In foreign policy, double standards can be a virtue
٥ نوفمبر ٢٠٠٩في مقالة حديثة نشرتها له صحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية، لفت الكاتب المصري علاء الأسواني الانتباه إلى أن الحكومات ووسائل الإعلام في الغرب عندما تتحدث عن الديمقراطية في العالم الإسلامي فإنها لا تعني ذلك تماما. ويتساءل الكاتب المصري عن سبب تلهف الغرب لانتقاد المخالفات التي شابت الانتخابات الإيرانية، بينما لم يحتج أحد في الغرب على تلاعب انتخابي في بلده.
وهو يجيب على هذا السؤال بالقول: "صرخات الاحتجاج على غياب العدالة لم ترتفع بقصد تعزيز الديمقراطية، بل بهدف الانتقاص من مصداقية النظام الإيراني المعادي لإسرائيل والذي يحاول تطوير أسلحة نووية. وقد تكون الحكومة المصرية استبدادية وفاسدة، لكنها متعاونة ومهادنة، لذا فوسائل الإعلام الغربية تتعامل معها برحابة صدر وتتجاهل أخطاءها."
غابة الديمقراطية
يقول الكاتب البريطاني جورج أرويل في روايته "مزرعة الحيوانات Animal Farm" : "كل الحيوانات في الغابة متساوية، لكن بعض الحيوانات تتمتع بمساواة أكثر من غيرها!". وقياسا على هذا القول الساخر فليس سراً أن الغرب بدوره يرى أن بعض الديمقراطيات في العالم "أكثر مساواة" من غيرها، بمعنى أنه لا يطبق المعايير نفسها فيما يتعلق بالديمقراطية. فهل هذا مثال على النفاق المحض؟ أم أنه يعكس السياسة الواقعية في مجال العلاقات الدولية؟
إن الديمقراطية الغربية مستقاة من القيم الإنسانية المسيحية ولا يمكن فصلها عنها حسبما يرى شتيفان هولت هاوس مدير معهد الأخلاق والقيم في مدرسة علوم اللاهوت بمدينة غيسن الألمانية. ومن وجهة نظره، فإن ما يسمى بالديمقراطيات في الشرق الأوسط بنيت على أساس مختلف، ولها خلفية تاريخية وثقافية ودينية مختلفة، ويضيف في هذا السياق: "نحن -في الغرب والشرق-نستخدم نفس المفاهيم، لكننا فشلنا في فهم بعضنا لأن نظم القيم الأساسية مختلفة للغاية."
دخان الحرب
إن الديمقراطية تعد بالطبع فكرة مجردة قابلة لتفسيرات مختلفة. إلا أن القواعد الملموسة المطبقة أثناء الحروب على سبيل المثال، يجب أن تكون سهلة التطبيق باستمرار. لكن هل هذا هو واقع الحال؟
إن منظمة الأمم المتحدة مثلا كلفت مؤخرا لجنة "غولدستون" بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان خلال التوغل الإسرائيلي في قطاع غزة الشتاء الماضي. وبعد ظهور نتيجة التقرير التي خلصت إلى أن حماس ليست مذنبة وحدها بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي بما فيها استهداف المدنيين، بل الجيش الإسرائيلي كذلك، ثار الجدل والارتباك. وتمسك منتقدو إسرائيل بالتقرير كدليل على تجاهل الغرب للانتهاكات إذا أتت من جانب إسرائيل، وهي نفس الانتهاكات التي يُسارع إلى التنديد بها في حال أتت من جانب الفلسطينيين.
لكن مؤيدو إسرائيل اتهموا التقرير بتجاهل الأدلة القائلة بتنكر مقاتلي حماس على هيئة مدنيين واحتمائهم بمنشآت مدنية، وأيضا بتجاهل حقيقة أن إسرائيل طلبت من الأمم المتحدة بشكل متكرر التدخل لوقف هجمات الصواريخ الفلسطينية على المدنيين.
معيار أخلاقي مشترك
وفي مقال في صحيفة هآرتس الإسرائيلية صدر في الشهر الماضي، كتب المعلق البارز آري شافيت مقالا جاء فيه أن تطبيق مقاييس تقرير "غولدستون" على الولايات المتحدة الأمريكية يجعلها مذنبة بارتكاب جرائم حرب في العراق وأفغانستان.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان بإمكان ومن واجب الغرب أن يكون صارما بخصوص تعريف جريمة الحرب؟ رداً عل هذا السؤال، يقول أستاذ علم الأخلاق هولت هاوس "إن الاختلافات الثقافية تلعب هنا أيضا دورا كبيرا، فما يراه البعض جريمة حرب، قد يمثل للبعض الآخر دفاعاً محضاً ومشروعاً عن النفس. نحن بحاجة إلى التوصل إلى معيار أخلاقي مشترك يخاطب الثقافات المتنوعة، لكن السؤال الذكي ليس هو "من الذي على حق"، بل "ما السبيل إلى تحقيق السلام الدائم والمصالحة".
الكاتب: جيفرسون جيس/ نهلة طاهر
مراجعة: سمر كرم