أولمبياد باريس.. السباح ماسو وأمل جديد مع فريق اللاجئين
٢٤ يوليو ٢٠٢٤لم يكن السبّاح الأولمبي علاء ماسو يخطط مطلقًا للقدوم إلى ألمانيا، ولكن بعد ثماني سنوات من لجوئه هنا، أصبح هذا البلد بالنسبة له هو "الوطن". يقول ماسو في مقابلة حديثة مع DW من قاعدة تدريباته في هانوفر: "لا أعتقد أن الوطن هو المكان الذي نشأت فيه أو ولدت فيه.. بل الوطن هو حيثما تشعر نفسك في المنزل، حيث يتم منحك هذا الشعور من قبل الأشخاص المحيطين بك".
في عام 2015، مع اشتداد الحرب الأهلية في وطنه سوريا، لم يكن لماسو خيار سوى المغادرة إذا أراد متابعة مسيرته في السباحة. إذ فر هو شقيقه الأكبر، مو، وركبوا رحلة طويلة وشاقة إلى أوروبا عبر تركيا.
وبسبب أنه قادم من حلب، وهي ساحة معركة رئيسية في الحرب، فقد قضى عدة أشهر بدون تدريب. وقال: "كان يتعين دائماً النظر إلى مدى أمان الوضع وما هي الأولويات".
الحرب الأهلية أبطأت مسيرته
كان الأخوان ينويان بالأساس الاستقرار في هولندا مع بعض أفراد الأسرة الآخرين. ولكن لأنهم تم أخذ بصماتهم أثناء العبور عبر ألمانيا، فقد كانت القواعد الأوروبية تعني أن طلبات اللجوء الخاصة بهم يجب أن يتم معالجتها هنا.
منذ ذلك الحين، كان يحاول تعويض الوقت الضائع، على الرغم من أن ماسو، البالغ من العمر 24 عاماً، يفضل عدم التفكير في الماضي. لكنه لا يمكن إخفاء الحقيقة أن الحرب الأهلية أعاقت مسيرته المزدهرة، مؤكداً: "لا يمكن أبدًا تعويض مثل هذا الضرر، فالسنوات الأربع التي لم أكن قادراً فيها على التدريب هي بعض من أهم السنوات في حياة السباح الذي يضع فيها الأساس لكل ما سيأتي في المستقبل."
المهاجرون "يمكنهم تحقيق أهدافهم"
كان ماسو يبلغ من العمر أربع سنوات عندما علمه والده السباحة. وبعد ذلك استلهم من مايكل فيلبس وميدالياته الذهبية الثماني في دورة الألعاب الأولمبية بكين 2008، ولاحقا قرّر أنه يومًا ما سيشارك في الأولمبياد بنفسه. تحققت رغبة ماسو في عام 2021، عندما تم اختياره لتمثيل منتخب اللاجئين الأولمبي في ألعاب طوكيو، علماً أن فريق اللاجئين ظهر لأول مرة في أولمبياد ريو 2016 بقرار من اللجنة الأولمبية الدولية.
وفي لحظة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، احتضن ماسو شقيقه في حفل افتتاح طوكيو. لكن على الرغم من رحلتهم المشتركة إلى ألمانيا، كان مو يشارك في سباق الترياتلون (السباق الثلاثي) لصالح سوريا. ويوضح ماسو: "كان ذلك فقط لأنه كانت لديه علاقات أفضل مع الاتحاد السوري من التي كانت لدي".
بينما اعتزل مو منذ ذلك الحين، فإن علاء ماسو سيكون مرة أخرى جزءًا من فريق اللاجئين في باريس، على الرغم من قوله إنه سيتعامل مع المشاركة كما لو كانت أول أولمبياد له. وقال: "أنا الآن سباح أكثر خبرة ولست مبتدئاً كما كنت في طوكيو، مما يجعلني أكثر حماسة لذلك".
ماسو، الذي من المقرر أن يشارك في سباق 50 متر حرة في باريس، هو جزء من فريق اللاجئين الذي يضم 37 عضوا، مع العلم بأن الفريق يمثل أكثر من 100 مليون شخص مشرد قسريًا حول العالم.
وقال ماسو: "نحاول تقديم اللاجئين بأفضل طريقة ممكنة ونحاول إظهار أنه حتى الأشخاص من خلفيات مهاجرة يمكنهم تحقيق أهدافهم والاندماج في مجتمعهم الجديد".
تصاعد المشاعر المناهضة للمهاجرين
الاندماج هو موضوع فكر فيه ماسو كثيرًا، في وقت يتزايد الشعور المناهض للمهاجرين في ألمانيا. تم تأجيج هذا الشعور من قبل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني الشعبوي، خصوصا مع تسريبات ذكرت أن أعضاء من هذا الحزب يخططون مع يمينيين متطرفين لترحيل ملايين الأشخاص "غير المندمجين". بيد أنّ ماسو يتردد في البداية عن الخوض في النقاش السياسي، قبل أن يوضح ما يحتاج حدوثه.
ويوضح: "أعلم أنه بغض النظر عن حجم الحزب أو عدد المقاعد التي يملكها كل حزب، لا يمكنهم تقرير كل شيء بأنفسهم". "هذا هو الشيء الجيد في أوروبا والديمقراطية في أوروبا. فقط لأنك الحزب الحاكم، لا يمكنك فعل كل ما تريده."
ويضيف: "يجب أن تقام بعض الورشات للاجئين الجدد لمحاولة تثبيت الثقافة الجديدة التي يحاولون الدخول فيها". "لا أقول إن الأشخاص يفترض أن يتخلوا عن ثقافتهم أو خلفيتهم، ولكن يجب عليهم أيضًا محاولة الاندماج في المجتمع الجديد الذي يحاولون العيش فيه".
وعلى الرغم من المناخ السياسي الصعب في ألمانيا وتحقيق اليمين الشعبوي نجاحا واضحا في الانتخابات، فإن ماسو متفائل بشأن مستقبله الشخصي. ويخطط لتقديم طلب للحصول على الجنسية الألمانية "للالتحاق التام بالمجتمع الألماني". وبعد ذلك، "هل سيحمل ألوان ألمانيا"؟ يرد :"سأكون بخير تماماً مع هذا الأمر".
أعده للعربية: ع.ا