ارتفاع حرارة الجنوب- هل تتحول السياحة إلى جهة الشمال البارد؟
١٤ سبتمبر ٢٠٢٤أفادت جمعية السياحة السويدية "Visit Sweden" (زوروا السويد) أن الاتجاه نحو قضاء العطلات في المناطق الأكثر برودة سيستمر. وذكرت الجمعية على موقعها الإلكتروني: "لقد ولّت الأيام التي كان الناس يطاردون فيها الشمس الحارقة والحر الشديد بلا كلل". وبدلاً من ذلك، ظهر توجه جديد أطلقت عليه عبارة "Coolcation" (الأجازة الباردة)، وهي كلمة مستحدثة مكونة من كلمة "cool" (بارد) وكلمة "vacation" (أجازة)، ويعكس هذا التوجه رغبة المسافرين المتزايدة في زيارة الوجهات ذات درجات الحرارة المعتدلة. فمع زيادة درجات الحرارة في جنوب أوروبا نتيجة لتغير المناخ، يختار المزيد من الناس الآن السفر إلى وجهات ذات درجات حرارة أقل.
ومثل السويد، انضمت وكالة الترويج السياحي النرويجية، "Visit Norway" (زوروا النرويج)، إلى هذا الاتجاه، حيث دعت المسافرين عبر موقعها الإلكتروني إلى "الهروب من الشمس الحارقة والحرارة الشديدة والتوجه شمالاً لقضاء إجازة صيفية منعشة".
في السنوات الأخيرة، أصبح تأثير تغير المناخ أكثر وضوحاً في وجهات العطلات الشهيرة حول البحر الأبيض المتوسط. فعلى سبيل المثال، سجلت إسبانيا وإيطاليا أعلى درجات حرارة على الإطلاق في عامي 2022 و2023. وفي اليونان، تفاقمت درجات الحرارة القياسية والجفاف الشديد بسبب حرائق الغابات في فصول الصيف الأخيرة. وحتى أكثر التوقعات تفاؤلاً من قبل خبراء المناخ تشير إلى أن الحرارة ستستمر في الارتفاع في العقود المقبلة.
الشمال: الوجهة المفضلة الجديدة
وأشار استطلاع للرأي حديث أجرته "المفوضية الأوروبية للسفر" إلى أن الحرارة الشديدة تؤثر سلبًا على السياحة. فوفقًا للاستطلاع، أفاد 74% من المشاركين بأنهم يتكيفون مع أزمة المناخ من خلال تجنب المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة. حيث يزداد الإقبال السياحي علي
المناطق الشمالية الأكثر اعتدالًا مناخيًا، مما يعكس تغييرًا في توجهات السياح بعيدًا عن الوجهات التقليدية الحارة.
وتشير التوقعات إلى أن المناطق الجنوبية مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال قد تشهد انخفاضًا كبيرًا في عائدات السياحة، بينما من المتوقع أن تشهد دول شمالية مثل الدنمارك وفنلندا وأيرلندا والسويد والمملكة المتحدة زيادة في السياحة.
مع ذلك، يشير خبراء إلى أنه من السابق لأوانه الادعاء بأن السياح يغيرون سلوك سفرهم، خاصةً السياح الألمان. ويقول مارتين لومان من جمعية أبحاث العطلات والسفر، التي تدرس سلوك السفر للمواطنين الألمان منذ سنوات عديدة: "لا يوجد في ألمانيا اتجاه نحو وجهات العطلات الأكثر برودة". ففي العام الماضي، قضى الألمان ما يقرب من 65 مليون إجازة، توجهوا في 3.6 مليون منها فقط إلى وجهات شمالية مثل الدنمارك وفنلندا والسويد والنرويج. ويقول لومان إنه عندما يُسأل المصطافون عن دوافع سفرهم، يأتي في المقدمة عادة الطقس الدافئ والمشمس. لقد حدث ذلك في الآونة الأخيرة".
وهكذا، تظل إسبانيا وإيطاليا واليونان وكرواتيا وتركيا الوجهات الأكثر شعبية للمسافرين الألمان، وتظل العطلات الشاطئية مطلوبة بشكل كبير.
لا تزال العطلات الشاطئية مطلوبة
وفقًا للبيانات الصادرة عن لجنة السفر الأوروبية، تستمر الوجهات في جنوب أوروبا، مثل إسبانيا وإيطاليا، في جذب أكبر عدد من المسافرين بفضل الطقس الدافئ والشواطئ الجميلة، حيث قضى أكثر من 300 مليون مسافر إجازاتهم هناك العام الماضي. وفي المقابل، سجلت دول شمال أوروبا، بما في ذلك الدول الإسكندنافية، عددًا أقل بكثير من الزوار، مع ما يزيد قليلاً عن 80 مليون مسافر.
على الرغم من زيادة عدد الزوار إلى الدول الإسكندنافية في السنوات الأخيرة، هنالك صعوبة في تحديد ما إذا كان هناك اتجاه حقيقي نحو تفضيل "الأجازة الباردة" بدلاً من الوجهات الجنوبية الأكثر شيوعًا. وقالت سابينه كلاوتش من جمعية السياحة السويدية "Visit Sweden" لـDW إنه ليس من السهل تحديد ما إذا كانت هناك رغبة متزايدة في السفر لقضاء العطلات في المناطق ذات المناخ البارد.
ومن ناحية أخرى، قالت مارغريت هيلغيبوستاد، من وكالة الترويج السياحي النرويجية، "Visit Norway"، إن هناك عوامل أخرى تجعل النرويج جذابة للسياح، مثل سعر الصرف المناسب للكرونة النرويجية. ومع ذلك، لم تكن الوكالات الترويجية السياحية في السويد والنرويج مستعدة لتأكيد وجود اتجاه حاسم نحو تفضيل الوجهات الباردة.
وقال بيتر زيلمان، رئيس معهد فيينا لأبحاث الترفيه والسياحة (IFT)، إن "الأجازة الباردة" هي "اختراع تسويقي". ويشير إلى غياب دليل على وجود اتجاه حقيقي نحو الوجهات الباردة، على الرغم من أنه يمكن أن تصبح منطقة الألب وشمال أوروبا بديلاً محتملاً بالتأكيد إذا أصبح الطقس حارًا بشكل لا يطاق في منطقة البحر الأبيض المتوسط في مرحلة ما "لكننا لا نزال بعيدين عن ذلك".
وهو ما يعتقده أيضا خبير السياحة الألماني مارتين لومان، الذي قال: "من الممكن تمامًا أن يصبح الموضوع أكثر أهمية في المستقبل". وأضاف: مع ذلك، فإن التغير في أنماط العطلات بسبب تغير المناخ هو تطور قد يستغرق عقودًا" ليظهر بشكل ملحوظ.
أعدته للعربية: ندى فاروق