد ومناطق أخرى من العراق.
وروت السيدة نسرين، وهي كردية فيلية مهجّرة عام 1982، تفاصيل مروعة عن المأساة التي عاشتها في تلك التجربة، والمشكلة الأكبر التي واجهتها وأهلها بعد تلك التجربة، حيث أصبحوا ممزقين بين العراق وبين إيران، وكلا البلدين يرفضان الاعتراف بانتسابهما.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: نسرين تروي قصتها الحزينة عن التهجير)
ضياء الشكرجي تعاطف مع قصتي ليندا ونسرين، مبيّنا أن عائلته قد عانت هي الأخرى من الترحيل والتهجير أيضا. وأكد الشكرجي أن ما جرى في عهد صدام حسين لم يكن غريبا على حكومة ديكتاتورية دموية، لكن أن يجري التهجير والترويع في عصر الديمقراطية في العراق الجديد، فهذه مشكلة تحتاج إلى أكثر من وقفة، لافتا إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في ثقافة المجتمع وقوى الإسلام السياسي التي كرست هذا الخلل، مستفيدة منه لتعبئة الجماهير لصالحها.
ليندا منوحين لفتت الأنظار إلى أنها عراقية يهودية ولكنها عراقية أولا، مشيرة إلى أن هناك خصوصية في اليهود، حيث يختلط عندهم الانتماء الديني بالانتماء العرقي، وأشارت إلى أن ولادتها وطفولتها في العراق، وهذا ما يبقى في ذاكرة وضمير الإنسان. ثم روت ليندا تجربتها قبل أشهر حين توجهت إلى الأردن، للمشاركة في الانتخابات العراقية باختيار مرشحها، مبيّنة أنها لم تتمكن من الإدلاء بصوتها، رغم أنها تملك وثيقتين رسميتين عراقيتين، وكان سبب الاعتراض على مشاركتها هو عدم حملها جواز سفر أوروبي أو أمريكي. ثم كشفت أن المسؤولين عن مركز الاقتراع اعتبروا حضورها استفزازا، علما أنها لم تكن تقصد ذلك، وأشارت ليندا إلى أن ثقافة الترويع والتهجير التي نشرها صدام على مدى ثلاثين عاما صارت ثقافة سائدة في العراق، وما يجري اليوم هو ثمار هذه الثقافة، كما أشارت إلى أن المناخ السياسي العام في المنطقة، والذي ولد بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران، خلق حالة من استهداف الأقليات، وهذا ما نلمسه في لبنان وفي مصر مع الأقباط وفي مناطق أخرى.
ودعونا المستمعين الى المشاركة في الحوار بالإجابة عن سؤالنا:
لماذا تعرضت وتتعرض الأقليات في العراق إلى التهجير؟
فأكد المستمع حسين الخفاجي من الموصل أن الاستهداف يطال كل العراقيين وليس الأقليات فقط
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: المستمع حسين الخفاجي)
الكاتب : ملهم الملائكة Mulham Almalaika .
مراجعة: منى صالح