أوكرانيا "على الطريق الصحيح" للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
٢٥ يونيو ٢٠٢٣تصاعدت آمال أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا الأسبوع الجاري في كسب عضوية الاتحاد الأوروبي على وقع مخرجات المناقشات التي دارت بين وزراء الشؤون الأوروبية في دول التكتل خلال اجتماعهم في العاصمة السويدية ستوكهولم.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق بالإجماع بعد أربعة أشهر من بدء روسيا توغلها العسكري في أوكرانيا أواخر فبراير / شباط العام الماضي، على منح أوكرانيا وجارتها مولدوفا وضع صفة مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، لكن التكتل قال إنه مازال أمام جورجيا الكثير لتنفيذ إصلاحات معينة من أجل الحصول على نفس الوضعية.
وخلال مشاركتها في اجتماع ستوكهولم، قالت وزيرة الشؤون الأوروبية السويدية جيسيكا روسوال إن المسار لم يتغير بعد بشأن ملف جورجيا، لكنها أشادت بجهود الإصلاح التي تبذلها أوكرانيا ومولدوفا لنيل عضوية التكتل الأوروبي.
وفي ذلك، أضافت أنه على الرغم من "الحرب العدوانية الروسية الوحشية ضد أوكرانيا، إلا أن كييف أحرزت تقدما كبيرا بما يشمل تمرير مشروع قانون جديد بشأن المحكمة الدستورية واعتماد قانون جديد بشأن وسائل الإعلام. إنا مقتنعة بأن الأمر سيكون بمثابة دافعا للمضي قدما في المزيد من الإصلاحات".
وفيما يتعلق بدولة مولدوفا، قالت المسؤول الأوروبية إن تشيسيناو "حققت هي الأخرى تقدما كبيرا في ضوء التحديات الاجتماعية والتهديدات الروسية".
إصلاحات رغم الحرب
متحدثا إلى الصحافيين بعد اجتماع ستوكهولم، قال مفوض التوسُّع في الاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي إن أوكرانيا "تسير على الطريق الصحيح" في ضوء ما تحرزه من تقدم، مضيفا أن كييف استوفت "شرطين اثنين من أصل سبعة شروط" لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي.
وتتعلق الشروط السبعة والتي جرى وضعها العام الماضي، بتدابير مكافحة الفساد وتنفيذ إصلاحات قضائية واسعة النطاق فيما قال فارهيلي إن أوكرانيا اتخذت خطوات مهمة في إطار إجراء إصلاحات قضائية واعتماد تشريع خاص بتنظيم عمل وسائل الإعلام بما يتماشى مع قوانين الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي أعرب المسؤول الأوروبي عن ثقته في استمرار كييف في إجراء المزيد من الإصلاحات الداخلية، أوصى بضرورة إقدام أوكرانيا على خطوات أكثر "لتعزيز منظومة مكافحة تبييض الأموال والفساد". وشدد فارهيلي على أن هذه الخطوات ضرورية لكي تصبح أوكرانيا عضوة في الاتحاد الأوروبي.
الجدير بالذكر أنه منذ حصول كييف على صفة مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، بدأت السلطات الأوكرانية في شن حملات لاستهداف السياسيين وموظفي الدولة وأبناء النخبة أو ما يُعرفوا بـ "الأوليغارش" ممن جرى اتهامهم بالفساد.
وفي هذا السياق، أعلن مكتب المدعي العام في أوكرانيا اتهام مسؤول سابق في وزارة الدفاع باختلاس مبالغ كبيرة فيما شهد الشهر الماضي اعتقال رئيس المحكمة العليا على وقع الاشتباه في حصوله على رشاوى بقيمة 2.7 مليون دولار ( حوالي 2.5 مليون يورو).
بدوره، يرى مايكل لي، الزميل الزائر في مركز "صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة" البحثي في بروكسل، أنه في الوقت الذي تقر فيه المفوضية الأوروبية بالتقدم الذي أحرزته كييف، فإنه "يتعين إثارة تساؤلات حيال التحديات الرئيسية التي قد تفرضها أوكرانيا على الاتحاد الأوروبي باعتبارها مرشحا منخرطا في المفاوضات."
