الموت يتربص بممثلي وسائل الإعلام في العراق
١٥ مايو ٢٠٠٦نظرا لازدياد الوضع الأمني في الأراضي العراقية خطورة في الأشهر الماضية في ظل إنزلاق عراق ما بعد صدام إلى ما يشابه حرب أهلية ضروس، تشكو وسائل الإعلام العالمية عامة والغربية بصورة خاصة، من نقص المعلومات الواردة إليها من العراق. فمن الملاحظ أن غالبية الصحافيين الأجانب غادرت الأراضي العراقية، كما أن وكالات الأنباء العالمية تعتمد في استقائها للمعلومات على مراسلين محليين تبدو أيديهم مقيدة عندما يدور الحديث عن جمع معلومات حساسة عن خروقات وانتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها المدن العراقية. فمن جانبها، اعتبرت منظمة "مراسلون بلا حدود" العراق أخطر بلد في العالم إذا دار الحديث عن سلامة وأمن ممثلي وسائل الإعلام.
ووفقا لمصادر هذه المنظمة الحيادية، التي تعرف بنزاهتها ومصداقية معلوماتها، فإن ثمانين صحفيا على الأقل لقوا منذ اندلاع الحرب في العراق في عام 2003 حتفهم. وبسبب تردي الوضع الأمني في الأراضي العراقية، فإن معظم الصحافيين يرابطون في الدول المجاورة للعراق مثل الإمارات العربية المتحدة أو الكويت. وفي محاولة لتبرير الموقف بخصوص إقبال وسائل الإعلام الغربية على مغادرة العراق، قال أحد العاملين في وكالة الأنباء الألمانية "دي بي إيه" في حديث مع دويتشه فيله إن البقاء في العراق في الوقت الحاضر هو ببساطة " تهور له عواقبه الوخيمة". هذا ولم تستطع كاترين إيفرس المتحدة الرسمية باسم منظمة "مراسلون بلا حدود" في مقابلة مع موقعنا إعطاء أرقام دقيقة عن عدد الصحافيين الأجانب المتواجدين في العراق في الوقت الحاضر، قائلة إن ممثلي وسائل الإعلام لا يرجعون إلى المنظمة عندما يقررون التوجه إلى العراق.
الصحافيون العراقيون هم الحل
وفي محاولة للبحث عن حلول لمعضلة شح المعلومات الواردة من العراق، تعتمد وكالة الأنباء الألمانية، مثلها مثل وكالات الأنباء العالمية الأخرى، على موظفين عراقيين محليين لا يلفتون الأنظار إليهم كصحفيين وبالتالي تكون فرص اختطافهم أقل من فرص اختطاف زملائهم الأجانب. وتتلخص مهام ممثلي وسائل الإعلام الغربية من العراقيين في مراقبة وسائل الإعلام المحلية وتصريحات الحكومة الرسمية. وتقول وكالة الأنباء "أسوشايتد برس" إنها مُمثلة من خلال مكتب يتخذ من العاصمة العراقية مقرا له ويعمل فيه صحافيون أوروبيون وأمريكيون، مشيرة إلى أن بعضهم يقيم في العراق بصورة مؤقتة والبعض الآخر بصورة دائمة. أما وكالتا الأنباء الألمانية "دي بي إيه" والفرنسية "أ ف ب" فإنها تقول إن عشرات الموظفين من العراقيين يعملون لها في المدن العراقية مثل بغداد والفلوجة وكربلاء.
الأخبار تأتي متأخرة
إلى ذلك، يعاني نشاط الصحافيين العراقيين العاملين لوكالات الأنباء الأجنبية وخاصة فيما يسمى بـ"المثلث السني" من ثغرات بسبب الوضع الأمني المتدهور. هذا ما يشير إليه تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" الذي صدر في مارس / من العام الجاري. وفي هذا الخصوص تقول كاترين إيفرس إن مساحات شاسعة من الأراضي العراقية لا يتم تغطية أحداثها، الأمر الذي يؤدي إلى وصول الأخبار في بعض الأحيان في وقت متأخر. وفي حين تشكو المنظمة من قلة حرفية الصحافيين العراقيين وعدم اعتمادهم على الأساليب الصحفية في التنقيب عن مصادر معلوماتهم، تؤكد المنظمة أن ظهور وكالات أنباء عراقية مثل وكالة "أصوات العراق" هي بوادر لظهور إعلامي عراقي مستقل وحر. وتعتمد هذه الوكالة التي تأسست في نهاية عام 2004 على مراسلين محليين منتشرين في معظم الأراضي العراقية وعلى الصحف العراقية. وتعتمد وكالة "أصوات العراق" في عملها على دعم وكالة "رويترز" للأنباء وعلى برنامج الأمم المتحدة التنموي وكذلك على وكالة الأنباء الإسبانية. في الوقت ذاته تؤكد المتحدة الرسمية باسم منظمة "مراسلون بلا حدود" على أن الخطر بدأ أيضا يتربص بالصحافيين المحليين.