ألمانيا تبحث منح اللاجئين المقيمين فوق اراضيها حق الاقامة
١٦ نوفمبر ٢٠٠٦بدأت بوادر اتفاق بشأن تسوية أوضاع اللاجئين الأجانب المقيمين في ألمانيا بانتظام لمدة طويلة تلوح في الأفق. فبعد سنوات من الجدل بين الأحزاب السياسية الكبرى في ألمانيا توصلت حكومة الإتلاف الموسع يوم الثلاثاء الماضي (14 نوفمبر/تشرين الثاني2006) إلى اتفاق مبدئي حول مشروع قانون يمنح اللاجئين إمكانية الحصول على الإقامة وفق شروط محددة. جدير بالذكر أن عدد اللاجئين في ألمانيا يبلغ 200 ألف شخص معظمهم من أفغانستان والعراق وكوسوفو. لكن ردود الفعل داخل الأوساط السياسية في ألمانيا عقب الإعلان عن هذا الاتفاق جاءت متباينة ومنقسمة بين مؤيد ومعارض لفكرة المشروع القانوني. وتشير الخلافات الحالية حول كيفية التعامل مع ملف شائك، طالما تم تأجيل النظر فيه وتضاربت الآراء حول كيفية معالجته، تشير إلى أن هذا المشروع ما زال بحاجة إلى مزيد من المناقشات البنائة لإقناع معظم الأطراف السياسية المعارضة للفكرة وتبديد مخاوف الأطراف الأخرى التي تخشى أن يجلب معه هذا الإجراء أعباء مالية غير معلنة.
أعباء مادية على الولايات؟
لقد كان رؤساء وزراء الولايات الألمانية المنتمين إلى الحزب المسيحي الديموقراطي أول من أعرب بصراحة عن معارضتهم لمشروع القانون الجديد. فقد أعلنوا عن عزمهم عرقلة المصادقة علي مشروع القانون في مجلس الولايات حيث يشكلون الأغلبية داخله. وأشار أوفه شونمان، وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى، في هذا المضمار إلى أن محاولات المصادقة على القانون الجديد ستبوء بالفشل في مجلس الولايات مثلما فشلت محاولات الحكومة السابقة بقيادة غيرهارد شرودر في تمرير قانون مماثل لم يحظى بقبول سياسي كبير. ووجه شونمان أيضا انتقادات شديد اللهجة لوزير الداخلية الاتحادي فولفغانغ شويبله وصفه فيها بعدم الدراية وبافتقاده للرؤية الواقعية للأمور، منبها في نفس الوقت إلى أن منح الإقامة الدائمة للاجئين يأتي على حساب البلديات. فهو يخشى أن يتسبب حصول اللاجئين على الإقامة الدائمة في زيادة الأعباء المالية للبلديات، لأنها المسؤولة في نهاية المطاف عن دفع المعونات الاجتماعية للعاطلين عن العمل. وفي خضم هذا الجدل يأمل المراقبون السياسيون أن تتم تسوية الخلافات الحالية بشأن هذا الموضوع خلال المؤتمر الذي يعقده وزراء داخلية الولايات ووزير الداخلية الاتحادي حاليا في مدينة نورنبيرغ على مدى يومين.
محتوى القانون
ويمنح القانون الجديد، إذا تمت المصادقة عليه، اللاجئين مستقبلا الحصول على حق إقامة دائمة في ألمانيا بعد قضائهم فترة زمنية طويلة فيها. حيث سيفتح أمامهم مجالا للتقدم بطلب منحهم إقامة دائمة بعد قضائهم ثماني سنوات إذا كانوا عُزاب أو بعد إقامتهم لمدة ست سنوات في ألمانيا بشكل منتظم إذا كانوا متزوجين ولديهم أطفال قاصرين. ويرغب الساسة الألمان، المؤيدين للقانون، في أن يُحسن هذا الإجراء ظروف عيش اللاجئين ويُسهل دخولهم إلى سوق العمل، لكنه يشترط في نفس الوقت أن يكون اللاجئون الراغبون في الاستفادة من التسهيلات القانونية المرتقبة أن يكونوا مندمجين اقتصاديا واجتماعيا. فضلا عن ذلك سيضطر هؤلاء الأشخاص إلى إثبات قدرتهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم دون الاعتماد على المعونات الاجتماعية التي تمنحها الدولة لذوي الدخل المنخفض أو لمن لا دخل له.
من ناحية ثانية، سيتوجب على المتقدمين بطلب الإقامة الدائمة تعزيز طلبهم بوثائق تثبت توفر أعضاء أسرهم على إلمام كاف باللغة الألمانية وذلك إلى غاية سبتمبر 2007. كما ينص مشروع القانون الجديد على حرمان كل شخص من تسوية أوضاعه إذا تبين أنه قدم وثائق مزورة أو تحايل على السلطات للحصول على إقامة دائمة.
استقبال متباين للمشروع
على صعيد آخر، رحب وزراء داخلية شليسفيرغ هولشتاين و رايلاند بفالس، رالف شتيغنر وكارل بيتر بروخ، من الحزب الاشتراكي الديموقراطي بمشروع القانون الجيد. واعتبر شتيغنر أن النظم الجديدة للإقامة الدائمة أفضل بكثير من تلك التي تم التفاوض بشأنها في السنوات السابقة، لأنها شملت كل المتطلبات وقامت بمراعاة كافة الجوانب وعبر عن أمله في أن يتوصل وزراء الداخلية الألمان إلى المصادقة على مشروع القانون وقال في هذا الشأن: "أنتظر من وزراء داخلية الولايات بأن يُجمعوا خلال مؤتمر برلين على الاتفاق الذي توصلت إليه حكومة الإتلاف".
في حين اعتبرت جهات أخرى أن مشروع القانون الجديد لا يعطي فرصة حقيقية للاجئين لتسوية أوضاعهم، وطالب في هذا السياق أحد أساقفة الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا فولفغانغ هوبر وزراء الداخلية الألمان بعدم إخضاع تسوية أوضاع اللاجئين في ألمانيا إلى أية شروط يعجزون عن توفيرها. أما الأحزاب اليسارية فقد انتقدت الاتفاق الذي أعلنت عنه حكومة الإتلاف الموسع، حيث قالت المختصة بالشؤون الداخلية للأحزاب اليسارية أولا يلبكه "إن المشروع الذي تقدم به شتويبله لا يستحق تسميته بتنظيم منح الإقامة الدائمة". فهي ترى أن مواد القانون الجديد غير كافية ولن تغير من وضع اللاجئين في ألمانيا، كونهم سيظلون رغم التعديلات المقترحة محرومين من فرصة حصولهم على إقامة دائمة في ألمانيا لأن طلباتهم سيتم رفضها حسب رأي السياسية اليسارية.