تأثير كورونا.. طيور مهاجرة تعمّ لبنان فتشغل أهله في منازلهم
١٧ أبريل ٢٠٢٠وجدت الطيور المهاجرة في سواحل البلد المطل على البحر المتوسط هدوءً لم تعهده وشوارع خلت من سكانها مع بقاء اللبنانيين في منازلهم بسبب فيروس كورونا المستجد.
أسراب البجع الأبيض واللقالق التي تحلق فوق كورنيش بيروت إلى طيور البلشون الصغيرة التي تعشش في الأحياء المأهولة، أثارت اهتمام رواد وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان ونبهتهم إلى جمال مشاهد الطيور الزائرة الذي يتمتع به عادة عشاق هواية مراقبة الطيور في المناطق النائية. ولابد أنّ المشهد سيطرزه صوت أيقونة لبنان فيروز وهي تصدح "يا طير يا طاير عاطراف الدنيا".
ويعتبر لبنان من أهم مسارات الهجرة في العالم للطيور المهاجرة التي تشد الرحال من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا. ويشارك في هذه الرحلة مئات الملايين من الطيور في كل ربيع، وتتوقف بعضها لساعات وأخرى لأسابيع في لبنان حتى تصبح ظروف الرياح ودرجات الحرارة مواتية بالنسبة لها للمضي قدماً في رحلاتها المتطاولة التي تصل إلى آلاف الكيلومترات.
لكن هذا المشهد لا يلمحه بشكل عام سوى محبي هواية مراقبة الطيور الذين يسعون لالتقاطه في المناطق النائية مثل سهل البقاع الخصيب، وهو نقطة عبور رئيسية للطيور المهاجرة.
ومع ذلك يبدو الأمر مختلفا تماماً هذا العام، إذ يقول ماهر أسطة، وهو مدير مشروع في جمعية حماية الطبيعة في لبنان "حتى في المدن، يلتقط مراقبو الطيور والمصورون صوراً لطيور لم نرها من قبل، بالقرب من الشاطئ، وليست مجرد طيور النورس".
ورصدت جمعية حماية الطبيعة في لبنان أعشاشاً لنوعين من الطيور المهاجرة، وهما القطقاط شوكي الجناح والبلشون الأبيض الصغير، في بيروت والضواحي المحيطة بها وعشرة أنواع من الطيور لم يتم رصدها سابقاً في هذه المناطق المكتظة بالسكان.
كما ظهر قرب الطيور إلى الأرض بشكل أكثر وضوحا في منطقة مستنقعات عميق في سهل البقاع.
وقال عزت طه، وهو مزارع في قرية المنصورة بالقرب من منطقة عميق "هناك طيور صغيرة أراها في حديقتي للمرة الأولى. ولا أعرف السبب وراء ذلك. ربما تشعر بارتياح أكثر مع وجود ضوضاء أقل وسيارات أقل وطائرات أقل". وأضاف "أنا لا أعرف ما يحدث في الطبيعة لكن هذا شيء جيد".
ويقول السكان إن حيوانات مثل ابن آوى الذهبي تتجول يومياً عبر البساتين بقرب غير معتاد من منازل الناس أثناء حالة العزل التي تفرضها السلطات للمساعدة في كبح انتشار فيروس كورونا.
ومع خلو المسارات المخصصة للمشي من حركة الزوار المعتادة، ظهرت مجموعات كبيرة من ضفدع الشجر الصغير، المعروف علمياً باسم الضفدع السافيجني، تتقافز في الأرجاء المحيطة بمنطقة المستنقعات. وقال أسطة عن الضفادع ذات اللون الأخضر الفاتح التي لا تتعدى حجم الإبهام: "في الظروف الطبيعية، لن تراها على الإطلاق".
وقال أسطة "عندما تحاول حماية الطبيعة في بلد لا يهتم 90 بالمئة من سكانه بالطبيعة، فالأمر لا يشبه السباحة ضد التيار فحسب، بل مثل السباحة ضد تسونامي.... لكن الأمور تتغير ببطء". ولو كان وديع الصافي قد رأى هجرتها ذاهبة عن أرض لبنان فسيودعها بأغنيته "ياطير يا طاير على جناح الهوا، كيف أهلي كيف صاروا على النوى".
م.م/ ص.ش (رويترز)