علماء يجيبون.. هل يجب تلقيح المتعافين من كورونا أيضاً؟
١٧ مايو ٢٠٢١في أحدث بيانات نُشرت على موقع جامعة "جونز هوبكنز" الأمريكية، تبيّن أن إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا في أنحاء العالم تجاوز 163 مليوناً حتى صباح الاثنين (17 مايو/ أيار 2021)، 90 بالمائة منهم تعافوا من الفيروس فيما ارتفع إجمالي الوفيات لثلاثة ملايين و379 ألف حالة.
وبخصوص اللقاح، بلغ عدد الجرعات المأخوذة إلى اليوم مليار و460 ألف جرعة، ما يعني أن الكرة الأرضية التي اقتربت ساكنتها من 8 مليارات نسمة، ما زالت بحاجة ماسة إلى مليارات اللقاحات لتطعيم الجميع بمن فيهم المتعافون من الفيروس الفتاك. فهؤلاء هم أيضاً بحاجة إلى اللقاح مثلهم مثل غيرهم حتى ولو كان وضعهم المناعي بعد الإصابة أفضل، لأنهم اكتسبوا مناعة أولية ضد الفيروس، لكنها تبقى أولّية كما ذكر لأنها تختفي مع الوقت. ومع ذلك ونظرا لندرة اللقاحات، اعتمدت السياسة التطعيمية المتبعة في عدد من دول العالم على استثناء شريحة المتعافين مبدئيا ومؤقتا، مراهنة على أن طاقة هؤلاء المناعية باقية لأشهر إلى حين توفر مزيد من اللقاحات.
مناعة عالية لدى المتعافين
هناك اجماع بين الخبراء أن المتعافين من فيروس كورونا المستجد، طوّروا مناعة عالية ضد الفيروس. وحسب دراسة نمساوية فإن خطر الإصابة بالفيروس التاجي مجدداً ينخفض إلى غاية الشهر الخامس بعد الإصابة، ومعدل المناعة يكون بحدود 91 بالمائة، وهي نسبة توازي نسبة الحماية التي تقدمها بعض اللقاحات كلقاح فايزر- بيونتيك.
غير أن الإشكالية الحقيقية، تكمن في أنه ومع الوقت يقل انتاج الجسم لأعداد الأجسام المضادة لدى المتعافين، بسبب تراجع "المناعة الخلطية" التي تقاوم وتمنع تسلل الفيروسات إلى الخلايا. واكتشف العلماء على أن هذه الاستجابة المناعية تقلّ بسرعة كلّما كان مسار المرض خفيفاً.
لحسن الحظ أن جهازنا المناعي يعتمد على استجابة مناعية موازية، تعتمد أيضاً على "الخلايا اللمفاوية التائية"، وهي خلايا تستحضر المعلومات المخزنة من الإصابة الأولى، وذلك لا يقتصر فقط على تجربتها مع "بروتين سبايك" الاسم الذي يطلق على النتوءات الشوكية الموجودة على سطح فيروس كورونا والتي تمنحه الشكل التاجي المعروف عنه، وهو المسؤول عن تنفيذ عملية ارتباط الفيروس بالخلايا البشرية وغزوها. وإنما تستحضر "الخلايا اللمفاوية التائية" أيضاً تجربتها السابقة مع الطبقات الأخرى السطحية للفيروس لتسارع في مقاومته والقضاء عليه.
اللقاح بعد ستة أشهر من التعافي
ونظراً لقلة جرعات اللقاح، ولتجنب ردّ مناعي مفرط، ينصح الأطباء المتعافين بأخذ اللقاح بعد ستة أشهر على الأقل من الإصابة. وأوضحت خبيرة الفيروسات الألمانية زاندرا سيساك في "بودكاست" خاص بمحطة NDR الألمانية أن ردّ الفعل لدى المتعافين بعد أخذ اللقاح عادة ما يكون أقوى مقارنة بالباقين، لأن الجسم تعرف فيما سبق على الفيروسات وهو متربص لها وبالتالي فإن استجابته تكون أقوى.
وهناك من الخبراء من يؤكد أن جرعة واحدة من اللقاح تكفي المتعافين، علماً أن غالبية اللقاحات المطروحة هي من جرعتين، باستثناء لقاح "جونسون أند جونسون" الذي يعتمد على جرعة واحدة. وحسب معهد روبرت كوخ الألماني الحكومي فإن جميع اللقاحات المصرح بها في أوروبا يمكن للمتعافين الاستفادة منها.
ويبقى السؤال المحيّر للجميع هو ما إذا ستكون هناك حاجة إلى تجديد اللقاح سنوياً. أجوبة شافية لم يتوصل إليها الخبراء بعد، إلا أن الفيروس التاجي أبان منذ ظهوره قبل أكثر من عام ونصف على عناد كبير، بدليل أنه وباستمرار يطور متحورات جديدة كانت آخرها تلك التي ظهرت في الهند وهي أقوى من سابقاتها في بريطانيا أو جنوب إفريقيا أو البرازيل. ومن تمّ يميل العلماء إلى فرضية تجديد التطعيم سنوياً لمواجهة هذا الفيروس اللعين.
ألكساندر فروند/ و.ب