حكاية بنت نهر الراين الشقراء
٢٨ فبراير ٢٠٠٨لقد أودت لوريلي بنت الراين الشقراء بحياة الآلاف من البحارة، فكلما مروا بسفنهم قرب جبل لوريلي ووجهوا أنظارهم إلى قمة الجبل ليتأملوا شعرها الطويل الأشقر متدليا إلى الأسفل، ينجذبون إليها وينسون قيادة سفنهم ويغرقون. هذه هي أسطورة الجبل الصخري الشامخ الذي يقع قرب مدينة سانت غوار سهاوزن المجاورة لنهر الراين.
أسطورة عاشت في الفن وماتت في أجساد تماثيل بلاستيكية
إن القليلين يعرفون كيف ارتبطت هذه الأسطورة بهذا الجبل. ولكن بعض الأعمال الفنية نسجت حول هذه الأسطورة أو حاولت تفسيرها مثل إنشاد الشاعر الألماني الرومانسي كليمينس فون برينتانو ما معناه: "عند الراين عاشت بنت ذات جمال ساحر.. أخذت القلوب وسلبت المشاعر.. ولم ينج من أفعالها إلا القليل النادر".
وفي إحدى الحكايات الشعبية جاء:
".. وفي يوم من الأيام وصلت لوريلي إلى حالة عميقة من الحزن لأن حبيبها البحار تركها وحيدة. فذهبت إلى أسقف الكنيسة لتطلب منه أن يقتلها، لكن هذا الأخير وقع أيضا في حبها وأرسلها إلى دير الراهبات، وقبل أن تصل الدير صعدت الجبل وأطلت على نهر الراين في الأسفل وظنت أنها رأت حبيبها في النهر فتردت من أعلى الجبل وماتت".
هذه الأساطير والحكايات لم تختف مع مرور الزمن، فإلى اليوم يقول البعض إنه رأى لوريلي على أعلى الجبل تمشط شعرها الأشقر الطويل. ولقد اكتشف أثرياء أنجلترا هذا الجبل في القرن التاسع عشر وأصبحوا يرتادونه للسياحة والاستجمام، ومن وقت طويل يتوافد السياح من داخل ألمانيا وخارجها لزيارة هذا الموقع الشهير. ومنذ وقت مبكر استغل التجار والصناع في المنطقة هذا الأمر كمصدر للرزق. فصنعوا التماثيل والتذكارات التي لا تزال تباع هناك إلى اليوم. ومع الوقت تحولت أسطورة لوريلي بنت الراين، العشيقة المهجورة، إلى تمثال من البرونز لعروس بحر عذراء أو أحيانا أخرى إلى مجرد دمية بلاستيكية، أو نقش على كوب لتجرع الجعة.
الأسطورة تحيى من جديد
ولا يقتصر جمال المنطقة على جمال الأسطورة المحيطة بجبل لوريل، فالمنطقة هي عنوان مثالي لمحبي التجوال في الطبيعة ومشاهدة الأنواع المختلفة من النباتات والأزهار التي تشتهر بها تلك المنطقة التي تم اختيارها عام 2002 جزءا من التراث الإنساني العالمي. ولتجسيد التراث الغني للمنطقة قرر المسؤولون حفر تماثيل تصور تاريخ المنطقة وذلك على صخور جبل لوريلي نفسه.
وعلى الرغم من أن الآلاف من السياح يأتون إلى المنطقة سنويا، إلا أنه ليس هناك سوى فندق واحد. وربما يرى البعض في ذلك تدنيا في مستوى الخدمات، إلا أنه من ناحية أخرى حفاظ على جمالية المنطقة وأصالتها. لذلك فإن المرء لا يستطيع بالفعل أن يتذوق جمال المنطقة، إلا في وقت الغروب عندما تغادر أفواج السياح الجبل، ويبدأ المرء بسماع خرير الماء وزقزقة العصافير لتدب الحياة في أسطورة الجبل من جديد.