أزمة الماء: حقائق وأرقام
١٣ أغسطس ٢٠٠٧لعل الماء هو أحد أكثر الحدود وضوحا، التي أصبحت تفصل اليوم بين أغنياء العالم وفقراءه. فمعدل استهلاك الفرد للمياه في أمريكا الشمالية يقدر بـ 400 لتر في اليوم، وفي أوروبا 200 لتر في اليوم، أما في الدول النامية فلا يتجاوز متوسط معدل استهلاك الفرد اليومي من المياه 10 لترات فقط، بسعر يفوق سعر الماء في الدول الغنية. وعلى صعيد آخر تنتشر في المناطق الفقيرة ظاهرة تلوث مياه الشرب بسبب صرف المجاري أو مخلفات المصانع في الأنهار وغيرها من مصادر المياه العذبة، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن أربع أخماس الأمراض في العالم يمكن إرجاعها إلى تلوث مياه الشرب.
ندرة مياه الشرب
المياه الصالحة للشرب أصبحت سلعة عزيزة، إذ فاق سعرها في بعض الأماكن سعر البنزين. فبالرغم من أن المياه تغطي سطح الكرة الأرضية بنسبة 72 بالمائة، إلا أن نسبة المياه الصالحة للشرب لا يتجاوز 0.3 بالمائة من مخزون المياه في الكرة الأرضية. ووفقا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2006 فإن 20 بالمائة من سكان الأرض (1.1 مليار إنسان) يفتقرون إلى موارد عذبة للمياه، وستزيد هذه النسبة لتصل إلى 30 بالمائة من السكان عام 2025. بينما يفتقر 2.6 مليار إنسان(40 بالمائة من سكان الأرض) إلى شبكات للمجاري والصرف الصحي. وهي القضية التي ستكون في صلب أعمال أسبوع المياه الدولي في استوكهولم هذا العام.
تعد منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم افتقارا للمياه، فبالرغم من أنها تضم 5 بالمائة من سكان العالم، فإنه لا يتوفر فيها سوى 1 بالمائة من مخزون العالم من المياه. لذلك تذهب بعض آراء الخبراء إلى أن المياه قد تتحول إلى سبب للحروب القادمة بسبب النقص المتزايد في هذه الثروة الطبيعية الحيوية. على سبيل المثال النزاع حول نهر الحاصباني بين إسرائيل ولبنان، إضافة إلى الخلاف بين دول حوض النيل حول حصة كل دولة، وأيضا الخلاف التركي السوري العراقي بسبب السدود التي تبنيها تركيا على منابع نهري دجلة والفرات.
أوروبا وشحة في مياه الشرب مستقبلاً
لكن مشكلة نقص المياه لا تقتصر على الدول النامية فحسب، إنما تشمل أيضا الدول الغنية. فقد أعربت المفوضية الأوروبية مؤخرا عن قلقها الشديد من النقص المستمر في مصادر المياه في أوروبا. فوفقا لدراسة حديثة أجرتها المفوضية فأن غالبية الدول الأوروبية تستهلك كمية من الماء تفوق مخزونها، مما قد يؤدي على المدى الطويل إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية. يذكر أن بعض المصانع في ألمانيا اضطرت إلى إغلاق أبوابها عام 2003 نتيجة لنقص المياه.
وتتابع الدراسة أن 40 بالمائة من الماء المستهلك في الاتحاد الأوروبي يمكن توفيره، فمثلا تتسرب من المواسير الهالكة في اسبانيا وايطاليا سنويا ما يقرب من نصف كمية المياه العذبة، لكن المشكلة الرئيسية كما ترى الدراسة هي الماء المهدور في عملية الري الزراعي.
التغييرات المناخية ودورها في أزمة المياه
التغيرات المناخية ستنعكس سلبا على أزمة المياه في العالم، فوفقا للتقارير الأمم المتحدة فإن المناطق الفقيرة إلى الماء ستكون أكثر المناطق تضررا من تلك التغيرات، منطقة الساحل الأفريقي التي تمتد من موريتانيا غربا إلى الصومال شرقا عبر القارة الإفريقية هي واحدة من تلك المناطق. ففي هذه المنطقة ستزداد حدة الجفاف، مما سيضاعف النزاعات الاجتماعية التي قد تؤدي إلى اشتعال الحروب، كما سيضطر سكان المنطقة إلى الهجرة الجماعية إلى أماكن أخرى.
أزمة المياه تستمر مع الحاجة المتزايدة إلى مصادر للتغذية، إذ يزيد استهلاك المياه في عمليات الري الزراعي. ونظراً لمساعي الأمم المتحدة لتحقيق أهداف الألفية التي تتضمن خفض نسبة الفقر إلى النصف بحلول عام 2015 فإن كمية المياه المستهلكة في الزراعة قد زادت بشكل كبير مؤخرا.