مكانة البرادعي رمز مبادئ الثورة تهتز في أعين شباب مصر
١٦ أغسطس ٢٠١٣تسببت استقالة الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس للعلاقات الدولية احتجاجا علي فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة بالقوة جدلا كبيرا في مصر، اذ قوبل بعاصفة من الانتقادات من القوى الثورية المختلفة، ذات توجه ليبرالي ويساري. وأثارت أيضا استياءا واسعا داخل حزب الدستور الذي أسسه البرادعي، بعد أن أستقال الدكتور أحمد دراج وكيل مؤسسي الحزب وعدد من قيادات الحزب اعتراضا على قرار استقالة البرادعي، في سابقة هي الأولى من نوعها، واعتبروه بمثابة هروب من المسئولية، وإضرار بصورة مصر داخليا ودوليا. وكانت مؤسسة الرئاسة أعنلت عن قبول استقالته التي تقدم بها يوم الاربعاء. DW /عربية ترصد ردود الأفعال على استقالة البرادعي من وجهة نظر الشباب والحركات والقوى الثورية.
شباب الثورة يختلفون حول دعمهم للبرادعي
يصف خالد عصام، محاسب في بنك، في حديثه للـ DW عربية استقالة البرادعي بـ " الرؤية الصائبة". وبرر عصام الاستقالة بأن البرادعي كان ضد فض الاعتصام بالقوة منذ البداية، وأن انسحابه جاء في وقت عجزت فيه الشرطة والجيش عن الوصول لحل للازمة.
وتابع بحسرة " لم يتحمل البرادعي مشهد الدم طالما لا يوجد مبرر له، وان فض الاعتصام أيضا تم دون علمه". ويؤمن عصام بأن كل قرارات البرادعي دائما على صواب، واستدل بذلك عندما انسحب بداية من الانتخابات الرئاسية، إذ أكتشف الجميع أنه كان على صواب. وأكد "ستثبت الأيام صحة قراره".
وهذا الرأي يختلف معه أحمد زكريا، الباحث السياسي، الذي وصف انسحاب البرادعي بـ "الأنانية"، لأنه لم يضع مصلحة مصر فوق الأعتبار، وصورتها في الخارج. وأضاف زكريا " البرادعي خسر كثيرا لأن مبرر انسحابه لم يكن واقعيا". وتساءل بدهشة " فاذا كان هناك طرق أخرى سلمية لفض الاعتصام، فلماذا لم يتطرق إليها". وأختتم زكريا حديثه بالقول " لقد أنتهى البرادعي سياسيا، رغم أننى كنت أؤيده بشدة، ودافعت كثيرا لتعيينه رئيسا للوزراء، ولكنه تثبت الأيام صحة قراره".
استقالة أحمد دراج تضع شعبية البرادعي في حزب الدستور على المحك
أعلن الدكتور أحمد دراج، القيادي بحزب الدستور استقالته من الحزب اعتراضا على استقالة الدكتور محمد البرادعي من موقعه كنائب لرئيس الجمهورية للعلاقات الدولية. وأكد في حديثه للـ DW عربية أن موقف البرادعي كان مخالفا لإرادة الشعب المصري وللدولة المصرية، إذ تسببت الاستقالة في تشويه صورة مصر. وأوضح دراج "أستقلت من الحزب لعدم قدرتي للعمل مع البرادعي، في وقت تخلى فيه عن دوره وتنصل من المسئولية تحت أي ذريعة من الذرائع لاسيما أن الشعب يثق فيه". وتابع " الحزب وضع بالأساس ليس لشخص البرادعي، بل من اجل الثورة وشبابها وتحقيق أهدافها". وأعتبر دراج تصرف البرادعي بأنه غير أمين، ولا يعبر عن وطنية حقيقية في هذا الوقت الذي نواجه ما أسماه "الإرهاب".
وأختتم دراج حديثه بأسف شديد قائلا " البرادعي خسر نفسه وباع نفسه في مقابل لا يعلمه، ومقابل لا يمكن ان يقبله أي إنسان، لأنه تصرفا غير وطنيا".
