هل تقدم ألمانيا مساعدات عسكرية لأوكرانيا أكثر من المعلن عنه؟
١٩ ديسمبر ٢٠٢٢كل أسبوع، يقوم أندريه فرانك وفريقه من معهد كيل للاقتصاد العالمي (IfW Kiel) في مدينة كيل بشمال ألمانيا بالتنقيب في جبل من المعلومات المتاحة للجمهور حول المساعدات الغربية لأوكرانيا. ومن خلال قيامهم بعملية فريدة من نوعها لـ"تعقب الدعم الأوكراني" حتى الآن، يحاولون بشكل مستقل حساب المساعدة الفعلية من حيث المعدات العسكرية والمساعدات الإنسانية والمساعدات المالية للدولة، التي قدمت لأوكرانيا التي تعرضت لهجوم من قبل روسيا.
والتحدي الأكبر لخبراء الاقتصاد هو حساب الحصة المالية للمساعدات العسكرية من إجمالي المساعدات الغربية لأوكرانيا، التي تبلغ 100 مليار يورو، منها ما تم تقديمه فعلا ومنها ما جرى الوعد بتقديمه.
إنها مهمة ليست بالسهلة، فالمعلومات الرسمية من الولايات المتحدة أو بريطانيا العظمى حول المساعدات العسكرية غير كاملة. وينطبق هذا أيضًا على منشورات الحكومة الألمانية، التي تقوم بانتظام بتحديث قائمة المعدات العسكرية التي يتم تسليمها. وقال أندريه فرانك الخبير الاقتصادي في معهد كيل للاقتصاد العالمي (IfW Kiel) في مقابلة مع DW: "للوهلة الأولى، تبدو شفافة للغاية لأن عدد (قطع المعدات العسكرية) يُعلن عنه أيضًا. لكننا نريد أن نمنح المعدات المسلمة إلى أوكرانيا قيمة نقدية"، أي إظهار القيمة المالية الفعلية للمساعدات.
وهذا أمر صعب، خصوصا بالنسبة لألمانيا، لأنه في الأشهر العشرة الماضية من الحرب، سلمت برلين معدات عسكرية من مخزونات الجيش الألماني (بوندسفير)، تم إخراجها من الخدمة أو شطبها منذ فترة طويلة، وبالتالي لا يوجد تقييم صالح للسعر حاليًا. على سبيل المثال، دبابة الدفاع الجوي من طراز "جيبارد" (Gepard)، التي يعود تاريخها إلى الحرب الباردة. حتى الآن، سلمت ألمانيا لكييف 30 قطعة من هذا النظام، الذي يساعد الجيش الأوكراني في الدفاع عن نفسه ضد الهجمات الصاروخية الروسية، وله قيمة عسكرية كبيرة هناك، بحسب مصادر في كييف.
قائمة أسعار بالأسلحة
لذلك فإن الاقتصاديين من معهد كيل يعدون باستمرار "قائمة أسعار" طويلة للمعدات العسكرية وإمدادات المساعدات الأخرى؛ حتى يتمكنوا من حساب المساعدة المالية في النهاية. وبعد أبحاث ومشاورات مكثفة، قدروا قيمة الدبابة الواحدة من طراز "جيبارد" بـ 1.2 مليون دولار أمريكي. وهذا الوضع يشبه دبابات T-72 البولندية، التي هي في الأصل من إنتاج الاتحاد السوفيتي وتم نقلها من وارسو إلى كييف. وهنا يتوقع الباحثون أن تبلغ قيمة الدبابة الواحدة 1.6 مليون دولار أمريكي.
مثال آخر هو تسليم "أكياس النوم" (المنامات)، وفقًا للخبير الاقتصادي في معهد الاقتصاد العالمي بكيل أندريه فرانك. جزء منها يقدم كمساعدات إنسانية للناس العاديين، وهناك جزء آخر مخصص حصريا للجنود الأوكرانيين، نساء ورجالا، على خط المواجهة.
يبدو أن ألمانيا تقدم أكثر مما هو معروف
وفقا لمعطيات "متعقب الدعم الأوكراني" فإن ألمانيا قدمت حتى الآن مساعدات عسكرية وتعهدات أخرى بأكثر من 2.3 مليار يورو، في حين أن قائمة الحكومة الألمانية، التي تعود لبداية ديسمبر/ كانون الأول قدرت الرقم بـ 1.9 مليار يورو. وبالتالي فإن كلا القيمتين أقل من المساعدة المقدمة. "نعتقد أن المساعدة العسكرية الألمانية أعلى من القيمة التي نعلن عنها حاليًا"، كما يقول فرانك، واصفًا المحاسبة المتحفظة لمجموعة العمل التابعة له. فمثلا لن تقدم الحكومة الألمانية أي معلومات عن حجم شحنات الذخيرة لنظام الدفاع الصاروخي المتطور "إيريس-تي" (Iris-T).
