أين تقف ألمانيا في الصراع الدائر بين مرسي والجيش والقضاء؟
١٠ يوليو ٢٠١٢
"ألمانيا شريك يمكن الاعتماد عليه"، رسالة أبلغها وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله إلى المسؤولين المصريين الجدد، مضيفا أن "هناك صداقة حميمة وشراكة اقتصادية واسعة مع مصر. نحن نريد أن نظل أصدقاء للمصريين في مرحلة التحول الديمقراطي". وبعد لقائه بالرئيس المصري الجديد محمد مرسي أعلن فيسترفيله أن بلاده تدعم مسيرة التحول الديمقراطي في مصر.
هذه المواقف تنبئ بتغيّر في السياسة الأوروبية إذا ما قورنت بمواقف الحكومات الأوروبية التي كانت متحفظة على ثورات الربيع العربي في بدايتها . كما أنّ هذه المواقف تكشف أن أوروبا فتحت صفحة جديدة في تعاملها مع تغيرات المنطقة، وهي صفحة يمكن أن توصف بأنها واقعية تتعامل مع المعطيات الموجودة على الأرض كما هي. وهل هذا يعني أن ألمانيا أضحت تدعم الأخوان المسلمين والرئيس مرسي في مواجهته مع الجيش والقضاء؟
" الموقف الألماني يعبّر عن موقف مبدئي من التحولات الديمقراطية"
لوتس روغلر، الباحث الألماني المتخصص في قضايا الإسلام السياسي تحدث إلى DW مجيبا عن هذا السؤال بالقول" الموقف الألماني يعبّر عن موقف مبدئي من التحولات الديمقراطية ومن المؤسسات الديمقراطية المنتخبة في مصر، لاسيما أن الانتخابات قد أفرزت أغلبية إسلامية، والحكومة الألمانية تتعامل مع هذا الواقع السياسي الجديد وتدعم النهج المؤسساتي الديمقراطي في هذا البلد".
من جانبه أعرب وزير الخارجية الألمانية عن ثقته بان مصر ستتجاوز الأزمة القانونية والسياسية التي اندلعت بين الرئاسة من جهة والجيش والقضاء من جهة أخرى. وتابع فيسترفيله بالقول: "أكد لي الرئيس الجديد، وهو الأول الذي ينتخب ديمقراطيا، أن هدفه ليس التشكيك في قرار المحكمة الدستورية بل كيفية تنظيم تطبيق القرار، أعتقد أن الطريق نحو حل لتجاوز الأزمة سينجلي".
"مؤسسات أوروبية تدعم الأحزاب الليبرالية في المنطقة العربية"
وينظر البعض إلى التعاون الألماني مع حكومة مرسي في المجال السياسي والاقتصادي ، باعتباره عاملا قد يضعف القوى الليبرالية في مصر، والتي قد تجد نفسها في نهاية المطاف وحيدة تواجه مدا إسلاميا منتخبا يدعمه الغرب. لكن لوتس روغلر لا يتفق مع هذا الرأي ويرى "أنّ على الحكومة الألمانية والحكومات الأوروبية الأخرى التكيف مع الواقع السياسي الجديد في المنطقة"، مشيرا إلى أن هذا لن يقود إلى إضعاف موقف القوى الليبرالية في بلدان التغيير. ويرى روغلر أن "هناك عددا كبيرا من المؤسسات والهياكل في أوروبا تساهم وتدعم الأحزاب والمنظمات الليبرالية في البلدان العربية، وهذا الدعم كما أرى سوف يستمر".
أوروبا تنتظر إذا أن تنمو المؤسسات الديمقراطية في المنطقة العربية وهي بدورها يمكن إن تدعم موقف الأحزاب الليبرالية واليسار في المنطقة. بيد أن موقف الإخوان من حقوق المرأة والأقليات تكتنفه الشبهات، وقد يتساءل المراقب: هل بدر تغير في هذا الموقف شجع حكومة ألمانيا على إعلان موقفها الداعم لديمقراطية الأخوان في مصر؟ عن هذا السؤال أجاب لوتس روغلر مبينا أن هناك اعترافا أوروبيا بالتغيرات الفكرية والسياسية داخل الأحزاب الإسلامية الكبيرة كالإخوان المسلمين في مصر، وحركة النهضة في تونس و"هذا يخلق أملا في تغيير رؤية هذه الحركات لقضايا حقوق المرأة الأقليات".
إستراتيجية أوروبية للتعامل مع التغيير في المنطقة
يبدو أن أوروبا وألمانيا تحاولان أن تصلا إلى تصور سياسي لأسلوب التعامل مع الأحزاب الإسلامية في المنطقة.
وفي هذا الصدد أكد وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله أن بلاده ستستغل ثقلها في الاتحاد الأوروبي لحث الأوروبيين على تقديم المزيد من الدعم لمصر. ويرى البعض أن أوروبا تبذل جهودا للتعرف على الواقع السياسي الجديد في المنطقة العربية. وعن هذا الأمر يقول الباحث الألماني لوتس روغلر إنّ "لقاءات كثيرة قد تمت في إطار البرلمان الأوروبي، وفي إطار مؤسسات أوروبية أخرى"، وذلك لتأسيس آصرة تفاهم بين المجتمعات الأوروبية والنخب السياسية الجديدة في المنطقة.
وقد يتهم البعض أوروبا بإتباع نهج براغماتي في التعامل مع التغيير في المنطقة، على أساس أنها تتجاهل مبادئها الليبرالية في سبيل مصالحها. وقد اتفق روغلر مع هذا الرأي جزئيا لكنه أستدرك بالقول: "موقف أوروبا في المقام الأول هو موقف واقعي، فقد تعلمت، على سبيل المثال، التعامل مع الحكومة شبه الإسلامية في تركيا. من هنا فإن هناك انفتاحا نسبيا على تجربة الإسلاميين في الحكم، ولكن لابد من التأكيد دائما على ضرورة احترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأقليات والآليات الديمقراطية بشكل عام".
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو