جون برينان ـ كاتم أسرار أوباما في قمة السي آي إيه
١٠ يناير ٢٠١٣ينحدر جون برينان من أسرة من المهاجرين الإيرلنديين في نيو جيرسي. وبعد تخرجه من مدرسة ثانوية كاثوليكية التحق في منتصف السبعينات من القرن الماضي بجامعة فوردهام الكاثوليكية في نيو يورك ليصبح قسيسا. إلا أن ذلك تغير، عندما عثر في عدد من صحيفة نيو يورك تايمز على إعلان جاء فيه أن وكالة المخابرات المركزية (CIA) تبحث عن عملاء جدد. هذا الإعلان غير مسار حياة برينان ودفع به إلى السير في طريق يبدو أنه سيؤدي بعد 25 سنة من العمل في الوكالة إلى التربع على قيادتها.
أبرز رجل أمن في إدارة أوباما
سيصبح برينان بعد فترة قصيرة أبرز رجل أمن في إدارة أوباما، إذا لم يعترض مجلس الشيوخ على تعيينه. فبرينان عمل منذ أربع سنوات في البيت الأبيض كأهم خبير في شؤون مكاحة الإرهاب. "لا أعرف معنى أوقات الاستراحة. لا أحتاج إليها"، يقول برينان. أوباما أشاد بمساعده الأمني ووصف حرصه على العمل بأنه أسطوري وأضاف قائلا: "لست متأكدا أنه نام أبدا في السنوات الأربع الماضية".
يبدو برينان مرشحا مناسبا جدا لقيادة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إذ عمل في الوكالة لفترة طويلة وخبرته واسعة في المجال الأمني. وعلاوة على ذلك يعتبر خبيرا في شؤون الشرق الأوسط ويجيد اللغة العربية. وهو مدير سابق لمكتب الشرق الأوسط للوكالة في السعودية. وهذه خبرات مفيدة في فترة تعتقد الولايات المتحدة فيها أن دولا إسلامية بشكل خاص تهدد أمنها.
"هل ستتحول السي آي إيه إلى جهاز متخصص في قتل الإرهابيين؟"
"أعتبر أن قرار أوباما بترشيح خبير معترف به لمنصب مدير وكالة المخابرات المركزية بدلا من سياسي من خارج محيطه أو عسكري أمر إيجابي"، حسب قول المحلل السياسي يورغ فولف في حديث مع DW. "إذا تولى عسكري الوكالة، فإن هناك خطر أنها ستصبح نوعا من آلة لقتل الإرهابيين. وكان هذا هو أحد الانتقادات، عندما تم تعيين سلف برينان الجنرال بترايوس". ويشكل ترشيح برينان الذي يعرف أيضا قسم التحليل في الوكالة جيدا، دليلا على عودة الوكالة إلى تنفيذ مهماتها الأساسية، كما قال فولف.
علاوة على ذلك يعتبر برينان مقربا من الرئيس أوباما إذ تعاون معه في السنوات الأربع الماضية بصورة جيدة جدا، كما قال المحلل السياسي الألماني. "قام برينان بدور مهم في تنفيذ عملية اغتيال أسامة بن لادن وبرنامج الطائرات دون طيار".
هذا الأخير بالذات يثير انتقادات شديدة، فمنتقدو برينان يرون فيه محرك برنامج هذه الطائرات الرامي إلى قتل أشخاص في باكستان واليمن والصومال. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن خبير أمني قوله: "إن برينان يشير أسبوعيا إلى قائمة تتضمن أسماء أشخاص يريد مصرعهم. ولا أعرف كيف يمكن أن يتغير ذلك بعد توليه منصب مدير وكالة المخابرات الأمريكية المركزية".
"ينبغي إجراء نقاش قبل تعيينه"
"يوضح كل ما نعرفه أن برينان هو مهندس تصعيد حرب الطائرات دون طيار"، كما قال الصحفي الأمريكي أليكس زايتس فالد في حديث مع DW. ويضيف زايتس بأن "قائمة القتل تعود إليه أيضا. ورغم أنني لا أقول إنه من الضروري منع تعيين برينان مديرا للسي.آي.إيه، إلا أنه ينبغي قبل تعيينه إجراء مناقشة شاملة بشأن هذا البرنامج".
انتقادات بشأن موقف برينان من "أساليب الاستجواب القاسية"
يكمن انتقاد مهم ثان موجه ضد برينان في أنه قبل في فترة رئاسة جورج بوش كمسؤول كبير في وكالة سي.آي.إيه استخدام أساليب تعذيب أثناء استجواب متهمين. "عمل في الوكالة في فترة توفرت لديها فيها سجون سرية وتم فيها نقل معتقلين من بلد إلى آخر"، كما قال زايتس فالد. "علاوة على ذلك أُستخدمت في فترة حكومة بوش أساليب الاستجواب القاسية، مما يعني التعذيب من حيث المبدأ".
كان برينان قد تعرض لهذه الانتقادات في خريف عام 2008 أيضا، عندما رشحه أوباما لأول مرة لتولي منصب مدير وكالة المخابرات الأمريكية المركزية. ورغم أن برينان رفض الانتقادات آنذاك، إلا أنه رفض بالنظر إليها تولي المنصب أيضا.
كان برينان في السنوات الأربع منذ ذلك الحين ناجحا إلى حد كبير. وعندما قتل جنود أمريكيون الإرهابي أسامة بن لادن، تابع برينان مع باراك أوباما وهيلاري كلينتون وغيرهما من أبرز السياسيين هذا الحدث على شاشات البيت الأبيض. وعندما قام شخص بقتل 12 شخصا في دار سينما، كان برينان هو الذي أطلع الرئيس على ذلك. وينطبق ذلك أيضا على المجزرة التي حصلت في مدرسة ابتدائية في مدينة نيوتاون. وقدم برينان كمستشار رئيسي في بعض الأحيان مرات عدة يوميا إلى الرئيس أحدث المعلومات المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
"وضع حد للحياة من أجل حمايتها"
سيساهم تولي برينان في تقوية فريق مساعدي أوباما الجديد التي سينتمي إليها أيضا جون كيري كوزير للخارجية وتشاك هاغيل كوزير للدفاع، فجميعهم خبراء قدامى يشاركون أوباما في موقفه البراغماتي من قضية معاملة الدول المارقة وغيرها من الدول. ويتسم هؤلاء باستخدام لهجة معتدلة وصرامة شديدة في آن واحد، إن دار الأمر حول تنفيذ مصالح الولايات المتحدة. "من الضروري للأسف في بعض الأحيان وضع حد للحياة من أجل حمايتها"، هذا ما قاله جون برينان، الذي أراد في يوم ما أن يصبح رجل دين.