يواخيم غاوك – رئيس في خدمة الصراحة والحرية
١٨ سبتمبر ٢٠١٤كان يأمل في دراسة الصحافة، غير أن حلمه لم يتحقق لأسباب سياسية في ما كان يعرف آنذاك بألمانيا الشرقية، لذا اختار يواخيم جاوك شعبة الدراسات الدينية وعمل لاحقا كقس. بعد توحيد شطري ألمانيا عام 1989 تمكن غاوك من ممارسة بعض المهمات المرتبطة بالعمل الصحفي، حيث عمل كناشط حقوقي وترأس لجنة كانت مسؤولة عن فحص أنشطة جهاز مخابرات ألمانيا الشرقية (شتازي). الطريف في الأمر هو أن ارتباط الرئيس غاوك بالصحافة تواصل أيضا من خلال حياته الشخصية إذ تعمل شريكة حياته دانيلا شات كصحفية.
استفاد غاوك البالغ من العمر 74 عاما من وظيفته في منصب رئيس ألمانيا. فهو يحترم حرية التعبير ويرغب في التواصل، ويساعده في ذلك علاقته غير المعقدة بالإعلام، مما يسمح له بالإدلاء برأيه في عدد من المناقشات الاجتماعية والسياسية. أحيانا يأخذ زمام المبادرة لفتح باب النقاش حول قضايا معينة. ويبدو أن طريقة الرئيس غاوك تروق الكثير من الألمان، إذ إنه يحتل المركز الثاني في قائمة أكثر الساسة المفضلين، بعد المستشارة أنغيلا ميركل مباشرة،. ويرى ثلثا الألمان أن الرئيس غاوك الذي لا ينتمي لحزب سياسي معين، صائب في مداخلاته المرتبطة بالسياسات اليومية.
التدخل في العراق
ساهم غاوك بشكل أو بآخر في القرار الألماني الخاص بالمشاركة في حماية الأقليات المهددة في العراق. ففي بداية العام ألقى غاوك كلمة تحدث فيها عن ضرورة مشاركة ألمانيا بشكل أقوى في أكبر القضايا الدولية عسكريا أيضا، مشيرا إلى أنه لا يمكن غض الطرف عما يحدث من آلام في ذلك البلد. وقد قوبلت كلمات غاوك بنوع من الإرتياح على المستوى الأوروبي والدولي ورحبت بها وزيرة الدفاع الألمانية ووزير الخارجية أيضا. جاءت كلمة غاوك قوية بالنظر إلى الموقف الألماني تجاه الأحداث في ليبيا، عندما امتنعت ألمانيا عام 2011 عن التصويت على قرار دولي بفرض حظر جوي على نظام القذافي وشن هجمات ضده آنذاك.
قائمة الموضوعات التي تصدرت عناوين الصحف وأثارت الجدل والمناقشات بسبب تصريحات غاوك خلال النصف الأول من ولايته لمنصبه الدستوري، طويلة للغاية. موضوع الحرية أخذ باهتمام الرئيس الإتحادي غاوك بشكل قوي، خصوصا وأنه عن دراية قوية – هو وسرته - بمعنى العيش تحت نظام ديكتاتوري. لقد ناضل غاوك كثيرا من أجل الحرية وعمل على تعريف الناس بالمخاطر التي تهدد قيم الحرية.
الجدير بالذكر أن الرئيس الألماني الإتحادي لا يتمتع بسلطة سياسية قوية أو تنفيذية في الهيكلة السياسية للدولة، غير أن له مكانة متميزة من خلال صلاحياته الدستورية كأعلى منصب في الدولة وما يخول له الدستور من مهام تمثيلية للدولة بما في ذلك التوقيع على القوانين والتشريعات وليس فقط لمجرد الشكل القانوني فقط.
انتقاد صريح لأردوغان
لا يقتصر ظهور جاوك على الساحة الألمانية المحلية فحسب بل يتعداها إلى الساحة الدولية كممثل لبلاده. فخلال جولاته الأوروبية، تعرض غاوك لموضوع ما يعرف بإحساس الذنب الألماني وطلب العفو عن الجرائم التي وقعت خلال فترة النازية. كما أظهر غاوك وعيه الواضح بالفترات التاريخية المريرة التي مرت بها ألمانيا من خلال ظهوره في عدة مناسبات خلال هذا العام للمشاركة في أحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى ومآسيها وذكرى انتفاضة وارسو وغيرها من الأحداث التاريخية.
كما أثار الرئيس غاوك جدلا كبيرا حول طبيعة دوره في منصب رئيس ألمانيا خلال زيارته لتركيا ربيع هذا العام، عندما انتقد الأوضاع السياسية هناك وأوضاع حرية الرأي في ظل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وبذلك خرج الرئيس جاوك من نطاق انتقادات أحداث الماضي ليعبر عن رأيه تجاه أوضاع راهنة وحكم قائم في بلد مستقل. وقد اعتبرت بعض الاطراف تلك التصريحات بمثابة "تدخل في الشؤون الداخلية"، للدولة، غير أن الرئيس غاوك اعتبر أن ما صرح به خلال الزيارة كان بدافع واجبه كشخص ديمقراطي، يتعين عليه "رفع صوته عندما تكون دولة القانون في خطر".