اتفاق بروكسل وبكين.. عقبة في طريق تجديد التحالف الغربي؟
٨ فبراير ٢٠٢١لطالما انتقد الغرب ولاسيما الاتحاد الأوروبي ممارسات حقوق الإنسان في الصين، إلا أن التكتل أعلن مؤخرا عن إبرام اتفاق استثماري واسع النطاق مع بكين، في خطوة يراها البعض جهدا براغماتيا يدفع بمصالح الجانبين، بينما يراها آخرون بادرة تنذر بشق صف جهود الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي وعد بإعادة بناء التحالفات مع الشركاء الأوروبيين.
وقد نشر معهد "تشاتام هاوس" ومقره لندن، تقريرا للباحثتين روزا بالفور، مديرة مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وليزا بوماسي، نائبة مديرة المؤسسة، استعرضا فيه جوانب ذلك الاتفاق وانعكاساته المحتملة على جهود الإدارة الأمريكية الجديدة.
وأشارت الباحثتان إلى أنه بعد انتخاب بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، كرر تعهده بالانخراط مع الحلفاء، لا سيما في التعامل مع الصين، بل رفع سقف التوقعات أكثر في خطاب تنصيبه حين وعد بـ "إصلاح تحالفاتنا".
بوادر طريق صعب في المستقبل
وأوضح التقرير أن التناغم في المواقف من كلا جانبي المحيط الأطلسي يبشر على ما يبدو بشهر عسل يضع فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة السلام والتعاون في صميم عملهما الجماعي، على النقيض من الحرية العالمية للجميع في إغلاق الحدود والكفاح من أجل الإمدادات الطبية التي صاحبت جائحة فيروس كورونا، والركود الاقتصادي الذي أعقب ذلك.
وترى الباحثتان أن هناك شكوكا قليلة في واشنطن والعواصم الأوروبية بشأن الطريق الصعب في المستقبل، وأعاد الطرفان التأكيد على الأرضية المشتركة بشكل قاطع. ومع ذلك، لم يستمر الشعور بالارتياح لعودة الولايات المتحدة الوشيكة إلى الحوار والتعاون على ما يبدو بعد أسابيع فقط من انتخاب بايدن بسبب تحرك غير متوقع من الاتحاد الأوروبي.
استياء لدى الإدارة الأمريكية الجديدة
ويشير التقرير إلى أن ما أثار استياء الكثيرين في الإدارة الأمريكية الجديدة، إعلان الاتحاد الأوروبي بشكل غير متوقع عن اتفاق رفيع المستوى مع الصين وهو "الاتفاق الشامل للاستثمار". وقبل أيام فقط من الإعلان عن الاتفاق، طلب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن "عقد مشاورات مبكرة مع شركائنا الأوروبيين بشأن مخاوفنا المشتركة بشأن الممارسات الاقتصادية للصين"، لكن دعوته لم تلق اهتماما.
ويوضح أن الاتفاق يتضمن وصول الشركات الأوروبية إلى السوق الصينية والتركيز على تحرير الاستثمار وإلغاء القيود الكمية والقواعد المضادة للنقل القسري للتكنولوجيا ووضع التزامات جديدة بشأن سلوك الشركات الصينية المملوكة للدولة.
توقع معارضة من بعض الجهات الأوروبية
لكن الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه على عجل في الأيام الأخيرة لرئاسة ألمانيا للاتحاد الأوروبي، سيواجه معارضة من عدة جهات في أوروبا، بحسب التقرير. فالدول الأعضاء تعتمد على الصين بدرجات متفاوتة، حيث يعطي كثير منها الأولوية للعلاقة عبر الأطلسي، في حين أن هناك قوى سياسية كبيرة حريصة على تحدي التزامات الاتحاد الأوروبي الدقيقة بشأن حقوق الإنسان والعمالة عندما يتعلق الأمر بالصين. وقد يعني هذا المستوى من المعارضة إمكانية ألا يدخل الاتفاق حيز التنفيذ من الناحية القانونية، وفقا للتقرير.
ومع ذلك، فإنه لا يزال يحمل أهمية سياسية عميقة لأنه يلخص مشكلتين، أولهما المعضلة التي تواجهها أوروبا في محاولتها تحديد دور دولي أكثر حزما لنفسها، والثانية هي التحدي المتمثل في إعادة بناء تحالفات الولايات المتحدة التي تجزأت بعد أربع سنوات من رئاسة دونالد ترامب ودراما خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبرر الساسة الأوروبيون الاتفاق مع الصين تحديدا على أساس الحاجة إلى بلورة موقف مشترك ومصالح مشتركة بين الدول الأعضاء، والتغلب على تكتيكات "فرّق تسد" التي اتبعتها بكين بنجاح في أوروبا ومنح الشركات الأوروبية فرصة أفضل للوصول إلى السوق الصينية. وتذهب هذه الحجة إلى أن الاتفاق كان قيد الإعداد منذ عام 2014 ولم يكن من المفترض أن يعتبر أمرا مفاجئا نظرا لالتزام الاتحاد الأوروبي والصين الصارم بإتمامه بحلول عام 2020.
ع.ش/ح.ز (أ ف ب)