أوغندة في طريقها إلى اقتحام الفضاء الكوني
٢٢ يناير ٢٠١٢في الفناء الخلفي لبيت صغير من الآجر في العاصمة الأوغندية كامبالا تنكب مجموعة من الرجال على صقل الجسم الخارجي لطائرة جاثمة في المكان كي يتمكنوا من طلائه بعد ذلك. وتتسع الطائرة لشخصين فقط ولا يزيد طول جناحيها على عشرة أمتار. لكنها ليست مجرد طائرة، فهي تجهز للتحليق في الفضاء الخارجي والقيام بقياس النيازك التي تخترق طبقة الغلاف الجوي.
تشكل هذه المركبة الفضائية بداية البرنامج الأوغندي لغزو الفضاء، كما يقول رئيس المشروع كريس نسامبا البالغ من العمر 26 عاما "لقد قمنا في أيار/ مايو الماضي بتجربة نموذج منها وتمكنت من التحليق بها حتى الحدود الخارجية للغلاف الجوي للأرض".
وبذلك برهن نسامبا على أن هذه التكنولوجيا تعمل بنجاح. ويتم التخطيط لتحليق هذه السفينة ما يقارب 13كيلومترا واصلة إلى ارتفاع 45 ألف قدم، أي إلى طبقة الستاتوسفير خارج نطاق الغلاف الجوي للأرض.
حلم الطفولة
وفي حال نجاح هذه التجربة، فإن كريس نسامبا يخطط لبناء مركبة ثانية تصل أيضا إلى الفضاء الخارجي. وهو يخطط ليصبح في غضون خمس أو ست سنوات أول رائد فضاء أوغندي، ويحقق بذلك حلم طفولته، كما يقول. وكان قد تخصص في هندسة الطيران في تكساس بالولايات المتحدة. وهناك اكتسب بعض الخبرات في الطائرات والتحليق في الجو. "كنت في 13 من عمري عندما صنعت أول صاروخ"، يقول نسامبا، ويشير إلى أنه تعلم الكثير في شبابه من معارف له يعملون لدى وكالة الفضاء الأمريكية ناسا.
وخلال فترة الدراسة أشرف نسامبا على تنفيذ مشروع هادف إلى بناء طائرة. وقام بنفسه باختبار هذه الطائرة في عام 2003 "في ذلك الوقت ظننت أنني لن أختبر طائرة في حياتي مرة ثانية. لكن بعد مرور ثماني سنوات على ذلك، ها أنا مقدم على التجربة من جديد"، يقول نسامبا وهو يضحك بسعادة.
تحديات كبيرة
نسامبا يخطط للتحليق هذه السنة بطائرته الجديدة، لكن عليه أولا التغلب على تحديات كثيرة. وهو ما يزال ينتظر وصول المحرك وكل ما يتعلق بإلكترونيات الطيران التي طلبها من الولايات المتحدة. ويخشى أن يواجه مشاكل مع مصلحة الجمارك في أوغندة، لأنه لم يسبق لأحد أن استورد مثل هذه المعدات المتطورة في بلاده. كما عليه الحصول على إذن بالتحليق في الأجواء الإفريقية الشرقية، وتنظيم عملية نقل سفينته الفضائية بواسطة طائرة هيلوكبتر من حديقة منزل والديه إلى المطار، كي يتمكن من الانطلاق من هناك.
ومن المرجح أن يتغلب نسامبا على هذه العقبة بعد أن اتصل به الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني شخصيا وهنأه، وقدم الدعم المالي لمشروعه. وكان نسامبا قد مول مشروعه من أقساط الأعضاء والتبرعات التي تقدمها وكالة الفضاء الأوغندية التي أسسها. نيكسون لوغينكه هو أحد هؤلاء الأعضاء المتبرعين وهو يساعد نسامبا على تجهيز الطائرة ويقول: " أعتقد أن هذا يشكل منطلقا جيدا لنجاحي في المستقبل، فأنا مغرم منذ طفولتي بالفضاء الكوني".
إرث للأحفاد
ويأتي لوغينكه كل يوم إلى هنا بعد انتهائه من عمله، فهو يسعى إلى تحقيق حلم له كما يقول: "أريد أن أصبح رائد فضاء حتى لو وصفنا البعض بالجنون، وهنا أتعلم كيف يمكن تحقيق ذلك". ثم يشير إلى الفوائد الأخرى لهذا المشروع ويضيف: "وكالة الفضاء الأوغندية قد تكون إرثا جيدا لأحفادنا".
وتضم وكالة الفضاء الأوغندية اليوم أكثر من 600 عضو، وعددهم في ازدياد. ويتلقى مشروع نسامبا في هذه الأثناء تبرعات أيضا من قبل عشاق الفضاء الكوني في الولايات المتحدة وكينيا. والمسألة لم تعد سوى مسألة وقت، إلى حين تحليق كريس نسامبا إلى الفضاء الكوني.
سيمونة شليندفاين/ منى صالح
مراجعة: أحمد حسو