ألمانيا: "ملف الإسلام".. الغائب الحاضر في الحملة الانتخابية
١ أغسطس ٢٠١٧تعتبر ألمانيا بلدا علمانيا، حيث لا يلعب الدين غالبا دوراً في السياسة. ولكن استقبال موجة من اللاجئين غالبيتهم من المسلمين في خريف عام 2015 في ألمانيا وأيضا تنامي الإرهاب الإسلاموي وضع ملف الإسلام على جدول الأعمال السياسية.
"ألمانيا ليست بلد البرقع" كان هذا ما أعلن عنه على سبيل المثال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير ضمن نقاطه العشر التي حددها كمعالم تحضُر استرشادية للمجتمع الألماني في إطار الدوري الريادي للثقافة الألمانية في أواخر نيسان/ أبريل. ويبدو أن موضوع حظر البرقع يطفو باستمرار على سطح المناقشات حول الاندماج والإسلام والإسلاموية. بالرغم من عدم وجود أكثر من بضع مئات من النساء المنقبات في ألمانيا. ففي حين أعلن الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف في خطابه الذي أثار الكثير من الجدل عام 2010 أن "الإسلام ينتمي إلى ألمانيا". إلا أنه سيتم في نهاية أيلول/سبتمبر انتخاب برلمان اتحادي جديد، حيث تخشى الأحزاب التقليدية الكبيرة منافسيها في المعسكر اليميني الشعبوي.
ملف اللاجئين في صدارةالقائمة
ورغم ذلك تتجنب الأحزاب، وبالأخص الحزبان الرئيسيان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي، تناول ملفات الإسلام والثقافة الرائدة والاندماج لحد الآن في برامجهما الانتخابية. إلا أنه ومنذ منتصف تموز/ يوليو أدخل مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتس قضية اللاجئين في برنامجه الانتخابي. وبحسب تقديرات المحلل السياسي من برلين أوسكار نيديرماير، فإن "مشكلة اللاجئين، التي ترتبط بنظر المواطنين الألمان مع موضوعات الإسلام والإرهاب، تمثل إلى حد بعيد الموضوع السياسي الأهم ". ويرى الباحث في الأحزاب خلال مقابلة مع DW أنه من المحتمل، أن يطغى موضوع اللاجئين بقوة خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية".
وما يعقد النقاش حول الإسلام والشريعة هو وجود الكثير من التأويلات والتي تزيد الطين بلة. "يمكن بالشريعة أن تتحايل على حقوق الإنسان أو يمكنك تبرير حقوق الإنسان بالشريعة"، كما يقول الخبير في القانون والإسلام ماتياس روه لـ DW على هامش مؤتمر خاص في فرانكفورت، والذي سلط الضوء على منحى التوتر بين "الشريعة والدستور الألماني".
المساواة بين الجنسين على المحك
من جانبها ترى سوزان شروتر، مديرة مركز فرانكفورت للبحوث الإسلامية العالمية في مقابلة مع DW بأنه في كل مكان، حيث يتم اتباع الشريعة على أنها مجموعة من المعايير والقيم، تظهر بالأخص توجهات قمعية واضحة. وتشير شروتر على سبيل المثال إلى التوزيع بين الجنسين وتقول: "سوف نجد على مستوى جميع المذاهب الشيء نفسه: وهو غياب المساوة بين الرجال والنساء، كما تُمنح الامتيازات للرجال".
وترى شروتر أن في أوروبا هناك توجهات لفرض نظام إسلامي قمعي، "أينما توجد أحياء إسلامية، وخاصة في المملكة المتحدة، و أيضا في ضواحي باريس، نرى سيادة هذا النظام الإسلاموي في الأوساط الاجتماعية". وتوضح شروتر كيف يؤثر هذا النظام على الأوساط الاجتماعية قائلة:" على سبيل المثال في بعض الأحياء لا وجود للمرأة في المقاهي والمطاعم . كما يتم إغلاق جميع المحلات والمقاهي في شهر رمضان. إذ أن الموضوع تجاوز مسألة ما إذا كانت هناك امرأة غير منقبة تسير في الشارع، لأن النساء الغير المنقبات لم يعد لهن وجود بتلك الأحياء".
ألمانيا في الواقع بعيدة كل البعد عن مثل هذه المشاهد، كما تقول شروتر. ولكن الضغط على الفتيات المسلمات بارتداء الحجاب في المدارس، والالتزام بالفصل بين الجنسين في تزايد مستمر. "هناك محاولات للضغط عليهن، والتقاط صور لهن، يتم نشرها على الإنترنت، وتوجيه الاتهام لآبائهن بأن ابنتهما ستصبح بهذا الشكل السافر "عاهرة"، بحسب شروتر.
أوهام التعددية الثقافية
و تكشف مثل هذه المشاهد بوضوح عن أوهام التعددية الثقافية، كما يرى خبير العلوم السياسية فيرنر باتزلت من درسدن. بالنسبة لباتزلت "فإن المساواة بين الجنسين هي جزء خاص من الثقافة الأوروبية والغربية، كما تعد هذه الثقافة شرطا أساسيا لأسلوبنا في الحياة ككل"، حسب تعبيره.
ويرى الخبير الألماني أن التعددية الثقافية تشترط بشكل أساسي أن "يتقبل جميع المهاجرين ثقافتنا ويضيفوا لها لمستهم الشعبية، بملابس أخرى، أعياد ومناسبا أخرى وما إلى ذلك من الأمور مشابه". ويضيف الخبير"ولكن هذا لا يحدث، عندما يأخذ بعض الأشخاص تفسيراً معيناً لدينهم على محمل الجد".
و بالنسبة لعلاقة التعددية الثقافية بالأحزاب يقول باتزلت: " بقدر ما تكون توجهات الأحزاب أكثر يمينية ، بقدر ما تكون المطالبة أكثر بعدم تغيير ثقافة البلاد، كما تقل العوائق لفرض هذا المطلب أيضا على المهاجرين. وهذه المطلب يتمثل في وجوب تقبل نموذجنا الثقافي"، حسب قول الخبير.
عند إلقائه نظرة على البرامج الانتخابية واجه الباحث في الأحزاب السياسية نيديرماير مسألة ما إذا كان يتعين على ألمانيا أن تتحول إلى مجتمع أكثر انفتاحا على تعدد الثقافات. أوما إن كان يتوجب عليها التشبت بقوة على النُظم والمعايير التي تبلورت تاريخيا في المجتمع الألماني. ولكن بالمقابل لم يتم لحد الآن مخاطبة المسلمين كمجموعة مستهدفة في الحملة الانتخابية، بينما يوجد في ألمانيا نحو خمسة ملايين مسلم،لا لا يعرف بالضبط عدد من يحق لهم التصويت من بينهم، بحسب نيديرماير.
فون هاين ماتياس/ إ. م