"شكوك في جدية الإصلاحات في الأردن"
٢٢ سبتمبر ٢٠١١يرى رئيس الدائرة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني أرشيد في حوار مع دويتشه فيله أن "التعديلات لا تحقق القفزة المطلوبة باتجاه تمكين الشعب الأردني من أن يصبح مصدرا للسلطات، فهي ما زالت متركزة بيد صاحب القرار أو صانع القرار" كتشكيل الحكومة وحل مجلس النواب، إضافة إلى أن مجلس الأعيان بقي أيضا يعين تعينا.
"مصداقية النظام على المحك "
ويعتبر بني أرشيد أن "هذه التعديلات لا تنقل الأردن إلى مرحلة التحول الديمقراطي" مطالبا بإضافة نص إليها يُكلف بموجبه رئيس الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة وأن يكون مجلس الأعيان منتخبا، إضافة إلى إيجاد ضمانات بعدم حل مجلس النواب.
ويؤكد زكي بني أرشيد على سلمية الحراك الشعبي في الأردن الذي يستوعب الآن فئات جديدة ووافدين جدد إلى الفعاليات الجماهيرية ويقول إن " النظام في الأردن أخف سطوة من الأنظمة التي جرى فيها التغيير" لذلك فان القوى الوطنية ما زالت تحافظ على شعار "الشعب يريد إصلاح النظام" بينما في دول أخرى كانت المطالبة بإسقاط النظام.
ويربط بني أرشيد رفع سقف المطالبات في الأردن باستجابة الحكومة للمطالب الشعبية، ويشير إلى أن الشعب ينتظر الإصلاحات الفعلية ومدى تطبيقها على أرض الواقع ويقول إن "مصداقية النظام الآن على المحك " مشيرا إلى الانتخابات البلدية التي ستجري قبل نهاية هذا العام، ويضيف "إذا عبثت الأجهزة الأمنية بالانتخابات فإن هذا يعني إيجاد دوافع أخرى للحراك الشعبي ربما تكون شرارة انطلاق لمرحلة جديدة في سقوف ومستويات العمل الشعبي والمطالبة بزيادة التعديلات الدستورية وربما تصل إلى ملكية دستورية.
"الملكية الدستورية مرفوضة"
في المقابل يؤكد العضو المؤسس لتيار المتقاعدين العسكريين في الأردن العقيد المتقاعد خالد المجالي في حوار مع دويتشه فيله رفض تيار المتقاعدين العسكريين المطالب بالملكية الدستورية "ما دامت الهوية الأردنية لم تحدد بشكل نهائي، من خلال قوننة قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية، الذي اتخذه الملك الأردني الراحل، الحسين بن طلال عام 1988، ووقف التجنيس، وتحديد من هو الأردني ومن هو الفلسطيني بشكل نهائي."
ويقول المجالي إن التعديلات المقترحة الآن يمكن اعتبارها مرحليا مقبولة وتلبي معظم المطالب السابقة للحراك الشعبي، مع وجود بعض التحفظات على ما ورد بخصوص الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أن تيار المتقاعدين العسكريين يرفض أن تكون لها أولوية على الدستور.
"التعديلات لم تكرس مفهوم المواطنة "
من جانبه يقول عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الأردني الدكتور فاخر دعاس في حوار مع دويتشه فيله إن التعديلات رغم ما حملته من ايجابيات لم تعالج الخلل الجوهري، المتمثل بتجاهل المبدأ الدستوري، وهو الشعب مصدر السلطات، والذي يتطلب تغيير آلية تشكيل الحكومات، وإقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة التنفيذية بتكليف الأغلبية البرلمانية بمهمة تشكيل الحكومة، والفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، لضمان احترام القوانين والحقوق والحريات التي كفلها الدستور.
ويضيف فاخر أن التعديلات الدستورية لم تساهم بالإبقاء على محكمة أمن الدولة وتوسيع اختصاصاتها في تعزيز وحدة واستقلالية القضاء، ولم تكرس من خلال إلغاء التمييز بين الرجل والمرأة مفهوم المواطنة ببعده الإنساني والقانوني.
وحول مناقشات مجلس النواب الأردني للتعديلات الدستورية يرى الدكتور فاخر أن المجلس ليس الجهة التي يتم التعويل عليها "فمجلس جاء وفق قانون تم رفضه شعبياً هو قانون الصوت الواحد، لا يمكن أن يكون صاحب الحق في إقرار تعديلات تاريخية". ويرى أن هذا المجلس هو ورقة بيد الحكومة والنظام، وبالتالي فإن سقف التعديلات التي سيقرها لن تتجاوز السقف الذي قدمته الحكومة والنظام.
"شكوك في جدية الدولة بإحداث إصلاحات حقيقية"
وفي هذا السياق يعتبر الكاتب والصحفي الدكتور محمد أبو رمان في حوار مع دويتشه فيله ذلك جزءا مما وصفه ب "الخربطة السياسية في البلاد" ويقول إن الأصل أن يناقش مجلس النواب التعديلات الدستورية، لكن "المجلس جاء بطريق غير مقبول شعبيا، وبقانون انتخاب عليه ما عليه، وبأسئلة حول نزاهة الانتخابات، فهو غير مؤهل بأن يقوم بمناقشة التعديلات الدستورية الموجودة وأنه قام حتى الآن بدور شكلي."
ويرى أبو رمان أن الطموح الشعبي يتناغم ويتزامن مع الربيع الديمقراطي العربي وهو يرفع من شان توقعاته بشكل مستمر، ويضيف أن التعديلات لا تلقى قبولا لدى القوى السياسية في الشارع، و"هناك شكوك عميقة في جدية الدولة بإحداث إصلاحات دستورية حقيقية، ومطالبة بزيادة مستوى التعديلات."
ويقول الدكتور أبو رمان إن المشكلة الحقيقية ليست في صلب التعديلات نفسها ولكن في أنها لم تأخذ حقها من الحوار وتسمع وجهات نظر القوى السياسية المختلفة "فهذا أضعفها وأفقدها قوتها السياسية أمام الرأي العام." ويشير أبو رمان إلى وجود ثغرات تسمح للسلطة التنفيذية بالهيمنة على السلطات الأخرى، وتحديدا في الصلاحيات المرتبطة بتشكيل الحكومة، فتشكيل الحكومة وحلها وحل البرلمان مناط بالملك.
ويرى أبو رمان أن مشكلة الحراك الشعبي الأردني تكمن بعدم وجود رؤية واضحة ومحددة وفي افتقاده لقيادة يمكن التوافق عليها، ويقول إن المعارضة فشلت في قيادة الحراك، كما أن هناك حركات شعبية في جنوب الأردن لها مطالب ربما تتفق سياسيا مع ما يطرح في العاصمة عمان، ولكن هناك الهوية الوطنية والشأن الاقتصادي والعدالة الاجتماعية المطروحة في الجنوب.
محمد العناسوة – عمان
مراجعة: منى صالح