1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصرف الصحي ـ بنك معلومات للكشف المبكر عن مسببات الأمراض

٣١ أغسطس ٢٠٢٤

مع تطور العلوم بدأت مياه الصرف الصحي في لعب دور غير متوقع في مجال الصحة العامة. ما كان يُعتبر مجرد نفايات، تحول إلى مصدر غني بالمعلومات الحيوية التي يمكن أن تساعد في الكشف المبكر عن الأوبئة ومسببات الأمراض.

https://p.dw.com/p/4k87d
صورة رمزية لقناة صرف صحي
باحثون ألمان: فحص المياه العادمة له إمكانات هائلة في اكتشاف مسببات الأمراضصورة من: Daniel Karmann/dpa/picture alliance

منذ سنوات، استخدم العلماء تحليل المياه العادمة للكشف عن مجموعة متنوعة من المواد، مثل المخدرات والأدوية وحتى المواد الكيميائية البيئية. ولكن مع جائحة كوفيد-19، برز دور جديد ومهم لهذه التحليلات، حيث أصبحت وسيلة فعالة لرصد انتشار الفيروسات والأمراض في المجتمعات. وفقًا لباحثين الألمان، فإنمياه الصرف الصحي تحتوي على إفرازات من البشر والكائنات الحية الأخرى، مما يجعلها مصدرًا غنيًا بالمعلومات التي يمكن تحليلها في المختبرات للكشف عن المخلفات الكيميائية والفيروسات.

رغم أن الفكرة ليست جديدة بالكامل، فقد استخدمت تحليلات المياه العادمة للكشف عن الفيروسات منذ أكثر من 85 عامًا عندما تم اكتشاف فيروس شلل الأطفال في المياه العادمة بالولايات المتحدة. ومع ظهور جائحة كوفيد-19، أثبت علماء هولنديون أنه يمكن الكشف عن المادة الوراثية لفيروس كورونا في مياه الصرف الصحي، مما أتاح تتبع انتشار الفيروس واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منه.

طموح ألماني للبحث

أدركت ألمانيا أهمية هذه الأداة وبدأت في تطوير مشاريع طموحة لمراقبة المياه العادمة. انطلق المشروع التجريبي «ESI-CorA» في عام 2022 بمشاركة 20 محطة معالجة مياه، وتوسع ليشمل عشرات المحطات الأخرى. يهدف المشروع إلى رصد تلوث المياه العادمة بفيروس سارس-كوف-2، ما أسهم في توفير بيانات حيوية للأطباء والمتخصصين في الصحة العامة.

وبعد انتهاء المشروع التجريبي، انطلقت مبادرة «Amelag» التي تتولى مراقبة المياه العادمة لتقييم الحالة الوبائية. يتمثل أحد أهداف هذا المشروع في تحديد مسببات الأمراض التي يجب أن تكون لها الأولوية في الفحص المستقبلي. كما يركز على بناء بنية تحتية رقمية لمعالجة البيانات بسرعة ودقة، مما يسمح بالكشف المبكر عن موجات العدوى.

يقول تيمو غراينر من معهد روبرت كوخ: " قائمة مسببات الأمراض المحتملة طويلة جدا"، ورأى أن من المهم أيضا الانتباه إلى تلك المسببات التي لا 
تتوفر عنها معلومات كافية مشيرا إلى أن النظام الصحي لا تتوافر لديه معلومات عن حمى غرب النيل على سبيل المثال إلا في الحالات الشديدة. وقال 
إن من الممكن لتحليل المياه العادمة أن يكشف أيضا عن عدد الحالات غير المكتشفة من الأمراض الخفيفة أو الخالية من الأعراض كما هو الحال مع 
كوفيد.
 

إمكانات هائلة تنتظر الاستغلال

الدراسات الحديثة، مثل تلك التي أجراها فريق من مركز ماكس ديلبروك للطب الجزيئي في برلين، أظهرت أن تحليل مياه الصرف الصحي يمكن أن يكشف ليس فقط عن الفيروسات الشائعة مثل الإنفلونزا، بل أيضًا عن الفيروسات الموسمية التي تصيب النباتات وحتى البعوض. هذه النتائج تؤكد على الإمكانات الهائلة التي ينطوي عليها تحليل مياه الصرف الصحي، والذي يمكن أن يصبح أداة أساسية في مراقبة الصحة العامة والكشف المبكر عن الأوبئة.

رغم التقدم الكبير الذي أحرزته هذه المشاريع، يظل هناك تحدٍ كبير يتمثل في تسريع عمليات تحليل البيانات، لتكون قابلة للاستخدام في الوقت المناسب. مع ذلك، فإن البنية التحتية التي تم تطويرها خلال جائحة كوفيد-19 ستظل مفيدة للوقاية من الأوبئة المستقبلية. مع استمرار البحث والتطوير في هذا المجال، قد نرى قريبًا استخدامًا أوسع لتحليل المياه العادمة في الكشف المبكر عن الأمراض والحفاظ على الصحة العامة.

ع.أ.ج/ ع ج م (د ب ا)