أوروبا تبحث عن سياسة لجوء مشتركة، ودعوات مغاربية لمعالجة شاملة للهجرة
١٢ أكتوبر ٢٠١٢ٌيتوقع أن تتوصل دول الاتحاد الأوروبي حتى نهاية عام 2012 إلى نظام لجوء أوروبي مشترك، لأن ظروف عيش طالبي اللجوء لا تزال تختلف من بلد أوروبي إلى آخر، بل وحتى إجراءات منح اللجوء تتفاوت من بلد لآخر. ورغم هذه المعطيات تتفادى خبيرة شؤون الهجرة في منظمة العفو الدولية، أنليزه بالداتشيني الإيحاء بأنها غير صبورة، وقالت: "سيستغرق الوقت طويلا إلى حين التوصل إلى قاعدة عمل مشتركة. فعلى المستوى الأوروبي لدينا أنظمة مشتركة وقوانين ملزمة. ولكن إلى حين التطبيق وإقامة البنية التحتية في الدول الأعضاء، يعني التطبيق على أرض الواقع، يستغرق ذلك وقتا طويلا".
واليونان التي يصلها حاليا أكبر عدد من اللاجئين عبر حدودها الخارجية بها بنية تحتية ضعيفة. وتفيد معلومات وزارة الخارجية اليونانية أن حوالي 500 شخص عبروا يوميا الحدود اليونانية التركية عبر إقليم افروس خلال السنة الماضية. وحتى مندوبة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، سيسيليا مالمشتروم لا تزال تتذكر ما عايشته في أحد معسكرات إيواء اللاجئين هناك، وتقول:"مازلت أتذكر شابا من أفغانستان التقيته في افروس باليونان. وقال لي إنه يبلغ من العمر 14 عاما، وقطع الطريق كله من أفغانستان. وكان يقبع مع 60 أو 70 شابا آخرين في غرفة صغيرة، وكان هناك مرحاضان، واحد منهما غير قابل للاستعمال. وطلب مني أن أعطيه بعض اليوروهات ليتصل هاتفيا بوالدته، لأنه كان يعلم بأنها قلقة على مصيره".
الحرب في سوريا تكثف الهجرة عبر حدود أوروبا
الوضع معرض لمزيد من التأزم، فالنزاع الدموي في سوريا سيجبر حسب توقعات الأمم المتحدة حتى نهاية العام الجاري حوالي 700 ألف شخص على هجرة البلاد. وقد فر إلى حد الآن 300 ألف سوري، غالبيتهم في اتجاه دول الجوار لبنان والعراق والأردن وتركيا. ومن هناك يتدفق عدد آخر على اليونان عبر جزر بحر إيجه، وليس عبر إقليم افروس في الشمال. أنليزه بالداتشيني من منظمة العفو الدولية تناشد إرادة دول الاتحاد الأوروبي لاستقبال لاجئين، وتقول:"كم هو عدد اللاجئين الذين فروا إلى الاتحاد الأوروبي منذ تفجر الأزمة قبل عام ونصف؟ حوالي 12 ألفا. هذه ليست هجرة مكثفة إلى أوروبا. بالطبع الأعداد ارتفعت، وهذا ليس من شأنه أن يقلق أحدا، لكن على بعض الدول أن تتخذ إجراءات بهذا الشأن".
لكن اليونان تعاني بسبب الأزمة الاقتصادية من مشاكل مالية لإيواء اللاجئين بكيفية مقبولة نسبيا. كما أن اليونان المصدرة سابقا لمهاجرين لا تتوفر إلى حد الآن على قانون لجوء أو قانون شؤون أجانب يمكنها من التعاطي مع تنامي عدد المهاجرين الذين يدخلون أراضيها منذ 20 عاما. فالسلطات اليونانية تقدر أن مليون من بين أحد عشر مليون من سكان البلاد لهم جذور أجنبية. خبيرة شؤون الهجرة بالداتشيني تقيم الوضع في اليونان بقولها إن "السلطات اليونانية تبدو عاجزة تماما عن ضمان الحاجيات الأساسية للاجئين فيما يرتبط بالإقامة والغذاء وحماية ملائمة".
اليونان لم تحقق أي تقدم في تحسين ظروف اللاجئين
وتشير مندوبة الاتحاد الأوروبي مالمشتروم إلى أن الدول الأوروبية في طور المرحلة النهائية من المفاوضات حول نظام لجوء أوروبي مشترك يمكن من تجاوز هذه التحديات. ورغم بعض إجراءات الدعم الأوروبية للبلدان التي تأوي لاجئين يتطلب الوقت طويلا في اليونان إلى حين تقديم طلب للحصول على اللجوء، وتؤكد بالداتشيني أنه يتم تخويف اللاجئين من تقديم طلبات لجوء، لأنهم يخشون تماطلا طويلا في معالجة ملفاتهم، الأمر الذي من شأنه إطالة فترة بقائهم في معسكرات اللاجئين المزدحمة.
وفي مالطا حيث انعقدت السبت الماضي (6 أكتوبر 2012) قمة مجموعة خمسة زائد خمسة المغاربية الأوروبية تقرر تشكيل "قوة عمل مشترك لتجميع الطاقات" للتصدي للهجرة السرية من بلدان جنوب المتوسط إلى بلدان شماله التي وصفها الرئيس التونسي منصف المرزوقي بأنها "أولوية ملحة قصوى".
الدول المغاربية تريد معالجة شاملة وليس فقط أمنية للهجرة
وقال الرئيس التونسي منصف المرزوقي إنه "من الجيد الحديث عن التنمية وشبكات الطاقة الشمسية، لكن الأولوية الملحة هي الهجرة". وأضاف "لقد اقترحت على القمة التي وافقت، تشكيل فريق عمل لمنع هذه الهجرة ونجدة هؤلاء الناس بهدف تفادي حدوث مآس في البحر".
وتابع "هناك أطفال تونسيون وليبيون وأحيانا يافعون صغار جدا في السن يموتون في حالات غرق. وكل حالة غرق هي مأساة بالنسبة إلى الإنسان. ولا يمكن القبول بهذه المآسي البشرية. ولا يمكن ان يكون هذا هو الثمن لأي تنمية اقتصادية".
وأشار الرئيس التونسي إلى أن بلاده تنوي أن تستضيف قريبا اجتماعا على مستوى الوزراء المكلفين بالأمن والهجرة والقضايا الإنسانية لوضع "التفاصيل التقنية" لهذه اللجنة، مشددا على أن "المهم هو الاتفاق على المستوى السياسي ثم نبحث" التفاصيل.
ويلاحظ بعض المراقبين أن هذه القمة في مالطا لم تضم دولا من شرق المتوسط تعاني هي الأخرى من الهجرة السرية، مما يجعلها تشكو من وجود خلافات حول هذه القضية بين الدول الأوروبية. غير أن الخبيرة في شؤون الهجرة بالداتشيني تقول إن تلك اللقاءات عبارة عن "عمليات متوازية تشمل اجتماعات على المستوى الأوروبي والثنائي وأيضا لقاءات مع دول خارج الاتحاد الأوروبي. هذه الاجتماعات يمكن أن تساعد في حل مشاكل إقليمية خاصة. والمسألة مرتبطة فقط بالحوار. وهذا لا يتعارض مع إدراج نظام لجوء مشترك".