"قس للتأجير" ـ خدمات للزواج والتأبين بمقابل للمؤمنين وغيرهم
٢٢ يونيو ٢٠١٣أندريا، شابة من مدينة فرانكفورت الألمانية، تعد لحفل زفافها، الذي تود أن يكون يوما مميزا لحياتها. وإلى جانب الفستان الأبيض وقطعة الكعك الكبيرة تريد آندريا أن لا تخلو الطقوس الدينية عن حفل زفافها، ولكن المشكلة أنها لا تنتمي لأي كنيسة وبالتالي لا يمكن الزواج فيها. الأمر الذي دفعها إلى تأجير ميكي فيزيه، وهو حاصل على شهادة في علم اللاهوت المسيحي، كقس يعقد قرانها الديني من خطيبها.
فيزيه، وهو من مواليد عام 1960، يطلق على نفسه اسم "قس للمناسبات". ويروج لخدماته بأنه يمكنه الذهاب مع زبائنه إلى أماكن غير معتادة لكي يعقد قرانهم الديني، بحيث يقول إنه عقد قران أزواج في حديقة أو في أحد الأبراج القديمة. ويمكن للراغبين في الحصول على خدمات "قس المناسبات" هذا تأجيره عبر الانترنت.
قس للتأجير وخدمات متنوعة
وفي موقع خصص لهذا الشأن ويحمل اسم (Rent a pastor) أي قس للتأجير يمكن في جميع أنحاء ألمانيا البحث عن قس أو رجل دين من نوع "قس المناسبات". وإلى جانب فيزيه هناك عدد من القساوسة الذين يعرضون خدماتهم على غرار أحدهم الذي يصف نفسه بأنه "خطيب من نوع خاص" أو آخر يقول إنه ولد في البرازيل ويعرض خدماته خاصة لحفلات الزفاف المتعددة الثقافات أي للزيجات المختلطة. ويوجد نحو عشرين خطيب مسجل في الموقع الالكتروني المذكور أعلاه. وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 50 يورو في الساعة. ولا تقتصر الخدمات المعروضة على حفلات الزواج وإنما تشمل أيضا مراسم التأبين.
هذا المشروع انبثق عن فكرة لصامويل ديكمان، وهو أيضا قس لجماعة بروتستانتية حرة في ولاية هيسين الألمانية، حيث قام قبل أربع سنوات بإطلاق موقع الكتروني شخصي يعرض فيه خدماته، كعمل ثانوي. وفي نهاية العام الماضي رحب عدد من زملائه بالفكرة وأبدوا رغبتهم في تقديم خدمات مماثلة. بعدها ظهر الموقع الاكتروني الجماعي. ويقول ديكمان إن الزبائن الذين يستهدفهم موقع "قس للتأجير" هم أناس لا ينتمون لأي كنسية –على الأقل ورقيا – ولكنهم يؤمنون بالله ويريدون سماع خطاب ديني بشكل مهني.
تهديد لوجود الكنيسة؟
ولكن هذا الفكرة لا تلقى ترحيبا من الجميع، حيث ينتقدها مستشار الكنسية البروتستانتية في منطقة راينلايد فولكر لينيرت بأنها ظاهرة مستوردة من هوليود. ويوضح بأنه يراقب هذه الظاهرة بشكوك. "الأمر الجيد في هذه الظاهرة هو الحديث عن الإيمان بالله، ولكن الأمر السلبي هو إعطاء إشارة مفادها يمكن الحصول على هذه الخدمات الكنسية دون الانتماء للكنسية. وإذا قام الجميع بذلك، فإن ذلك يعني نهاية الكنيسة بأسرها"، على ما يقول لينيرت.
ومخاوفه لا تفتقد إلى مبررات، إذ أن عدد الذين يقررون الخروج من الكنيسة الكاثوليكية أو البروتستانتية في تزايد مستمر. وقد ساهم الكشف عن فضيحة الانتهاكات في المدارس المسيحية إلى تراجع في عدد المنتمين للكنسية، حيث ترك نحو 180 ألف كاثوليكي الكنيسة عام 2010 وفي العام نفسه قرر نحو 145 ألف بروتستانتي مغادرة كنيسته. واليوم أصبح فقط 60 بالمائة من الناس في ألمانيا ينتمون إلى الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية. وقد تقل هذه النسبة، فوفقا لدراسة أعدها معهد سينوس في مدينة هايدلبيرغ الألمانية، فإن نحو مليون شخص في ألمانيا يفكرون في ترك الكنيسة.
حل مؤقت لمن تركوا الكنيسة؟
بيد أن مؤسس "قس للتأجير" لا يرى في خدماته بأنها تتعارض مع الكنيسة، بل على العكس، حيث يقول بأنه يعتقد بأن خدماته تساهم أحيانا في تحفيز البعض للعودة إلى الكنيسة. "إذا تعطلت سيارتك في مكان ما وأنت لست عضوا في نادي للسيارات، فإمكانك أن تتصل هاتفيا بهذا النادي وتطلب منه خدمة إصلاح سياراتك"، هذا مثال لمقارنة خدماته وعلاقتها بالكنيسة. "ولكن أحيانا وبعد تعطل السيارة، فإنك تفكر في الحصول على عضوية في هذا النادي حتى تحصل على الخدمات التي تحتاجها (مقابل أسعار أفضل مما لو لم تكن عضوا)". ويشير إلى أنه يأمل في أن يحقق عمله نفس المفعول لدى الزبائن الذين يؤجرونهم. "وبإمكاننا التميز: من خلال خدماتنا ولطفنا وروح المداعبة التي نتحلّى بها."
أما أندريا فتقول بعد حفل زفافها إن أصدقائها قد رحبوا بفكرة تأجير قس على غرار ميكي فيزيه وإن البعض يفكر حتى في تأجيره ليعقد قرانه ويضفي على حفل زفافه طابعا دينيا رمزيا.