أول صحيفة عربية مطبوعة للاجئين في ألمانيا
٢٥ ديسمبر ٢٠١٥لو تحدثنا بداية كيف ولدت فكرة هذه الصحيفة؟
كانت لدي الفكرة منذ مجيئي إلى ألمانيا بأن ننشئ موقعا ثنائي اللغة: عربي ألماني، بغرض مد الجسور بين المجتمعين لوجود العديد من الصور النمطية من كلا الطرفين عن الآخر. وهذا الشيء ليس سلبيا بالضرورة، ولكنه ناتج عن عدم المعرفة بالآخر. وفكرت باسم لهذا الموقع بالألماني "Der Auslaender" (أي الأجنبي). ولكن لم ينجح الأمر. ثم جاءني عرض من شركة "نيو جيرمان ميديا" تريد إطلاق صحيفة مطبوعة باللغة العربية. طلبوا مني أن أتولى رئاسة تحرير هذه الصحيفة، فوافقت، وانطلقنا. وخلال شهر واحد من العمل المكثف تمكنا من إصدار العدد الأول قبل أيام.
ومن أين استوحيت تسمية "أبواب"؟
من خلال علاقتي مع أشخاص ألمان. عشت في مدينة كولن عند عائلة ألمانية. وكنت أشكر السيدة كريستينا، صاحبة البيت، على كل ما قدمته لي. فقالت لي: "لا داعي للشكر يا رامي. كل ما قمتُ به أنا كان مجرد فتح الأبواب لك كي تنطلق، ولكن النجاح أنت من تصنعه بجهودك". وبالفعل رأيت أن اسم أبواب هو خير معبر عن مشروعنا. نحن مهمتنا فتح الأبواب، وهي مهمة نبيلة لمساعدة الآخرين على إثبات وجودهم وتحقيق أهدافهم.
ماذا تتضمن أبواب الصحيفة بالتفصيل؟
لدينا الكثير من الأبواب والأقسام، فهي صحيفة إخبارية وسياسية واجتماعية، وتغطي أخبار الفعاليات والأمسيات الثقافية والفنية، والقراءات ومختلف الحفلات والمهرجانات. ولدينا قسم خاص تحت مسمى "دليل ألمانيا"، نعرف من خلاله القارئ بأشياء تهمه داخل ألمانيا. هذا القسم مؤلف من ثلاث صفحات: الأولى عن معلومات رسمية صادرة مثلا عن المكتب الاتحادي للهجرة أو جهات أخرى في ألمانيا. في الصفحة الثانية عن الدراسة في ألمانيا. والصفحة الثالثة يكتب بها كتاب ألمان وكذلك عرب مقيمون منذ فترة طويلة في ألمانيا، فيتولون نصح القادم الجديد من خلال تجربتهم.
ولدينا أيضا صفحتان عن المرأة. وصفحتان عن قصص النجاح والنجاة والإنجازات التي حققها لاجئون هنا.
الفضاء الإلكتروني وصفحات الفيسبوك تقدم الكثير من المعلومات المشابهة لما تقدمه أبواب؟ فما الذي يميزكم ويجعل القارئ يتابعكم؟
بالدرجة الأولى ليس هناك موقع حقيقي بعمل إعلامي احترافي موجه للاجئين في ألمانيا باللغة العربية. وحتى الدويتشه فيله ليست موقعا متخصصا بمخاطبة اللاجئين، رغم إيلاء مساحة هامة من التغطية للاجئين. ولكنه موقع يخاطب كل الناطقين باللغة العربية. وأود هنا أن أشير إلى أننا نقلنا في صفحة الأخبار بالعدد الأول بعض الأخبار من الدويتشه فيله.
بالنسبة لصفحات الفيسبوك فهي تحتوي للأسف على نسبة كبيرة من الإشاعات والأخبار الكاذبة والتي تساهم أساسا في خلق لغط كبير وحالات من الذعر، مثل "أوقفوا لم الشمل" أو "ألغوا الإقامات للاجئين" وكلها إشاعات.
وهناك نقطة هامة وهي أن اللاجئ الواصل حديثا إلى ألمانيا يكون غير قادر في كثير من الأحيان على الولوج إلى شبكة الإنترنت، فنقوم نحن هنا بتقديم المعلومة والخبر إليه، مطبوعة بلغته. فصحيفتنا شاملة وهناك حاجة لوجودها، لذلك انطلقت. وهي فرصة جيدة لخلق منبر للعرب في ألمانيا.