ويبدو أن هذا النظام الدفاعي المتطور يحمي منطقة العاصمة الأوكرانية كييف من الهجمات الصاروخية الروسية منذ الخريف. ويمكن استنتاج ذلك من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لدوائر الحكومة الأوكرانية حول إسقاط الصواريخ الروسية بنجاح. ولا تتحدث الحكومة في كييف عن تفاصيل عمليات الجيش الأوكراني. ومنذ الخريف والجيش الروسي يستهدف نظام الطاقة الأوكراني بقصف مكثف كل أسبوع. الصاروخ الواحد من منظومة Iris-T سعره 616 ألف دولار في السوق العالمية. ويقول فرانك، الباحث في معهد كيل: "اعتمادًا على عدد الصواريخ الموجودة، يمكن بالطبع أن يُحدث فرقًا كبيرًا". "ولكن هذا هو الحال، المعلومات الرسمية التي لدينا من ألمانيا لا تمنحنا فرصة لتقدير القيمة الإجمالية". ومن غير الواضح عدد الصواريخ المضادة للطائرات التي أطلقها نظام الدفاع الجوي الأوكراني باستخدام Iris-T حتى الآن، وعدد الصواريخ التي سيتم تسليمها لاحقًا. "لا توجد وسيلة لنا لتحديد ذلك بشكل صحيح من المصادر المتاحة رسميا"، يقول فرانك.
الوضع مشابه لما يسمى بـ"تبادل الخواتم"، ويعني هذا المصطلح أنه عندما تقوم دولة من دول شرق الناتو مثل سلوفاكيا أو سلوفينيا بتسليم الدبابات السوفيتية القديمة إلى أوكرانيا؛ يتم تعويضها في المقابل بمعدات عسكرية غربية ثقيلة من ألمانيا (مثلا): "نحن لا نصنف هذا التبادل كله كمساعدات من ألمانيا لأوكرانيا، لأنه لا يفيد أوكرانيا بشكل مباشر"، كما يقول أندريه فرانك، الباحث في معهد كيل للاقتصاد العالمي.
معظم المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة
ومع ذلك، فإن الاقتصاديين في كيل مقتنعون بأن حساباتهم، حتى مع التحديث الأخير في أوائل ديسمبر/ كانون الأول، قريبة جدًا من حقائق هذه الحرب. نهج العمل مع "قائمة أسعار" منفصلة للمعدات العسكرية المسلمة يجعل المقارنة أسهل. ويقول أندريه فرانك: "حتى لو بالغنا في تقدير المساعدة العسكرية لأسلحة بعينها أو سلع أخرى، فإن هذا يتم تعويضه في مكان آخر" من القائمة. وعندما يتعلق الأمر بالتسليم الثنائي للمعدات العسكرية، تظل الولايات المتحدة الأمريكية إلى حد بعيد الداعم الأكثر أهمية لأوكرانيا بـ 23 مليار يورو، تليها بريطانيا العظمى بـ 4.1 مليار يورو، تليها المساعدة العسكرية المحسوبة من ألمانيا البالغة 2.3 مليار يورو.
والأسهل هو إلقاء لمحة عامة على المبالغ الإجمالية الكبيرة للمساعدات المقدمة لأوكرانيا: أي جميع المساعدات الإنسانية والمساعدات المالية والمعدات العسكرية التي تقدمها الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا معًا. وبعد قرارهم مساعدة أوكرانيا اعتبارًا من يناير/ كانون الثاني بمبلغ 18 مليار يورو إضافية، تتفوق دول الاتحاد الأوروبي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي على الولايات المتحدة، عندما يتعلق الأمر بتقديم المساعدة لأوكرانيا. وبهذا ستكون أوروبا داعمة لكييف بإجمالي 52 مليار يورو مقابل 48 مليار يورو من الولايات المتحدة "للمساعدات العسكرية والمالية والإنسانية"، كما كتب الاقتصاديون في كيل في بيانهم حول "تعقب الدعم الأوكراني" الحالي، والذي يوضح المساعدات المعلن عنها حتى 20 نوفمبر/ تشرين الثاني من هذا العام.
فرانك هوفمان/ ص.ش