حركة تمرد تصف استقالة البرادعي بـ "التهرب من المسئولية"
يقول حسن شاهين، عضو في حركة تمرد في حديثه لل DW عربية، برغم احترامنا واجلالنا لشخص البرادعي، ولكن لا مجاملة على حساب الوطن". ووصف شاهين موقف البرادعي بـ"الهروب من المسئولية". وأردف قائلا " لابد أن نستكمل مشوارنا وأهدافنا الممتدة منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، وصولا إلى ثورة 30 يونيو وكتابة الدستور، والذهاب إلى الصندوق الانتخابي كما تنص خارطة الطريق.
وأكد شاهين" الشعب هو من سيحكم على انتهاء مرسي سياسيا، الذي يرى أنه تخلى عنه في أوقات حرجة". وأضاف "الوقت الآن لا يسمح بالاهتمام باستقالة البرادعي من عدمه، لأن شعب مصر يتعرض لخطر محدق وجماعات تحرق الوطن". ويرى أن الأهم تضافر جهود الدولة والشعب لمكافحة الإرهاب.
وشدد في ختام حديثه بالقول " لن تؤثر استقالة البرادعي على المرحلة الانتقالية، لأن الشعب يحمي ثورته، لأنها إرادة ملايين المصريين وليس شخص البرادعي".
من الصعب الجزم بأن تاريخ البرادعي السياسي سينتهي
وفي تحليلها للموقف تقول إيمان رجب، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية، في حديثها لل DW عربية، ان استقالة البرادعي تطرح تساؤلات كثيرة تدور رحاها حول شعبيته في الحياة السياسية، خلال الفترة القادمة بصرف النظر عن دوافع الاستقالة. وبرغم أنها تؤكد أن استقالتها جاءت متناسقة مع القيم، التى كان يعمل في إطارها دوما، بيد أن التوقيت نفسه يثير شكوك عدة. وأرجعت رجب هذه الشكوك إلى أن العنف من جانب الإخوان هو الذي استدعى التدخل، كما كان هناك شفافية ووضوح أثناء فض الاعتصام، مع السماح للمنظمات الحقوقية بتغطية الأحداث. وتساءلت باستنكار إذ كان سبب الاستقالة هو فض الاعتصام بالقوة واستخدام العنف. لذلك، أعتبرت رجب، أن ربط استقالته باستخدام العنف أمر مناف للواقع.
وتابعت "البرادعي كان رمزا وطنيا بعد ثورة 30 يونيو وقبوله المشاركة في الحكومة الوطنية، وبذل جهدا كبيرا لتحسين صورة مصر لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة". ولكن قرار الاستقالة، وفقا لرجب، أفقده شعبيته خاصة من جانب حركة تمرد، لأن توقيت الاستقالة كان "حرج". وشددت على دلالات الاستقالة التي جاءت لصالح الإخوان المسلمين، لان جزء من ردود الأفعال الدولية جاءت على خلفية استقالة البرادعي، وكذلك إشارة للغرب بالابتعاد عن خريطة الطريق . كل ذلك، وفقا لها ،فتح المجال لانتقاد الغرب لشرعية مصر، رغم الجهود التي بذلها في الفترة الأخيرة لتعزيز شرعية الحكومة الانتقالية لدى الغرب.
وبسؤالها عن مدى تأثر جبهة الإنقاذ باستقالة البرادعي، أكدت ان شرعيتها ستتأثر كثيرا. قائلة" جزء كبير من شرعيتها وشعبيتها ارتبط بالبرادعي، نظرا للخبرة الدولية وتاريخه في العمل السياسي في مصر". كما تشير المتحدثة إلى أن جبهة الإنقاذ نأت عن تأييد استقالة البرادعى، حتى لا تصبح شرعيتها على المحك، لأن مصر قادمة على انتخابات وتعديل الدستور.
وبسؤالها أيضا عما إذ كانت استقالة البرادعي كتبت نهايته السياسية، أجابت بـ النفي. مؤكدة أن يمتلك الكثير من أدوات التأثير أهمها تويتر، ونشاطات أخرى مع جماعات، قد تنشق من الصف الوطني، والتي قد تؤثر لاحقا على القوى الثورية المؤيدة لفض الاعتصام. لذلك، ترى رجب أنه من الصعب الجزم بأن تاريخ البرادعي السياسي سينتهي.