تزايد نسبة الاكتئاب في إيران بسبب القيود الاجتماعية والمشاكل الاقتصادية
٦ سبتمبر ٢٠١٣إذا لم يتغير شيء في حياتي سأغادر إيران، يقول الطالب كاويه من طهران ويضيف " حتى في ظل وجود رئيس جديد يُعلق عليه الكثيرون آمالهم، فإني أرى بأن مستقبلي في هذا البلد قاتماً".
يعاني هذا الشاب البالغ من العمر 23 عاما من اكتئاب حاد. وهو ليس لوحده في إيران من يعاني من ذلك، بل وكما يقول كاويه "أعرف أشخاصا كثيرين من مختلف الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية يعانون من نفس المشكلة، وأعتقد أن بعضهم لا يعرف أنه يواجه مشكلة".
يصعب التعرف على عدد الأشخاص المصابين بالاكتئاب في إيران غير أن الموظف السابق في وزارة الصحة الإيرانية، علي أكبر سياري، يرى بأن هذا العدد في تزايد مستمر وأن نسبتهم تقدر بحوالي 40 في المائة من مجموع الشعب الإيراني.
بالمقابل تقلل الجهات الرسمية من نسبة المصابين بالأمراض النفسية في إيران. وكانت وزارة الصحة في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد قد أعلنت بأن هذه النسبة قد ارتفعت في غضون أعوام قليلة من 19 إلى 23 في المائة. كما أعزت وزيرة الصحة السابقة مارزيه داستيردي أسباب الإصابة بالمشاكل النفسية لأسباب اجتماعية "مثل الفقر وعدم المساواة". وأكدت الوزيرة بأن أكثر المصابين هم من الشباب.
الضغوط السياسية والاجتماعية
من جهتها ترى الطبيبة النفسية الإيرانية موغان كاهين بأن نظام الجهورية الإسلامية يتحمل أيضا جزءا من المسؤولية في إصابة الكثير من الإيرانين بمشاكل نفسية. وفي هذا الصدد تقول كاهين في حديث مع DW " في المدارس ينظر إلى الجنس على أنه موضوع محرم وهو ما يسبب اضطرابات جنسية للكثير من الأشخاص. ويؤثر ذلك بطبيعة الحال بشكل سلبي على العلاقة بين النساء والرجال".
وتضيف كاهن بأن النظام السياسي والاجتماعي يمارسان ضغوطات على الشباب، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: حرية التعبير المقيدة بشكل كبير في إيران. فحسب منظمات حقوق الإنسان يتم اعتقال الكثير من الإيرانيين بشكل تعسفي لمجرد تعبيرهم عن أفكار مغايرة لما هو سائد في مجتمعهم. كما تراقب الشرطة الدينية التزام النساء بارتداء الحجاب المفروض بالإضافة إلى منع الحفلات الموسيقية والملاهي في إيران ومعاقبة القانون على السكن المشترك بين شاب وشابة إذا لم يكن يتوفران على عقد زواج. وأمام هذا الوضع "يلجأ الشباب إلى كبت احتياجاتهم الضرورية بشتى الوسائل" وهو ما قد يزيد من مخاطر اصابتهم بالاكتئاب، حسب كاهين.
حياة بأسلوبين مختلفين
تعتبر القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت أفضل مصدر يتعرف من خلاله الشباب الإيراني على حياة أمثالهم من الشباب في دول أخرى. ويرى الأخصائي النفسي، رضا كاظم زاده، بأن التناقض بين القيم التقليدية للمجتمع وأسلوب الحياة العصرية يشكل عبئا إضافيا على جيل الشباب. فهم لا يستطيعون التصرف مثل أبناء جيلهم خوفا من العقوبات. ويضيف كاظم زاده في حوار مع DW" الخوف المستمر يضطر الناس إلى المراقبة الذاتية. وهو ما يشكل عبئا على حياتهم النفسية".
وبسب هذا الضغط يضطر الكثير من الإيرانيين إلى اتباع أسلوبين مختلفين في الحياة. وهو ما يؤكده الطالب كاويه " كل ما نتوق إليه ولا نستطيع القيام به علانية، نقوم به خلسة في بيوتنا" لكن ماذا عن بعض الشباب الذين يعيشون في أسر محافظة ولايقدرون على العيش لوحدهم؟
"لا أريد أن يقال عني مجنون"
وإلى جانب الضغوط الاجتماعية يعاني الشباب الإيراني أيضا من مشاكل اقتصادية وهو ما يؤثر، حسب الطبيب النفسي كاظم زاده، سلبا على حالتهم المزاجية ويزيد من خطر إصابتهم بالأمراض النفسية. وفي ظل غياب الإمكانيات المادية لايستطيع الكثير من المرضى متابعة العلاج النفسي.
علاوة على ذلك يُعتبر الحديث عن مرض الاكتئاب في إيران أمرا محظورا ولا يؤخذ على محمل الجد. كما يخجل الكثيرون من الذهاب إلى الطبيب المعالج، كما يؤكد ذلك كاويه " حتى بالنسبة لي كان الأمر صعبا. فأنا لم أكن أرغب في أن يصفني الوسط القريب مني على أنني مجنون".
ويجمع الأخصائيون النفسيون في إيران بأن عدد المصابين بالاكتئاب سيرتفع مادام النظام السياسي المحافظ في الدولة الدينية يتدخل في حياة الناس ويضغط عليهم ويهددهم بفرض العقوبات.