وأضاف "يجب أن نتذكر أن أوكرانيا بلد كبير يبلغ عدد سكانه حوالي 45 مليون نسمة فيما يعمل ربع القوى العاملة في مجال الزراعة. وأيضا يقل الدخل القومي للفرد في أوكرانيا كثيرا عن معدلات الاتحاد الأوروبي. لذلك فإنه في حالة تطبيق سياسات الاتحاد الأوروبي الحالية على أوكرانيا – إذا انضمت إلى التكتل - فهل الاتحاد على استعداد لمزيد من الإنفاق؟ ولهذا، تشعر بعض دول الاتحاد الأوروبي بالقلق حيال تكلفة عملية توسيع التكتل".
وفي الوقت الراهن، مازالت مواقف بلدان الاتحاد الأوروبي متباينة حيال انضمام أوكرانيا إذ تضغط دول الجوار مثل بولندا ودول البلطيق من أجل تسريع انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي فيما تبنت ألمانيا وفرنسا وهولندا نهجا أبطأ في محادثات الانضمام.
تزامن هذا مع انتقاد المجر إجراءات توسيع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بهدف ضم أوكرانيا حيث تطلب بودابست من كييف معالجة قضية تعامل سلطات البلاد مع أقلية العرقية الهنغارية.
ملف مولدوفا وجورجيا؟
وذكرت شبكة "يوراكتيف" الأوروبية أن تقرير المفوضية الأوروبية الخاصة بعملية توسيع التكتل ذكر أن مولدوفا قد نفذت بالكامل "ثلاثة من تسعة شروط" تتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية فيما لا يزال أمام جورجيا الكثير من العمل إذ استوفت "ثلاثة توصيات من أصل اثني عشر" لازمة للحصول على صفة مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي.
وفي ذلك، أشار مايكل لي إلى أن هناك إشكالية فيما يتعلق بمولدوفا تتمثل في "إقليم ترانسنيستريا الذي يعد جزءا من أراضيها لكن تحتله وتديره روسيا. هذا الإقليم يمثل تحديا لمولدوفا في سعيها لأن تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي".
وأضاف "أن حكومة مولدوفا مازالت تتأرجح ما بين مسؤولين موالين أكثر للغرب وآخرين موالين أكثر لروسيا، لذا يتعين على مولدوفا حسم هذه القضية في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على صفة مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي. ونتساءل كيف سيكون رد فعل الاتحاد الأوروبي عندما يحين الوقت لمولدوفا لتصبح عضوة في التكتل. هذه أسئلة يتعين على مسؤولي الاتحاد معالجتها كجزء من مناقشات عملية التوسيع".
توسع الاتحاد الأوروبي لمواجهة روسيا؟
وقال لي إن عملية ضم الاتحاد الأوروبي بلدان أخرى مثل أوكرانيا ومولدوفا وحتى جورجيا ترمي إلى بعث برسالة قوية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذى ينظر بسلبية إلى عملية توسع التكتل.
وأضاف "لم يكن بوتين قبل عشرين عاما يساوره قلقا بالغا بشأن تحركات الدول التي كانت في السابق تحت لواء الاتحاد السوفيتي نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حيث مثل الناتو مصدر قلقه الرئيسي بسبب كونه تحالفا عسكريا. لكن مع مرور الوقت، بدأ بوتين يرى أن احتمالية انضمام هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي يمثل تهديدا لبلاده".
وقال إنه في المقابل، يجب أن يدرك "الاتحاد الأوروبي أنه في ظل الوضع الجيوسياسي الراهن، فإن عملية التوسع كأداة وحيدة للسياسة الخارجية لن تحل مشاكل التكتل مع روسيا. يجب أن يركز الاتحاد أيضا على تطوير أدوات أخرى لتنفيذ السياسات الجيوسياسية كما هو الحال في مجال الأمن والدفاع".
يشار إلى أنه من المتوقع أن يجرى الاتحاد الأوروبي تقييما رسميا لتقرير المفوضية الأوروبية بشأن عملية التوسع في أكتوبر/ تشرين الأول إذ ستكون كلمة الفصل بشأن التقدم الذي أحرزته أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا في أيدي زعماء التكتل الأوروبي.
بريانكا شانكار / م. ع