بعد نجاح "الموصل".. هكذا تقتحم نتفليكس البيوت العربية
٤ ديسمبر ٢٠٢٠هو أول فيلم روائي بلهجة عربية تحصل منصة نتفليكس على حقوق توزيعه على الجمهور بشكل حصري بعد عرضه في المهرجانات، غير أن البداية لم تكن بموضوع سهل، بل بتحرير مدينة الموصل من قبضة "داعش".
لم تعلن نتفليكس عن عدد المشاهدات منذ طرح الفيلم نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، غير أن شعبيته جد مرتفعة على منصة IMDB الخاصة بالأفلام والمسلسلات، محققا تقييم 7.3 على عشرة، وهو تقييم جيد جدا بالنسبة للأفلام.
غير أن الفيلم ليس إنتاجا عربيا، فالشركتان الأساسيتان في الإنتاج هما شركة الأخوين روسو AGBO، اللذان سبق لهما أن أخرجا عدة أعمال سينمائية في نوع الأكشن، وكذلك شركة Condé Nast Entertainment.
أخرج الفيلم ماثيو ميشيل كارناهان، وهو أول أفلامه كمخرج بعدما كتب سيناريوهات أفلام ناجحة كـ World War Z. وأدى أدوار البطولة ممثلون معروفون في هوليوود كالممثل وليد القاضي وآدم بيسا.
يحكي الفيلم قصة وحدة من القوات الخاصة العراقية متكونة من مجموعة من المقاتلين المحليين الذين لهم ذكريات سيئة مع "داعش" بعد احتلاله للمدينة، كالضابط كاوا الذي قُتل أحد أفراد عائلته. ويبيّن الفيلم الفظاعات التي تورط بها "داعش" والكفاح المرير الذي قامت به القوات العراقية لأجل تحرير المدينة من أخطر تنظيم إرهابي شهدته منطقة الشرق الأوسط في العشرية الأخيرة.
ومن التعليقات التي حصدت إعجابا على منصة IMDB ما كتبه مستخدم بالقول إن الفيلم قوي جدا من الناحية التقنية، وإنه أفضل من كثير من أفلام هولييود ذات الميزانيات العالية. ويضيف: "ليس هناك أبطال في الفيلم، مشاهد الحركة كانت وحشية لكنها واقعية إلى حد كبير. خلاصة القول الفيلم يبدو حقيقيا بشكل كبير، ومن ذلك خلفية الأنقاض في المدينة.. ما يثير إحساسا بالحزن في ثيمة الفيلم".
ووضع موقع rottentomatoe الخاص بدوره بتقييم الأفلام معدل 7.3 في تقييم النقاد للفيلم. ومن الآراء الناقدة التي استشهد بها، ما كتبه ريتشارد روبر على موقع "شيكاغو سان تايمز" من كون الفيلم "مؤلم ومرهق في بعض الأحيان، لكنه كذلك تكريم لمجموعة من الرجال الطيبين والمحترمين الذين أصيبوا في مشاعرهم، وأحياناً في أجسادهم بسبب الحرب، لكنهم رفضوا الاستسلام".
محتوى لا يتناسب مع الجمهور؟
غير أن منصة نتفليكس، ورغم تحقيقها لأرقام تجارية كبيرة وصلت إلى حوالي 200 مليون مشترك عبر العالم، إلا أن سمعتها ليست وردية في المنطقة العربية، ولاحقتها انتقادات بعرض مسلسلات غربية متهمة بالتشجيع على "الإباحية" في مجتمعات تصنف بأنها محافظة، وبإقحام المشاهد الجنسية بشكل غير متسق مع مضمون العروض.
فضلا عن ذلك، فأول مسلسل عربي حصلت على حقوق توزيعه الحصرية، وهو مسلسل "جن"، طالته موجة تنديد واسعة، منها تصريح المفتي العام للأردن، محمد الخلايلة الذي وصف العمل بأنه "انحدار أخلاقي وقيمي لا يمثل عادات الأردنيين وأخلاقهم وهو خروج عن التعاليم الإسلامية".
أخرج المسلسل مخرجان من الأردن ولبنان، وشارك في أدائه الكثير من الممثلين الأردنيين الذين أدوا أدوار مراهقين في المرحلة الثانوية، تجمعهم علاقات صداقة وحب. تضمن المسلسل مشاهد مثيرة للجدل وُصفت بـ"الخادشة للحياء" سواء بالنسبة لما تم إظهاره أو للحوار المرفق.
كما تعرّضت المنصة لانتقادات بعد عرضها مسلسل "فوضى" الإسرائيلي، والذي اتهمته وسائل إعلام عربية كموقع الجزيرة بأنه يحوّل "معاناة الفلسطينيين إلى مجرد تسلية"، وأنه يصوّر الفلسطينيين على أنهم "مخلوقات مخيفة وغريبة تعيش في أماكن لا تجرؤ القوات الخاصة على المغامرة بدخولها".
غير أن العمل حقق تقييما عاليا (8.2 على منصة نتفليكس)، وأشاد به الكثير من المعلقين، إذ ذكر واحد منهم إنه قارب الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني بـ"موضوعية وإنصاف"، كما نجح في استعراض القصة بـ"إنسانية وحب وعلاقات عائلية وصداقة".
مستقبل باهر
ويظهر المسلسل الثاني العربي الذي تعرضه نتفليكس حصريا أقل ضجة من سابقه وأكثر حصدا للإعجاب، وهو المسلسل المصري "ما وراء الطبيعة" المستوحى من أعمال أحمد خالد توفيق، محققا تقييماً جد عالي يجعله من بين الإنتاجات الناجحة في نتفليكس خلال عام 2020.
نجاح المسلسل سيفتح الباب لأعمال عربية أخرى على المنصة، خصوصا في ظل القيود الكبيرة على دور السينما بسبب جائحة كورونا، وتراجع شعبية القنوات الفضائية المخصصة للأفلام والعروض التلفزيونية، بعدما صارت منصات الفيديو حسب الطلب، هي الخيار الأبرز لمشاهدة مثل هذه الأعمال.
وتتوقع دراسة لـ Digital TV Research أن يرتفع عدد مشتركي نتفليكس من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى حوالي عشرة ملايين في أفق عام 2025، حوالي نصفهم من البلدان العربية، ما سيجعلها تصير مستقبلا الخدمة الأولى للفيديو حسب الطلب بالمنطقة. ويشير تقرير لفوربس أن نتفليكس استطاعت مضاعفة عدد مشتركيها في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا ما بين 2017 و 2019 إلى 132 بالمئة.
إسماعيل عزام