برنامج "البرنامج" يقدم الصراع السياسي المصري في قالب ساخر
٢ يناير ٢٠١٣حينما تقترب الساعة الحادية عشر مساء يوم الجمعة تشهد المقاهي والبيوت في مصر حركة غير طبيعية. المقاهي تبدأ برص صفوف من المقاعد كما لو أن هناك مباراة كرة قدم هامة مرتقبة، وليمتلئ المقهى بعد ذلك بالشباب. وفي البيوت تجتمع الآسر أمام شاشة التلفاز رغم مشاغل أفرادها. وحينما تدق الساعة الحادية عشر تماماً تتوقف الأحاديث الجانبية ويتسمر الملايين امام شاشة CBC ليطل عليهم وجه نجم البرنامج السياسي الساخر باسم يوسف مرحباً بجماهيره بمقولته الشهيرة "اهلاً بكم في برنامج البرنامج".
على مدار ساعة من الزمن تتعالي الضحكات بشدة في أوساط الشباب ومؤيدي التيار المدني والمعارضة، فيما يستشيط غضباً كثير من مؤيدي التيار الإسلامي. وذلك نتيجة دأب يوسف على انتقاد أفعال ومواقف قيادات التيار الإسلامي لاسيما تلفظ بعض الشيوخ المنتمين له بألفاظ نابية على شاشات القنوات الدينية، وكذلك تناقض مواقفهم السياسية قبل وبعد الثورة وبعد تولي رئيس تابع لتيارهم للحكم. البرنامج الذي يعيش موسمه الثاني أثار ضجة كبيرة في المجتمع المصري مؤخراً، بل وقدمت عدة بلاغات ضد يوسف وبرنامجه بتهمة إهانة الرئيس وغيرها من التهم.
"البرنامج يكشف تناقضات شيوخ التيار الإسلامي"
في أحد المقاهي بحي مدينة نصر تواجدت DW عربية وسط جموع المشاهدين لحلقة باسم يوسف الأخيرة. ووسط ضحكاته المتعالية تحدث أحمد سعيد لـ DW عربية قائلاً: "باسم أصبح الوحيد القادر على اضحاكنا في ظل ما نعانيه مع الإخوان". ويرى سعيد أن يوسف استطاع أن "يكشف حقيقة بعض شيوخ التيار الإسلامي" والذين في رأيه كانوا يقومون "بخداع الناس" بإسم الدين.
وعلى الجانب الآخر، عبر سيف محمد عن إعجابه بالبرنامج بشدة، ويقول لـ DW عربية: "لم نعتد أن نرى مثل هذا النوع من البرامج في العالم العربي. وتكمن ميزة هذا البرنامج انه يجمع ما بين جدية الرسالة والطرح السهل السلس بصورة ساخرة". ويعتقد محمد أن الشكل الساخر للبرنامج جعل وصوله إلى الناس أسهل. ويتابع محمد قائلاً: "البرنامج يمتعك ويجعلك تضحك وأنت تتلقى الرسالة، التي إذا ما طرحت بشكل آخر ربما على طريقة البرامج الحوارية العادية قد تثقل كاهلك بالهم".
وكان لـ DW عربية حديث أيضاً مع رامي جمال الذي جلس أمام التلفاز يدخن الشيشة مطلقاً العنان لضحكاته، ويرى أن غضب جمهور التيار الإسلامي من باسم يوسف وبرنامجه، دليل على نجاح يوسف. ويقول جمال لـ DW عربية: "الغضب في التيار الإسلامي يأتي بسبب أن باسم قد كشف حقيقة قادتهم الذين دائماً ما يستشهدون بقوله تعالى وأقوال الرسول ثم يفعلون عكس ما يقولون". واستطرد: "لا مبرر لهذا الغضب عموماً فباسم لم يأت بالكلام من عنده بل ما يسخر منه هو ما يأتى على ألسنة هؤلاء الشيوخ أنفسهم".
"لا يجب أن نسخر من العلماء حتى ولو أخطأوا"
أما آراء جمهور التيار الاسلامي حول برنامج "البرنامج" وصاحبه باسم يوسف، فعكسها لـ DW عربية، المهندس أحمد الشريف الذي يقول إن يوسف "يأثم إثماً شديداً" في تقديمه لهذا البرنامج. ويرى الشريف في الأسلوب الساخر تعارضاً مع الآية القرآنية: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ". ويقول الشريف لـ DW عربية: "لقد تعدى باسم يوسف حدود النقد إلى الإستهزاء بالناس وذكر سيئاتهم، ولا يذكر شيئاً من حسناتهم وهو ما يخالف منهج المسلمين ومنهج الرسول". ويقول إن يوسف يثير من خلال برنامجه الفتنة والبغضاء والشحناء بين المسلمين مما سيحاسب عليه يوم القيامة". وعن مزاعم محبي البرنامج بأن يوسف لا يعرض سوى ما قاله الشيوخ أنفسهم من تناقضات وألفاظ خارجة أحياناً، يقول الشريف: "هو يقتطع أجزاء خارج سياق الحديث لهؤلاء الشيوخ فقط ليخدم غرضه رغم أن تلك الألفاظ ليست مستقلة بذاتها فهي جزء من حديث طويل أو حوار".
ولا يرى الشريف البرنامج مضحكاً كما يصوره البعض، بل يعتقد أن الجمهور الذي يملأ مقاعد المسرح الذي يصور فيه باسم حلقاته يضحك "بأوامر المخرج" - على حد قوله – مشبهاً ذلك بالموسيقى التصويرية للأفلام. وفي نهاية حديثه لـ DW عربية قيم الشريف البرنامج بقوله: "البرنامج ليس له هدف سوى الإضحاك لمجرد الإضحاك".
ووافقه الرأي الشاب محمد صلاح الذي يرى في برنامج باسم يوسف استخفافاً بعلماء الدين - على حد قوله. ويقول صلاح لـ DW عربية: "لا يصح أن يسخر مسلم من علماء دينه الأجلاء بهذا الشكل الذي يجعلهم عرضة للسخرية من أتباع الديانات الآخرى". وأضاف صلاح: "حتى وإن أخطأوا لا يجب أن يتم انتقادهم بهذا الشكل".