خبير عسكري مصري: العمليات العسكرية ضد قوات القذافي تؤشر إلى صراع طويل نسبيا

تواصل قوات التحالف الدولي حملتها العسكرية ضد نظام العقيد القذافي من أجل فرض حظر جوي عليها لحماية المدنيين، طبقا لمقتضيات قرار مجلس الأمن الدولي الصادر بهذا الشأن. وقد أكدت قوات التحالف أنها تصيب أهدافها بشكل دقيق وأن الموجة الأولى من عملياتها مكنت من دخول خول منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا حيز التنفيذ. ومن جهته توعد القذافي بهزم "القوات الغربية" واتهمها بقصف المدنيين وهوما نفته القيادات العسكرية الغربية.

وفي حوار مع دويتشه فيله قال الخبير العسكري المصري، اللواء أركان حرب متقاعد، طلعت مُسلََم، إن مؤشرات العمليات العسكرية الدائرة حاليا في ليبيا تحمل على الاعتقاد بأن الصراع قد يطول نسبيا.

وفيما يلي نص الحوار مع اللواء أركان حرب المتقاعد، طلعت مُسلَّم:

دويتشه فيله: يقول العسكريون الغربيون أن أهداف العمليات العسكرية لقوات التحالف في ليبيا، تركز على فرض الحظر الجوي، فإلى أي حد في نظركم يمكن لهذه العلميات أن تؤثر وتشل قوات القذافي؟

اللواء طلعت مٌسلَم: دعني بداية أقول، بأن الادعاء أن العمليات العسكرية تركز فقط على الحظر الجوي هو أمر غير صحيح. فهناك أهداف تم قصفها، لاعلاقة لها لا بالحظر الجوي، ولا بحماية المدنين. أما بخصوص تأثير هذه العمليات على قوات القذافي، فيمكن القول بأنها فعلا ستضعفه وذلك عبر قصف القواعد الجوية الليبية ووسائل الدفاع الجوية الليبية المتواجدة في مناطق مختلفة. فكل هذا يسهل من عمل قوات التحالف في فرض الحظر الجوي في الأجواء الليبية.

ما مدى قدرة القذافي على الصمود في ظل القصف المركَّز. وهل ستؤدي هذه العمليات لسقوط النظام أم أنها فقط عنصر مساعد للثوار من أجل الإطاحة بالقذافي؟

نستطيع القول بأن العمليات العسكرية الدولية ستضعف قوات القذافي لكنها لن تقضي عليها. فأي قوة كيفما كان حجمها، لا يمكن القضاء عليها بمثل هذه الضربات. فهناك تجارب كثيرة لدول تعرضت للقصف الجوي لفترة طويلة، لكنها لم تستسلم رغم الخسائر التي تعرضت إليها جراء هذا القصف.

يلاحظ أن قوات القذافي وكتائبه تتوغل في المدن مثل مصراته وبنغازي. هل هي في نظركم خطة تكتيكية من قوات القذافي للهروب من القصف الجوي والتحصن بالمدن والمدنيين، أم أنه يسعى للسيطرة على المدن لإجهاض محاولات الثوار في استعادة زمام المبادرة؟

أعتقد أن كلا الاحتمالين قائمين. فمن جهة تحاول قوات القذافي السيطرة على المدن وبالتالي إنهاء المبرر من الضربات الجوية والتدخل الأجنبي الذي يدعي أنه يحمي الشعب الليبي. ومن جهة أخرى فإن اقتراب القوات الموالية للقذافي من القوات المناوئة له، يصعب على قوات التحالف القيام بعملياتها بشكل دقيق لصعوبة التمييز بين القوات المؤيدة والثوار.

ماهي طبيعة المشاركة العربية لحد الآن في العمليات التي تقوم بها قوات التحالف في ليبيا؟

حتى الآن لم نرى أي شيء بخصوص المشاركة العربية في هذه العمليات، وكل ما قيل في بعض الإذاعات، أن هناك طائرات من قطر تتجه إلى المنطقة. ولا ندري إلى أين تتجه ومن أين تستطيع المشاركة في هذه العمليات. فمن المعروف أن قطر دولة صغيرة وقوتها المسلحة محدودة للغاية، وبالتالي فإن مشاركتها في الحقيقة ستكون رمزية أكثر منها واقعية.

في ظل الانتقادات الموجهة لقوات التحالف بكونها استهدفت أيضا أهداف مدينة، ما مدى جدية هذه الاتهامات، وهل تعتقد ان القذافي ربما يكون بصدد استدراج قوات التحالف لضرب أهداف مدنية حتى يفقد قوات التحالف شرعيتها أم أن هناك سبب آخر؟

التجارب مع قوات حلف الأطلسي تؤكد أنها لا تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية. ولدينا أمثلة كثيرة عن ذلك مثل ما حصل في أفغانستان وأيضا العراق. وبالتالي فإن عدم تفريق قوات التحالف بين أهداف مدنية وأخرى عسكرية ليس بجديد عليها.

ما المقصود بالتهديدات التي أطلقها القذافي بضرب أهداف مدنية وعسكرية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وماهي جدية هذه التهديدات في نظركم؟

حتى الآن هذه التهديدات غير واضحة. ولكنها قد تعني أن القذافي يود القول، بأنه لن يتوانى في قصف أهداف تابعة لدول التحالف التي تشن العمليات العسكرية ضده إذا تمكن من الوصول إليها. خصوصا وأن القذافي يرى بأنه ليس لديه ما يخسره، فهو في جميع الأحوال يتعرض للقصف، وبالتالي إذا تمكن من ضرب أهداف تابعة لقوات التحالف، فإنه لن يضيف شيئا جديدا على اعتبار أنه في حر ب معها.

بشكل عام، كيف تنظرون لمستقبل الصراع العسكري بين قوات القذافي والثوار في ظل التطورات الجديدة؟

إذا سارت الأمور على النحو الذي تسير عليه الآن فسيتحول الأمر إلى صراع طويل نسبيا بين قوات القذافي والمعارضة، وسيحاول كل طرف بشتى الوسائل إنهاك قوة الطرف الآخر حتى يقضي عليه.

أجرى الحوارهشام الدريوش

مراجعة: منصف السليمي

طلعت مُسلَم حرب: لواء أركان حرب متقاعد وخبير عسكري ومحلل استراتيجي، مصري.