خبير ألماني: فرص النهضة بالفوز قوية لتعلمها من تجربة مصر
٢٦ سبتمبر ٢٠١٤ظهر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية متفائلاً وهو يتحدث عن ثقته بفوز حزبه في الانتخابات التشريعية القادمة. وأعرب الغنوشي عن أمله في منح الشعب التونسي الفرصة مجدداً لـ "النهضة" لقيادة الحكومة، بعد أربع سنوات من الثورة التونسية التي شهد خلالها البلد خمس حكومات وأزمة سياسية خانقة.
في هذه المقابلة الخاصة بموقع DW"عربية"، يتحدث لوتز روغلر، الخبير الألماني المتخصص في شؤون الجماعات والأحزاب الإسلامية، عن حظوظ حزب النهضة في الانتخابات التشريعية يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر القادم، مشيراً إلى الاختلافات بين تجربتي إخوان مصر وإخوان تونس.
DWعربية: كيف استقبلت تصريحات الغنوشي التي توقع فيها فوز حزب النهضة في الانتخابات التشريعية القادمة؟
لوتز روغلر: صراحة لا أستطيع أن أتوقع بشكل نهائي كيف ستكون نتائج الانتخابات التشريعية القادمة، إلّا أنني أعتقد أن حزب النهضة يملك شعبية كبيرة في تونس رغم العراقيل الكثيرة التي ظهرت خلال فترة حكمه. فالحزب نجح في الكثير من الرهانات، من بينها الحيلولة دون وقوع صدام بين المعسكر الإسلامي والمعسكر العلماني، وكذلك نجاح العملية الانتقالية في تونس.
ولكن ألا ترى أن العراقيل التي واجهت حكم النهضة التونسية سابقاً، ونتحدث هنا عن استقالة حمادي الجبالي، ثم استقالة علي العريض، فتشكيل حكومة تكنوقراط خالية من الأحزاب، ستجعل من الصعب على حزب النهضة إقناع التونسيين بأنهالخيار الأمثل؟
هذه العراقيل تواجه كل القوى التونسية وليس فقط حزب النهضة. أعتقد أن أي حزب لو كان في مكانه لواجهته التحديات نفسها، فالرهانات كبيرة في تونس خلال المرحلة الحالية، خصوصا الرهانات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وما يشفع للنهضة في نظري هو تخطيها للمرحلة السابقة دون توّرط في الفساد ودون مباشرتها لأي إجراءات قمعية في حق بعض الفئات المجتمعية، فما زالت سمعتها طيبة لدى المواطن التونسي، زد على ذلك أن الكثير من الأحزاب والتيارات التي تنافسها، إمّا أنها صغيرة وليست لها قاعدة جماهيرية كبيرة، أو أنها تعاني من تشرذم شتت جهودها.
هنا ينهض سؤال حول المقارنة بين تجربة حزب النهضة التونسي و حزب العدالة والحرية المصري، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، بمعنى فشل التجربة المصرية واحتمال نجاح التونسية مع أنهما ينهلان من نفس المنبع؟
الاختلاف يبقى نسبياً ومتبايناً من بلد لآخر، فجميع الأحزاب الإسلامية تنهل بشكل أو بآخر من مرجعية حركة الإخوان المسلمين أو تجد لها بعض التطابق في جذورها مع هذه الحركة. أعتقد أن ما يجعل الاختلاف واضحاً بين النهضة التونسية وحزب العدالة والحرية في مصر، هي قدرة الأولى على بناء توافق وطني وعلى استقطاب الفئات المهشمة وهو ما لم ينجح فيه إخوان مصر.
كما أظن أن السياق يتباين كذلك بين الاثنين، ففي مصر، كانت الدولة العميقة أقوى من مثيلتها في تونس، ورغبة المؤسسة العسكرية كانت واضحة في التدخل في الحكم، والنتيجة وصول عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة.
إذن، هل هناك من حزب إسلامي تراه أقرب لتصوّر حزب النهضة التونسي في البلدان التي شهدت موجات ما يُعرف بـ "الربيع العربي؟"
أرى أن تجربة حزب العدالة والتنمية في المغرب مشابهة لتجربة النهضة في تونس، فكلا الحزبين اعتمدا فكرة التوافق مع مكونات سياسية أخرى وعلى توسيع قاعدتهما الشعبية عبر استقطاب الفئات المهمشة، رغم أن السياق المغربي يختلف كثيراً عن السياق التونسي، حيث أن صلاحيات الحكومة في تونس أقوى بكثير من تلك التي تملكها الحكومة في المغرب.
قلت إنّ العديد من الأحزاب التي تنافس النهضة تعاني من مشاكل، لكن ألّا توجد بعض التنظيمات السياسية القادرة على خلق المفاجأة في الانتخابات التشريعية القادمة؟
يملك حزب نداء تونس حظوظاً كبيرة في الحصول على نسبة مهمة من الأصوات، فهو يجمع مجموعة من القوى التونسية، خاصة تلك التي تنتمي إلى الأنظمة السياسية السابقة كأنصار حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وأنصار ما يُعرف بـ "البورقيبية"، لذلك فالمهمة لن تكون سهلة أمام حزب النهضة.
لم يدفع حزب النهضة بمرشح في الانتخابات الرئاسية، هل هي محاولة من الحزب لتأكيد عدم رغبته في الهيمنة على الدولة التونسية كاستفادة منه ممّا وقع لإخوان مصر الذين اتهموا بأخونة الدولة؟
هذا أمر أكيد، فحركة راشد الغنوشي تريد طمأنة القوى التونسية إلى أنها لا تطمح للهيمنة على الدولة، خاصة وأنها أرادت من المرشح أن يكون توافقيا، وهو ما رفضته بقية الأحزاب التي شدّدت على ضرورة انتخابه بشكل مباشر من الشعب. حركة النهضة في رأيي واعية بطبيعة السياق التونسي، وهي تدفع بجهودها إلى الحكومة خاصة إن علمنا أن صلاحيات الحكومة أكبر وأهم من صلاحيات الرئاسة.
أجرى الحوار: إسماعيل عزام
لوتز روغلر: باحث ألماني مقيم في لايبزيغ، متخصص في حركات الإسلام السياسي وخصوصا في شمال إفريقيا.