أمام هذه الحاجة لمثل هكذا صحيفة، لماذا لا تصدر بشكل أسبوعي وليس شهريا؟ لأن الإصدار الشهري يجعل الأخبار تصل متأخرة.
نطمح لتحقيق ذلك لاحقا. ولكن أود أن ألفت إلى أننا لسنا صحيفة إخبارية أو وكالة أنباء. وإنما نحن نقدم الأخبار الدولية في صفحتين فقط، وصفحة ثالثة نقدم من خلالها الأخبار الألمانية المحلية. والأخبار المرتبطة بألمانيا وباللاجئين موجودة على الإنترنت، ولكن ليست مطبوعة بالعربية. وأبواب تقدم للاجئ الأخبار التي تهمه. تقدمها على شكل بانوراما لما حدث خلال شهر.
لو تشرح لنا كيف يتم تمويل الصحيفة؟
الصحيفة ليس لها تكاليف حاليا سوى تكاليف الطباعة. أما الصحفيون والكتاب فيعملون بشكل تطوعي. تكاليف الطباعة يتم تغطيتها من الإعلانات. هناك شركات مهتمة بإيصال إعلاناتها للقارئ بالعربية. في العدد الأول لدينا معلنان اثنان. ومن خلال ذلك غطينا تكاليف طباعة 45 ألف نسخة.
ونطمح مستقبلا إلى زيادة الدخل، حتى يحصل الكُتّاب أيضا على مكافأة ولو رمزية لنشاطهم، لأن هذا حقهم.
لو تركنا صحيفة "أبواب" جانبا، وتحدثنا عن تجربتك أنت سيد رامي، قبل أن تأتي إلى ألمانيا.
في سوريا كنت أمام خيارين بعد اندلاع الثورة في 2011: إما أن أكون مع القاتل أو مع الضحية. فانحزت للضحية. كتبت أغانٍ وأشعاراً للثورة، وعملت كصحفي أيضا. غنت الفنانة أصالة نصري من أشعاري أغنية "آه لو هالكرسي بيحكي". بعد فراري من مخيم اليرموك في سوريا لأني كنت مطلوبا من النظام السوري، وصلت إلى الأردن بشكل غير نظامي، وهذا ممنوع في الأردن، لأني فلسطيني سوري، ونحن لا يحق لنا الدخول إلا بتأشيرة دخول (فيزا). تم اعتقالي عندما دخلت الحدود ووضعوني في معتقل اسمه "سايبر ستي"، موجود فيه كل الفلسطينيين القادمين من سوريا. تمكنت من الفرار من ذلك المعتقل بعد أربعة أشهر. وعشت في الأردن باسم مستعار لمدة سنتين. وفي عمان أصدرت ديواني الأول تحت عنوان "سيرا على الأحلام". وهو ديوان شعر عن الثورة وأبطالها، من شهداء ومعتقلين. وعن خيمة اللجوء وقارب الموت. ولدي الآن ديوانان شعريان أسعى لطبعهما قريبا. الأول بعنوان "لم ينتبه أحدٌ لموتك"، والآخر باللغة المحكية بعنوان "لابس تياب السفر".
وكيف جاءت بك الأقدار إلى ألمانيا؟
لم آت إلى هنا كلاجئ، وإنما حصلت على حماية من الحكومة الألمانية وتم منحي إقامة لمدة سنتين. لأني كنت مطلوبا في سوريا وفي الأردن. حصلت من مؤسسة ألمانية على منحة مخصصة للكتاب الشباب. وهنا فُتحت لي أبواب أشعرتني بشيء من الإنسانية الموجودة في كوكبنا.
هل يمكن أن تعتبر ألمانيا وطنا لك؟
عندما وصلت المطار في ألمانيا لأول مرة، رحب بي الشرطي وقال لي: "أهلا بك في ألمانيا، التي ستكون وطنك الثاني". ولكني لا أعتقد – على الأقل في الوقت الحالي- أنها وطني. لأن الوطن بالنسبة لي مرتبط بأشخاص وذكريات. لذلك أنا وطني هو سوريا رغم أني فلسطيني الجنسية. ولكن ذكرياتي وأحبائي عشت معهم في سوريا. في ألمانيا لقيت معاملة حضارية، وهناك أشياء كثيرة تعجبني وتناسب توجهاتي، ولكن يبقى الوطن هناك.
رامي العاشق: شاعر وصحفي فلسطيني شاب، يكتب في عدد من المواقع والصحف العربية. ويكتب في صحف ألمانية مثل "تاتس". وحاليا هو رئيس تحرير صحيفة "أبواب" (أول صحيفة عربية مطبوعة في ألمانيا).