حماس تثير جدلا في غزة ورام الله لفرضها قانونا لجمع الزكاة
٤ أغسطس ٢٠١٢اقتصاد بحلول شهر رمضان المبارك عقد رئيس مجلس أمناء هيئة الزكاة ووزير اقتصاد حكومة حماس المقالة علاء الرفاتي، بشكل مفاجئ، مؤتمرا صحفيا في غزة ليعلن عن انطلاق العمل بتنفيذ القانون الفلسطيني في تطبيق شعيرة الزكاة من خلال البدء باتخاذ إجراءات تحصيلها من الضرائب المُستحقة على الذين يمتلكون نصاب الزكاة، مثل الشركات والأفراد والشخصيات الاعتبارية. الرفاتى شدد على أن هذا الإجراء تم "بالتعاون مع وزارة المالية وفق نظام مالي مُحوسب يُسهل عمليه جمع الزكاة ممن وجبت عليهم".
بيد أن رامي الخطيب، مدير عام هيئة الزكاة التي شُكلت مؤخراً، أشار إلى أن"العملية ستكون اختيارية في بداية التطبيق ثم ستصبح إجبارية"، دون تحديد موعد مُحدد. الرفض جاء من رام الله من علماء ومسؤولي الأوقاف في السلطة. فقد عقد وزير الأوقاف ومفتى الديار الفلسطينية وقاضى القضاة مؤتمرا صحفيا مشتركا ردا على فرض قانون الزكاة. DW عربية حاورت بعض المختصين للوقوف حول شرعية وقانونية هذا القانون، وسط دهشة وتساؤلات عن مستقبل الهيئات والمؤسسات الخيرية الأهلية الخاصة بجمع الزكاة.
قانون يهدف "لجمع الزكاة وتقديمها للفقراء"
"هي هيئة حكومية مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي عن أموال الحكومة وتتمثل هذه الاستقلالية بوجود نظام وقوائم وموازنات وإدارات خاصة بالزكاة". هكذا أوضح الوزير الرفاتي (حكومة حماس بغزة) شكل الهيئة التي بدأ عملها منذ بداية شهر رمضان، لافتا إلى أن مجلس أمناء الهيئة وضع لوائح وأنظمة للتواصل والتعاون مع بعض هيئات الزكاة العاملة في العالم العربي والإسلامي" للاستفادة من خبراتها وأنشطتها ".
وعن توقيت إصدار القانون في رمضان هذا العام أشار رامي الخطيب أن قانون الزكاة تم إصداره سنة 2008 "بهدف تنظيم جمع الزكاة وتقديمها للفقراء". ويشير الرفاتي أن الحرب والحصار هما سبب تأخير تطبيق هذا القانون رغم تصديق مجلس وزراء حكومة حماس بغزة عليه عام 2010 والتي تم بموجبه تشكيل مجلس أمناء هيئة الزكاة الفلسطينية من نخبة من المتخصصين في مجال الشريعة الإسلامية والاقتصاد والإدارة ". ورأى الرفاتي أن" نظام الزكاة طُبق في العصور الإسلامية لمحاربة الفقر وإقامة التكافل الاجتماعي".
السلطة تعتبره باطلا وتحذر أهالي غزة
وردا على قانون الزكاة جاءت ردود عنيفة من خلال بعض الأحزاب والسلطة الفلسطينية ومفتي الديار الفلسطينية وقاضي القضاة. جميعهم اعتبروا قرار حكومة حماس بهذا الأمر "باطلا لا يجوز قانونا وشرعا". والبعض اعتبره استغلالا للأوضاع في غزة وتلاعبا في القوانين. حزب الشعب الفلسطيني اتهم حماس "بالسعي لتكريس نظام إسلامي خاص"، بخلق نظام قانوني جديد في غزة مختلف عن القانون الأساسي للسلطة الوطنية، ومخالفا بشكل أساسي لمضمون الدولة المدنية التعددية.
كما استطلعت DW عربية آراء بعض المواطنين الذين رفض معظمهم هذا القانون واعتبروا أن "الزكاة متعارف عليها بتقديمها بشكل طوعي". محمود الهباش وزير الأوقاف في حكومة سلام فياض برام الله ومحمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية ويوسف ادعيبس قاضي القضاة في مؤتمر صحفي مشترك رفضوا بشدة قانون حماس الخاص بالزكاة. الهباش دعا أهالي غزة إلى عدم التعاطي مع هذا القانون عازيا ذلك لأسباب متعددة منها أنه "لم يصدر أي قانون عن المجلس التشريعي أو عن الرئيس محمود عباس بقانون جمع أموال الزكاة". مضيفا أن "الزكاة فرض يُجبى وفق مرجعيات شعبية تطوعية أهلية دون إلزام أو إجبار ولا يوجد قانون بهذا الخصوص"، مشيرا إلى أنه سبق أن "طُرح على مجمع البحوث في الأزهر الذي رفض إصدار أي قوانين تخص الزكاة".
"لا يجوز شرعا أخذ الزكاة من الضريبة"
"الزكاة تُصرف بمصارفها الثمانية ولا تُصرف في تغطية نفقات الدولة .. والدولة الإسلامية لم تقم حتى تفرض الزكاة". رأى واضح وصريح عبر عنه محمد حسين مفتى الديار الفلسطينية. إلى ذلك قاضى القضاة يوسف ادعيبس يؤكد أنه في غياب الخلافة الإسلامية التي لديها بيت مال للمسلمين "فلا وجود لهيئة الزكاة، والأصل في إخراج الزكاة يكون من الإنسان نفسه للفقراء، أو التعامل مع المؤسسات المختصة في توزيعها".
DW عربية في حاورت مفتي خان يونس الشيخ حمدان شُراب لتوضيح موقف الشريعة من أخذ الزكاة من الضرائب، فأجاب الشيخ حمدان بأن هذا الأمر"لا يجوز على الإطلاق .. ولا يجوز احتساب الضريبة على أنها زكاة، مشيرا إلى أن الضريبة تعتبر إتاوات جبرية على الناس خوفا من العقوبات. وشدد مفتي خان يونس على أن "الزكاة لها أحكام خاصة تتعلق بها".
مؤسسات الزكاة الأهلية تواجه مصيرا مجهولا
وتنشط عشرات المؤسسات والجمعيات الخيرية الأهلية المُرخصة رسميا في قطاع غزة في توزيع زكاة المال على الفقراء والمحتاجين وفق آليات محددة. وأعربت تلك الجمعيات والمؤسسات عن دهشتها بتطبيق قانون الزكاة. كما أبدت خشيتها على إغلاق مكاتبها عقب إعلان حماس تشكيل هيئة خاصة بها لجمع الزكاة. جمعية دار الكتاب والسنة أطلقت بداية شهر رمضان الحالي حملة "فاستبقوا الخيرات"عبر مواقع ميدانية تستقبل الزكاة والصدقات.
محمد عاشور وأحمد الاسطل، وهما متطوعان في حملة "فاستبقوا الخيرات" قالا لـ DW عربية تعقيبا على قانون الزكاة لحكومة حماس "الأقربون أولى بالمعروف". وأضاف الناشطان أن" الزكاة لا تأتى عُنوةً لجهات غير معلومة". وأعرب مفتي الحملة الشيخ حمدان شُراب عن خشيته من مصير عمل الحملات الأهلية في غزة، مؤكدا أنه سيمتثل لتنفيذ قرار الإغلاق حال إصداره بحق الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي لا تسيطر عيها حماس.
شوقي الفرا – غزة
مراجعة: أحمد حسو