تسريح العمال يصل إلى عملاقة الاتصالات الألمانية "تيلكوم"
مع الانخفاض المتواصل لأرباح قطاع الاتصالات السلكية خلال السنوات القليلة الماضية، ونظرا لشدة المنافسة بين شركات الاتصالات العالمية، قررت شركة الاتصالات الألمانية " تيلكوم" تسريح حوالي 32 ألف عامل خلال السنوات الثلاث القادمة. هذا القرار يلقي بظلاله على الاقتصاد الألماني الذي يعاني من تراجع نسب النمو في السنوات السابقة ومن نسبة بطالة عالية وصلت الى 12 بالمائة. وتشمل عملية التسريح بالأخص قطاع أنظمة تقنية المعلومات (T-Systems) والقطاع الاداري. وبناء على ذلك أعلن اتحاد نقابات العمال (فيردي) عن البدء بإجراءات مناهضة لهذا "القرار الجائر بحق العمال" الذي يأتي بعد أن سجلت شركة الاتصالات الألمانية أرباحا قياسية في السنوات القليلة الماضية، على حد قول النقابة . من جهة أخرى أعلن مدير دائرة الموظفين في " تيلكوم " هاينتس كلينكهامر عن تنازل الشركة عن شروط إلغاء عقود العمل، قائلا: "لقد تم الاتفاق داخل الشركة على إلغاء شروط إنهاء العمل حتى نهاية عام 2008." واعتبر أن تسريح العمال "سيكون مقرونا بتعويضات شخصية". وأشار كلينكهامر إلى أنه لن يتم استثناء ألـ 47 ألف عامل والمثبتين في الشركة، قائلا: "إن هناك محادثات جارية حول ضرورة إحالة العمال إلى التقاعد في سن مبكرة"
التسريح للعمالة الخارجية أيضا
وتضيف معلومات شركة الاتصالات " تيلكوم " بأن قرار التسريح سيشمل أيضا سبعة آلاف موظف يعملون لدى مؤسسة التوظيف "فيفينتو" التابعة للتلكوم على أن يتم تشغيل هؤلاء لصالح شركات أخرى أو في مركز الاتصال التابع للمؤسسة. وقد قام مكتب العمل الداخلي التابع لتلكوم يشغل حوالي 16.500 موظف من العمال السابقين الذي عملوا في الشركة سابقا. يذكر ان شركة تيلكوم قامت بتسريح حوالي 100 ألف عامل منذ ادراج أسهمها في سوق البورصة قبل عشر سنوات.ويبلغ عدد العاملين لدى شركة تيلكوم في هذه الأيام 250 ألف عامل، منهم 170 ألفا داخل ألمانيا. وفي نفس الوقت تعمل الشركة على توفير حوالي 6000 آلاف فرصة عمل جديدة في مراكز خدمة العملاء المعروفة باسم "تي– بونكت". وستخصص هذه الوظائف لقطاع الاتصالات القائم على تقتية الالياف الضوئية المتطورة. وكانت تيلكوم قد أعلنت أن عملية التوظيف هذه وأية توظيفات مستقبلية أخرى تعتمد بالدرجة الأولى على قرارات سياسية حكومية وأخرى مرتبطة بتطورات سوق العمل، محذرة "من أنه إذا اتخذت على سبيل مثال قرارت حكومية من شأنها ان تعطل المضي قدما في انشاء شبكات الاتصال عبر الالياف الضوئية، فإن ذلك سيقود الى تسريح حوالي خمسة آلاف موظف آخر."
منافسة قوية
اعتبرت شركة تيلكوم أن تغيرات السوق والمنافسة القوية هما التي دفعتا الشركة لاتخاذ مثل هذا القرار. رئيس الشركة كاي - أوفي ريكي قال في هذا السياق: "إن التحول العالمي في قطاع الاتصالات والتطور التكنولوجي الكبير، إضافة إلى تغير شروط وظروف المنافسة في عالم الاتصالات السلكية وضعت الشركة أمام تحد كبير. وفي الوقت الذي يتم فيه تسريح بعض العمال في قطاعات عمل الشركة الأصلية، يمكن زيادة الموظفين في قطاعات أخرى". في الوقت ذاته اتهم نائب رئيس اتحاد نقابات العمال "فيردي" فرانتس تريمل، اتهم رئيس شركة تيلكوم بعدم المسؤولية، معتبرا أن وضع الشركة جيد جدا، مشيرا بذلك إلى أرباح الشركة الفائضة. وانتقد تريمل العضو في هيئة النقابات ونائب رئيس مجلس إدارة تيلكوم هذه الخطوة قائلا: "يجب الآن على الموظفين دفع الحساب، على الرغم من أن هؤلاء دعموا وساعدوا الشركة على الخروج من أزمتها في السنوات السابقة."
تفاؤل لدى المساهمين
من جهته تأسف ميشائيل جلوس من الحزب الديمقراطي المسيحي والمرشح لمنصب وزير الاقتصاد في الحكومة القادمة قرار تيلكوم مع تفهمه لذلك قائلا: " ليس بإمكاننا التظاهر فقط بالاحتفاظ بأماكن عمل غير قائمة ولا يمكن الاستفادة منها." من جهتها رحبت البورصة بقرار الشركة تسريح العمال، إذ ارتفعت أسعار أسهم الشركة إلى 2.69 بالمئة بعد الإعلان عن القرار، وبذلك يصل سعر السهم إلى 14.89 يورو، ليسجل مؤشر داكس (DAX) الألماني أرباحا واضحة. وكانت شركة الاتصالات الألمانية تيلكوم قد سجلت في العام الماضي نسبة دخل كبيرة وصلت إلى 57.9 مليار يورو، رافعة بذلك نسبة أرباحها إلى 4.6 مليار يورو. ومن المنتظر أن ترتفع هذه النسبة في العام الحالي أيضا.
زاهي علاوي – دويتشه فيله