تونس: سجال إعلامي حول الهيئة العليا للسمعي ـ البصري
٩ يونيو ٢٠١٣ترى شيراز الرحالي، وهي شابة تعمل في مركز للاتصال، أن "المستوى الإعلامي بات أكثر تدنيا من السابق وهذا خطير". وتصر شيراز في تصريحها لـ DW عربية على ضرورة أن تكون الهيئة صارمة في القيام بمهامها خاصة فيما يتعلق بتنظيم وسائل الإعلام وضبط شروط الدخول للعمل بهذه المؤسسات مع العمل على تحييدها عن كل العمل السياسي، وإلا فسيكون مصيرها إغراق القطاع في مزيد من الضبابية والضياع.
وتوضح شيراز موقفها بأن الأهم هو إلزام الصحفيين بميثاق أخلاقيات المهنة وهذا ليس مسا بحرية الإعلام بقدر ما هو احترام للمتلقي الذي لم يعد يثق في ما تقدمه وسائل الإعلام. وتضيف شيراز لـ DW عربية أن الطفرة الإعلامية ليست بالإشكال الخطير بقدر ما تقتضي الضرورة تحديد مصادر تمويل بعض المؤسسات الإعلامية على غرار بعض المؤسسات التي تدور حولها بعض الشبهات.
الطفرة الإعلامية عائق أم وجه من وجوه التعددية
لا تشاطر عبير ذويب، العاملة في مؤسسة لسبر الآراء، شيراز الرأي بشأن خطورة الطفرة الإعلامية بل تؤكد أنها (الطفرة) قوام التعددية وعماد حرية التعبير وهذا يحتاج إلى تنظيم لا إلى تقليص عدد المؤسسات الإعلامية التي ظهرت بعد الثورة. وتفسر عبير ذلك بأن التعدد يعكس اختلاف الآراء الذي فرضته الساحة السياسية ومن حق الأقليات أن تكون لها وسيلة إعلامية تمثلها ولكن في إطار الحفاظ على النظام العام ودون أن تتجاوز الهيئة دورها التعديلي.
من جانبها ترى درة الوافي، الطالبة في معهد الصحافة أن الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري لم تتجاوز إلى الآن مجرد هيكل صوري غير فاعل على اعتبار أن الهيئة لم تبدأ نشاطها بعد. و تتهم درة الهيئة بعدم الشروع في وضع خطة واضحة لعملها المستقبلي وتدعوها إلى الأخذ بعين الاعتبار أنها هيئة خاصة بالإعلام السمعي البصري فقط، مشيرة إلى أن كامل القطاع الإعلامي يحتاج إلى تعديل خاصة في مجال الصحافة المكتوبة والإلكترونية.
موقف الإعلاميين بين المباركة والتخوف:
ويعرب الصحفي بإذاعة شمس إف إم الخاصة مكي العوني عن اعتقاده أن تأسيس الهيئة وتفعيل مهامها أمر ايجابي جدا بالنسبة للقطاع خاصة وأن الأسماء الموجودة في الهيئة "تفرض الاحترام من كل النواحي". ويقول مكي في حوار مع DW عربية إن الهيئة تنتظرها العديد من التحديات الكبيرة في القطاع. ويضيف: "نظريا بإمكان هذه الهيئة القيام بمهامها على أكمل وجه ولكن عمليا مهمتها صعبة أمام السلطة ككل سلطة تريد السيطرة أو التأثير على الإعلام خاصة أمام غياب إرادة حقيقة لدعم هذه الهيئة من قبل السلطة."
ولحطاب الفازعي، الصحفي بجريدة يومية ناطقة باللغة الفرنسية، رؤيته بشأن الهيئة والتي تتشابه ورؤية مكي حيث يؤكد أن لا اختلاف في أهمية هذه الهيئة التي من شأنها أن تساهم في تنظيم قطاع الصحافة المرئية ووضع أسس سليمة من شأنها أن ترتقي بالإعلام عموما ودعم التحول الديمقراطي في البلاد.
و يبدي حطاب الفازعي تخوفه البالغ من مراجعة التعيينات على رأس التلفزة الوطنية و الإذاعات وإعادة النظر في القوانين الأساسية المنظمة للمرفق العمومي من أجل اعتماد مقاييس متعارف عليها دوليا في تسييرها وضبط المسؤوليات داخلها. ويؤكد الفازعي لـ DW عربية أن الأمور ليست هينة ناهيك عن النهوض بالوضعية الهشة للصحافيين وتحسين أوضاعهم المهنية.
الهيئة توضح
ومن ناحيته أكد النوري اللجمي، رئيس الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري في حديث لـ DW عربية أن القطاع "شهد بعد الثورة انفلاتا كبيرا يعود إلى عدم وجود إطار قانوني ينظمه بالإضافة إلى سلوك بعض الفاعلين في المجال السمعي البصري، الذي يتنافى مع الأسس المهنية والأخلاقية". وأضاف اللجمي بأن هذا الأمر أثر سلبا على تطور المجال السمعي البصري التونسي وعلى الإعلام بشكل عام مما جعل من إصلاح هذا القطاع الحيوي ضرورة مطلقة بمطالبة أهل المهنة.
وردا على بعض الشكوك بشأن خطة الهيئة، قال اللجمي إن "الهيئة تعتزم تعزيز حرية التعبير والاتصال ودعم تحرير القطاع باتباع المعايير المتفق عليها من شفافية وعدل في منح الترددات والتراخيص وعبر ضمان التعددية ونوعية المعلومات". ويضيف رئيس الهيئة أنه سيعمد هو وأعضاؤها إلى تحديد دور وسائل الإعلام العمومية وطبيعة مهمتها لتلبية احتياجات الجمهور في وصول المعلومة إليه.
للخبراء آراؤهم:
وتقول سلوى الشرفي، الأستاذة في معهد الصحافة وعلوم الأخبار بأن الصعوبات ستأتي من ثلاث قوى: القوة المالية والسياسية والصحفية. وتؤكد الشرفي بأن من بين وظائف الهيئة مراقبة مصادر تمويل القنوات التلفزيونية لتفادي شراء الذمم واحتكار أحد الأثرياء لعدد هام من وسائل الإعلام أو تخفي حزب سياسي وراء قناة لخدمة أغراضه الدعائية تحت غطاء الإعلام. كما تراقب الهيئة أي "محاولة من قبل السلطة في تركيع الإعلام أو استخدام وسائل الإعلام للدعوة للعنف والكراهية من طرف بعض الصحفيين وغياب المهنية وعدم احترام أخلاقيات المهنة".
وتتخوف الأستاذة سلوى الشرفي من إمكانية أن تجد الهيأة نفسها في صراع مع الصحافيين ومع أصحاب القنوات. و تعتبر أن من أخطر الصعوبات مراقبة التمويل والمضمون خلال الحملة الانتخابية حيث أن تسارع الوتيرة في وقت وجيز سيعسر من مهمة الهيأة حتى و إن استعانت بلجان مراقبة.